الدروس الخصوصية.. ظاهرة عشوائية بدون تأطير

 

د. محمود البلوشي

لا تُوجد في سلطنة عُمان أي لائحة تنظيمية تنظم ظاهرة الدروس الخصوصية، ولا حتى في قانون الجزاء العُماني لم يرد ما يفيد الإباحة أو التجريم لتلك الظاهرة، ولا قرار وزاريًا تطرق لتلك الظاهرة، عدا ما ورد في قانون الخدمة المدنية الصادر في المواد (103- 104- الفقرة (أ- ب- ط)"يمنع الموظفون من الجمع بين وظيفة وأخرى ولا بُد أن يكون الموظف أمينا مخلصا في عمله" والتعميم الصادر بتاريخ 14/11/2017م من المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة ظفار للتأكيد على منع الدروس الخصوصية وأعطي التعميم درجة (هام جدا).

كل ما ذُكر أعلاه جعل من ظاهرة الدروس الخصوصية في سلطنة عمان تسير وتتفشى بعشوائية دون تأطير، وهذا هو ما يبحث عنه القائمون على تلك الدروس لأجل أن يتم التلاعب بأسعار الدروس الخصوصية دون رقابة وهذا هو الحاصل الآن في السلطنة. وتأتي محافظة مسقط في المرتبة الأولى من حيث تفشي تلك الظاهرة. وعند الحديث عن الأسباب التي تؤدي الى تفشي تلك الظاهرة نوجز منها: ضعف مستويات الطلاب التحصيلية، وضيق وقت الحصة الدراسية، وكثرة أعداد الطلاب في الصف، والعديد من الأسباب الأخرى، وتتجلى في التقليد الأعمى؛ كون أن ظاهرة الدروس الخصوصية أصبحت موضة ووسيلة تباهٍ وتفاخر وتفاضل بين الطلبة وذويهم.

والدارس والمطلع على الأنظمة التربوية القديمة للمدارس الغربية والعربية، يجد أن هناك بعضًا من العلوم كانت حكرًا على أبناء الطبقة المخملية مثل (الفلسفة والموسيقى والفنون)، وبالتالي على ولي الأمر ألّا يكلف نفسه فوق طاقاته وإمكانياته، ولا يلجأ إلى الدروس الخصوصية، ويجتهد ليذاكر الدروس مع أبنائه خيرا له من الدروس الخصوصية، عملا بقول الرسول عليه الصلاة والسلام "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".

أما أهم السلبيات لتلك الظاهرة، فتتمثل في: تشجيع المتعلم على الاتكالية والاعتماد الكلي على المدرس الخصوصي، وقتل الرغبة لدى المتعلم في البحث والاستقصاء عن المعرفة والمعلومة لأنه متأكد أنه سيتحصل عليها من المدرس الخصوصي. أيضا العبء المادي الذي ترتبه على الأسرة المتوسطة والمنخفضة الدخل.

رسالتي إلى معالي الدكتورة وزيرة التربية والتعليم الموقرة بضرورة إيجاد لائحة تنظيمية تنظم الدروس الخصوصية لتسير وفق أنظمة وآلية متبعة تحمي المُعلِّم والمُتعلم.

تعليق عبر الفيس بوك