صرخة.. صرختان.. ثلاث صرخات!

 

د. مجدي العفيفي

عازف الناي وجوهرة الأفعى

يخرج الرجل البسيط عصر كل يوم ليعزف لحنه الجميل إلى الأفعى فيطربها، لتلقي إليه بالجوهرة الثمينة، فيأخذها ويذهب ليبيعها، ويضبط على ذلك إيقاع حياته ومعيشته.

وذات يوم مرض الرجل فأرسل ابنه ليعزف للأفعى، ولم يكن ماهرا ولا مقتنعا بذلك فكانت الأفعى ترفض أن تلقي إليه بالجوهرة، فلم تكن منسجمة معه، فاغتاظ الابن، فكل محاولاته تفشل معها، فإذا به ينقض على الأفعى بفأسه فيقطع ذيلها، فما كان منها إلا أن هجمت عليه وقتلته..

وبعد حين.. عاد الرجل الأب ليعزف لحنه للأفعى. لكنها خرجت إليه لتقول له: «لا أنا ح أنسى قطع ذيلي، ولا أنت ح تنسى موت ابنك»(!!!).

أيها "الثأر".. إلى متى؟

والى متى ستظل الأفعى تقول لعازفها "لا أنا ح أنسى قطع ذيلي، ولا أنت ح تنسى موت ابنك".

أيتها "الجوهرة" أنت سر الانشطار..

أيتها "الجوهرة" كم من الجرائم ترتكب باسمك..

أيتها "الجوهرة" اطفئي بريقك..

فالبريق حريق.. وكفانا احتراقا واختراقا.

أيتها "الأفعى" عودي إلى جحرك..

أيها "العازف» احتطب وأشعل نورك لا نارك.. وكفاك كسلا.. وموتًا.

إن في الموت حياة !!

هذه القصة بدلالتها الحكيمة، الرابضة في أعماق المأثور الشعبي، تصور- في تصوري- ما يحدث في المشهد الراهن حولنا.. حين أنظر إليه وأراه- وغيري كثيرون- بالصورة الأعم: ثأر.. انتقام.. انتقاص.. ضغينة.. حقد.. دين وديناميت.. فقر فكر.. وفكر فقر..قبح أكثر من جمال.. عذاب يطغى على عذوبة.. ألم يخنق أملا.. حلم لا يتم ولا يتحقق.. وإن تحقق فهو خادع.. حقيقة تائهة في واقع مخادع.. أيام أطول من ساعاتها.. كوابيس تجهض النواميس.. مصابيح تطفئها الخفافيش.. زحام مرعب في كل شيء وفي الزحام لا أحد يسمع أحدا.. نميمة وشك ويقين مراوغ - إن وجد - فتن من حيث لا نحتسب.. بقرات عجاف أكثر من السمان.. التهام.. وعدم التئام.. جوع فكري.. وجمهور سياسي متوحش فكيف نطعمه قطعة شيكولاتة؟! كيف لقرص إسبرين أن يعالج السرطان..؟! لا فواصل للتواصل.. وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضا عيانا!.. انفجار.. انشطار.. انهيار.. أنهار من التهديد والوعيد.. مربعات متناحرة.. ومرايا غير متجاورة.. حرف«الراء» سيظل يشطر كلمة «حب» مع أنها حرفين فقط!

هل من لحظة إفاقة؟

***

ثلاثية هدم المجتمعات

يقول أحد المستشرقين- ومعظمهم مغرضون كانوا يقومون بعمليات تدمير المجتمعات الشرقية بأسلحة القوة الناعمة- إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث هي:

- اهدم الأسرة.

- اهدم التعليم.

- اسقط القدوات والمرجعيات.

نعم، لكي تهدم اﻷسرة؛ عليك بتغييب دور (الأسرة وخاصة دوراﻷم) اجعلها تخجل من وصفها بـ"ربة بيت" إنَّ تدمير الأسرة يعتبر أحد العوامل الرئيسية في هدم حضارة الأمة؛ فالأسرة هي الخلية الأساسية في المجتمع، وعندما تتعرض الأسرة للتفكك والانهيار، فإن ذلك يؤثر سلبًا على القيم والمبادئ التي تنشأ عليها الحضارة. ومن أمثلة هذا التدمير تفكك العلاقات العائلية وارتفاع معدلات الطلاق وانتشار ظاهرة الأسر غير المكتملة. لذا، يجب العمل على تعزيز دور الأسرة وتعميق الروابط الأسرية للحفاظ على استقرار الحضارة.

ولكي تهدم التعليم؛ عليك بـ"المعلم" لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه؛ إذ يعتبر تدمير التعليم واحدًا من الوسائل الرئيسية لهدم حضارة الأمة. فالتعليم هو السبيل لنقل المعرفة وتطوير الأفراد والمجتمع، وعندما يتعرض التعليم للإهمال والتدهور، فإن ذلك يعرض الحضارة للتخلف والركود. ومن أمثلة هذا التدمير تراجع جودة التعليم ونقص التمويل وتفشي الأمية. لذا، يجب العمل على تعزيز النظام التعليمي وتطويره للارتقاء بحضارة الأمة.

ولكي تسقط القدوات؛ عليك بـ"العلماء"، اطعن فيهم قلل من شأنهم، شكك فيهم حتى لا يسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد، ذلكم أن إسقاط النماذج القدوة والمراجع يعد وسيلة فعَّالة لهدم حضارة الأمة. فهي التي تلهم وتحفز الأفراد وتوجههم نحو الإيجابية والتقدم، وعندما يتم إسقاط هذه النماذج وتشويهها، فإن ذلك يؤثر سلبًا على روح الحضارة وقدرتها على التطور. ومن أمثلة هذا التدمير هو تشويه صورة القادة والعلماء والشخصيات المؤثرة في المجتمع. لذا، يجب العمل على بناء نماذج قدوة قوية وموثوقة وتعزيز قيم الأخلاق والنزاهة في المجتمع.

وهكذا، إذا اختفت (الأسرة الواعية) واختفى (المعلم المخلص) وسقطت(القدوة والمرجعية) فمن يربي النشء على القيم؟

وسلام قولا من رب رحيم. ولا عزاء في الميديا التي تصيغ وتصبغ سلوكيات الأجيال الجديدة المتحركة على الساحة الآن وغدا.

والقادم مرعب.

فهل من مدكر؟

***

مفارقات.. ونفحات.. ولفحات

- سقطت شجرة فسمع الكل صوت سقوطها.. بينما تنمو غابة كاملة ولا يسمع لها أي ضجيج ! ( الناس لا يلتفتون لتميزك بل لسقوطك)..!

- الورد لا يبوح باحتياجه للماء .. إما أن يسقى أو يموت بهدوء .

- بعض المنعطفات قاسية! لكنّها إجبارية لمواصلة الطريق..!

- ﻣﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﺍﻟﻐﺮﺑﺎﺀ ﺣﻴﻦ ﻳﺼﺒﺤﻮن ﺃﺻﺪﻗﺎءﻨﺎ ﻗﺪﺭًﺍ! ﻭﻣﺎ ﺃﺻﻌﺐ ﺍﻷ‌ﺻﺪﻗﺎﺀ ﺣﻴﻦ ﻳﺼﺒﺤﻮن ﻏﺮﺑﺎﺀ ﻓﺠﺄﺓ!

- ﺗﺒﻴﺾ ﺍﻟﺪﺟﺎﺟﺔ ﺑﻴﻀﺔ ﺯﻫﻴﺪﺓ ﺍﻟﺜﻤﻦ ﻓﺘﻤﻸ‌ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻘﻴﻖ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻀﻊ ﺍﻟﺴﻤﻜﺔ ﺍﻵ‌ﻻ‌ﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺎﺭ ﻏﺎﻟﻲ ﺍﻟﺜﻤﻦ ﻭﻫﻲ ﺻﺎﻣﺘﺔ. (ﺃﺻﻤﺖ ﻭﺩﻉ ﺇﻧﺠﺎﺯﺍﺗﻚ ﺗﺘﺤﺪﺙ).

- السؤال: ﻟﻤﺎﺫﺍ يرفع ﺍﻟﻤﺘﺨﺎﺻﻤﻮﻥ ﺃﺻﻮﺍﺗﻬﻢ ﻭﻳﺼﺮﺧﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻭﻫﻢ ﻗﺮﻳبون ﻣﻦ ﺑﻌﺾ؟ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ:لأﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﺑﺘﻌﺪﺕ، ﻓﻴﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﺥ ﻹ‌ﻳﺼﺎﻝ ﺃﺻﻮﺍﺗﻬﻢ.. ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﺑﻴﻦ ﺗﺠﺪﻫﻢ ﻳﻬﻤﺴﻮﻥ ﺃﻭ ﺗﻜﻔﻴﻬﻢ ﺍﻟﻨﻈﺮﺍﺕ ﻷ‌ﻥ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻊ !!.

- اللسان ليس له عظام: فعجبا كيف يكسر بعض القلوب.. وكيف يجبر بعض القلوب.. وكيف يقتل بعض القلوب..وكيف ينير الله به الدروب..

- صدم شاب امرأة عجوزا بدراجته، وبدل أن يعتذر لها ويساعدها على النهوض أخذ يضحك عليها، ثم استأنف سيره، لكن العجوز نادته قائلة : لقد سقط منك شيء ؟ فعاد الشاب مسرعًا وأخذ يبحث فلم يجد شيئًا ، فقالت له العجوز: لا تبحث كثيرًا. لقد سقطت «رجولتك» ولن تجدها أبدًا ( نعم الحَياة لا قيمَة لهَا إذا تَجرّدت من الأدب والذوق والأخلاق).