المواقف الصلبة

 

محمد رامس الرواس

"العلماء ملح البلد" الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله.

**********

كان العالم الجليل العز بن عبدالسلام يقف بكل شموخ وجرأة يَخطب في النَّاس ويوجههم للتصدي للأعداء، فظل طيلة حياته رحمه الله يرفع من همم الأمة وينطق بما جاء في القرآن الكريم وبما وَرد عن الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم.

والعلماء المستنيرون بهدى الله يتعدى دورهم التوعية والدعوة في المجتمعات إلى أدوار عُليا هي بمثابة حمل الأمانة الكبرى عند حدوث الحروب والكوارث والأزمات التي تحل بالأوطان سواء كانت قضايا سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية فيصدحون بقول الحق بكل ثقة وصدق وأمانة، وما أشد احتياجنا اليوم إلى هذه الفئة من العلماء وهذا النوع من الأدوار المناطة بهم في ظل ما يحدث حاليًا في غزة من قصف وتهجير وإبادة تقوم بها الآلة الحربية الإسرائيلية المدعومة بمساندة دولية.

إنَّ الأحداث التاريخية التي ارتبطت بالمآسي في تاريخ الأمة تجد لها من العلماء الأجلاء من يقوم بتوجيه القيادات والنَّاس بما يرضي الله ورسوله، فالمسؤولية عظيمة والمواقف الإيمانية مطلوبة وبذل المساعي الصادقة الحثيثة للاصطفاف ضد أعداء الأمة من أكبر المسؤوليات التي تناط بالعلماء، فعندما يقوم العلماء بمواقفهم الثابتة عند الأحداث الجسام التي تتعرض لها الأمة إنما يمهدون بذلك الطريق - بإذن الله تعالى - إلى النصر، وما أحوجنا اليوم لمثل هذه المواقف لتنير البصائر التي اختلت عند البعض.

منذ اليوم الأول للحرب على غزة وقف الشيخ الجليل أحمد بن محمد الخليلي مفتي عام السلطنة، موقف عالمٍ يُشرفنا جميعًا وأطلق حديثه الصادق والواضح كالعادة في مثل هذه المواقف الصلبة والثابتة مما جعل له احتراما عالميا وقدرا كبيرا بين علماء المسلمين، فقد انتقد- حفظه الله- تخاذل الأمة الإسلامية، لا سيما العرب، عن نصرة إخوانهم في فلسطين وفي الدفاع عن مشروعية الاستبسال لأهل غزة وكتائبها الباسلة للذود عن أرضها في مواجهة الكيان الإسرائيلي وكان مما قاله حفظه الله: "وفق الله المُقاومة الفلسطينية في الدفاع عن حقوقها المشروعة واستبسالها في مواجهة العدو الغاشم المحتل". ولقد كان لهذه الكلمات وقع عظيم وصدى في نفوس المتلقين لها، فالإعلان عن ضرورة دعم المجاهدين في غزة وأنحاء فلسطين عامة موقف صريح من الشيخ وجد مساندة من الحكومة العُمانية الرشيدة فأثنى هو بدوره على ذلك فقال: "إنا لنشكر حكومتنا الرشيدة بجميع مؤسساتها المدنية والعسكرية وعلى رأسها عاهل البلاد المفدى حفظه الله".

ونحن بدورنا كمواطنين نشكر شيخنا الجليل، ونفتخر بالمواقف الصلبة التي وقفها ووقفتها سلطنتنا الحبيبة ومنها الدعوة إلى محاكمة العدو الصهيوني بجرائم الحرب التي اقترفها. وهكذا عند الأزمات والحروب والكوارث تتجلى فضائل العلماء وتتضح مواقفهم ويبرز ثباتهم في قول الحق والصدوح به.