لا تربطهما صلة

 

أحمد بن موسى البلوشي

 

الشخصية البشرية هي نتاج مزيج من العوامل، مثل القيم، والمُعتقدات والسلوكيات، والتصرفات، والمشاعر والعواطف التي تشكل جزءًا كبيرًا من هويتها. هذه العوامل يمكن أن تؤثر إلى حد بعيد على تفاعلات الفرد مع العالم والمجتمع من حوله.

وإضافة إلى ذلك، تؤدي العوامل النفسية والاجتماعية دورًا في تحديد سلوك الإنسان. فعلى سبيل المثال، قد يكون الطفل الذي ينشأ في عائلة داعمة وإيجابية أكثر ثقة بالنفس من الطفل الذي ينشأ في بيئة قاسية. وقد يكون الشخص الذي يتعرض للعنف أو الإهمال في طفولته أكثر عرضة للإصابة باضطرابات نفسية وسلوكية.

كما تُسهم العوامل الوراثية والبيئة المحيطة، والتجارب الشخصية بدور في تحديد السمات الأساسية للشخصية، فالوراثة تؤدي دوراً في تحديد بعض السمات الأساسية للشخصية، مثل الميل إلى الانطوائية أو الانبساط، والميل إلى القلق أو الهدوء. في الوقت ذاته تلعب البيئة والتجارب الشخصية دورًا حاسمًا في تشكيل الشخصية وتطورها.

الشخصية البشرية ليست ثابتة وهي قابلة للتغيير والتطور على مدار الحياة. هذا الفهم يرتبط بمفهوم ما يعرف بـ"نمو الشخصية" أو "تطوير الشخصية"، والذي يشمل التغيرات والتطورات التي يخضع لها الفرد على مر الزمن. هذا التغيير يمكن أن يكون نتيجة لتجارب جديدة، والتعلم من الأخطاء، والتحسن الشخصي مما يُؤثر في الشخصية البشرية.

والمعرفة والعلم يؤديان دورًا مهمًا في تشكيل الشخصية؛ حيث يمكن أن يساعد الفرد على فهم العالم من حوله واتخاذ قرارات أفضل، ويمكن أن يسهم في تشكيل شخصية الفرد من خلال تزويده بأدوات ومفاهيم جديدة، ولكن الاستجابة لهذه المعرفة والطريقة التي يتفاعل بها الفرد معها تعتمد إلى حد بعيد على شخصيته وسماته الفردية.

الشهادات العلمية والإنجازات الأكاديمية هي مجرد مؤشرات على مقدار المعرفة والتعليم والمهارة التي يمتلكها الشخص في مجال مُعين، إلّا أنها لا توفر نظرة شاملة على شخصيته أو قيمة أو سلوكه، وتلعب الممارسات اليومية دورًا مهمًا في تشكيل شخصية الفرد وفهمه الشامل؛ فالسلوك اليومي للشخص، والتصرفات المختلفة التي يقوم بها، وتفاعله مع الآخرين، إضافة إلى قيمه وأخلاقياته تشكل جزءًا أساسيًا من هويته وشخصيته؛ بل وتؤدي دورًا جذريًا في تشكيل هذه الشخصية.

لهذا السبب، يجب أن تُقَيَّم الشخصية الفردية بناءً على مجموعة من العوامل التي تشمل الأخلاقيات الشخصية، والتصرفات اليومية، والتعامل، وطريقة التواصل مع الآخرين، والقدرة على التعامل مع المواقف المختلفة، كذلك العلم والشهادات والتحصيل الأكاديمي مُهمة جدًا في تشكيل الشخصية، ولكنها تكون جزءًا بسيطا فقط من شخصية الفرد، فمن الخطأ أن تحكم على شخصية أي فرد من خلال الشهادات وكمية العلم لديه، ولذلك، فإنَّ الحكم على الشخص لا ينبغي أن يستند إلى شهاداته العلمية فقط، بل يجب أن يستند إلى مواقفه الشخصية، وممارساته، وسلوكياته المجتمعية، وتعاطيه مع المواقف المختلفة التي تمر عليه.

تعليق عبر الفيس بوك