دروس مستفادة من غزة

 

سالم كشوب

أحداثُ السابع من أكتوبر الماضي أعادت إلى ذاكرة الكثيرين مأساة إنسانية لشعب عانى منذ أربعينات القرن الماضي، ولا يزال، من تكالب العالم الغربي ضد حقه المشروع في العيش في أرضه بسلام شعب محاصر تُمارس عليه أبشع القوانين والإجراءات في أطول سجن بشري شهده العالم، وبالتالي لا نستغرب ردة فعله في التعبير عن حقه في دفع الظلم والقهر الذي يعانيه وعايشته أجيال من الشعب الفلسطيني التي رغم كل الجراح والآلام لا تزال تدافع عن حقها في وطنها الأصلي، وهي تدافع عن أمة عربية كانت سابقا تعرف بنجدة المظلوم والوقوف ضد الظالم، ولكن ظروف التخاذل والتحالف الغربي في زرع كيان محتل مسموح له بممارسة كل الجرائم الإنسانية هو ما عاناه هذا الشعب الأبي الصامد، الذي رغم الظروف كلها يقف شامخا مدافعا بكل عزة وكبرياء عن حقه المشروع.

أحداث طوفان الأقصى مهما اختلف المحللون في أسبابها، فقد حملت لنا العديد من الدروس والعبر لمن أراد أن يتعلم من دروس التاريخ، وأول هذه الدروس انكشاف زيف وادعاءات الغرب بالديمقراطية ونبذ العنف، وهو ما شاهدناه من وقوف الدول الغربية مع العدو المحتل في جرائمه وصمت المنظمات الدولية في حرب الإبادة والجرائم التي مورست ضد الأبرياء في غزة، والتي لم تسلم منها المدارس والمستشفيات وأماكن العبادة؛ وبالتالي سياسة الكيل بمكيالين من تشدق بهذه القوانين عندما تتعلق القضية بالدول العربية وسياسة الصمت عندما يكون الحديث عن الكيان المحتل أصبحت ظاهرة للعيان.

ما يحز في النفس مشاهد الإبادة الجماعية المتعمدة للأبرياء العزل وعدم القدرة على إدخال عبوة ماء أو دواء للأبرياء في هذا السجن الذي يقبعون فيه، وكذلك نبرة التهديد والوعيد من هذا الكيان لمن يحاول أن يتدخل لإنقاذ هؤلاء الأبرياء في ظل الدعم الكبير واللامحدود من الدول الغربية، وتوافد رؤساء تلك الدول والتعبير عن تضامنهم وتأييدهم لإجرام الكيان المحتل.

وفي المقابل لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا مُهمًا ومؤثرًا في كشف إجرام العدو المحتل وهزائمه الكبيرة التي تكبدها في أرض المعركة، وأظهرت مدى قوتها وتأثيرها الكبير متفوقة على وسائل الإعلام التقليدية، كما أظهرت شجاعة الفلسطيني وإيمانه بعدالة قضيته من جانب ومشاهد الهروب الجماعي لمواطني هذا الكيان المحتل إلى المطارات؛ لأنهم بالأساس ليسوا أصحاب قضية عادلة، وإنما مزدوجو الجنسية، وجُنِّسُوا في مكان اُحْتُلّ وبالتالي لن يدافعوا عن وطن ليس بوطنهم وأرض ليست بأرضهم، ولا يملكون إلا الضعف والجبن والغدر.

أحداث طوفان الأقصى أعطتنا درسًا بعدم الاعتماد والرهان على من أحدث الخراب في بعض الدول العربية من أجل وقف إرهاب العدو المحتل، فمن ساهم في إضعاف قدرات بعض الدول العربية وجعلها تعاني ويلات الحروب والدمار لن يكون في يوم من الأيام طرف في نصرة القضية الفلسطينية، وإنما فقط يمارس مسرحيته الهزلية المتكررة، والتي للأسف لا يزال يصدق فصولها البعض.

ختامًا.. نرجو النصر المبين للأشقاء في فلسطين، وأن يعيشوا بسلام واستقرار، وأحداث التاريخ تؤكد أن الوطن واستقراره هو الأهم دون الاهتمام ببعض شعارات الديمقراطية وبيع الوهم، وأن نحمد الله على مختلف النعم التي نعيشها في حياتنا؛ فدقيقة من الأمن والاستقرار والطمأنينة تعادل الكثير، والعبرة بمن تجرع مرارة الحروب والاغتراب بعد تصديقه للوهم الذي التي نشره ممن يقتات على حساب الشعوب.