سالم بن نجيم البادي
يقعُ حصن بيت المراح في ولاية ينقل ويُعد أحد أكبر الحصون في عمان إذ تبلغ مساحته 7200 متر ويقع وسط واحة من النخيل وهو على شكل مستطيل منحرف تحيط به أسوار بطول 450 مترًا، ويبلغ ارتفاع الأسوار 8 أمتار، ويتكون الحصن من 4 بيوت.
وهي بيت العود ويسكنه الشيخ، والبيت الشرقي وبيت المراح الذي تسكنه الحامية العسكرية، وبيت البصرة، وملحق خاص بالحرس، ويحتوي الحصن على 7 أبراج؛ 3 أبراج في المقدمة للدفاع المتقدم وهي: أبراج الصباح والعين والبومة، وأبراج أخرى في مؤخرة الحصن وهي: برج الكبس والمهبة والمراح والبصرة.
وتوجد في الحصن آبار للتزوّد بالماء في بيت المراح. ويمر بالحصن فلج العين وفلج المحيدث، ويوجد به مسجد، وعُثِر بداخل المسجد على كتابات تاريخية توثق بعض الأحداث التي جرت في الولاية مثل تواريخ الجرفات والحرائق وتاريخ وفاة الشخصيات البارزة وتواريخ تولي مقاليد الحكم في الولاية وغير ذلك من الأحداث المهمة.
وسمي الحصن "بيت المراح" لأن القوافل القادمة من الظاهرة والمتجهة إلى الساحل كانت تمر بينقل وكانت ينقل معبرًا للقوافل، وكانوا يرتاحون ويريحون دوابهم في هذا في المكان وفي اللهجة المحلية الدارجة بيت المراح هو مكان مبيت للحيوانات مثل الخيول والإبل.
ويُعتقد أيضا أن النباهنة في فترة حكمهم المتأخرة هم من قاموا بتوسعة حصن بيت المراح الذي كان موجودًا قبلهم، ولا يُعرف بالتحديد من بناه ولا تاريخ بنائه. ويُقال إنه بني قبل النباهنة بحوالي 200 عام، فيما شيَّد النباهنة المسجد والبيت الشرقي وبيت البصرة والبيت العود وبيوت الحرس، وعمِلُوا على ادخال فلج العين الى الحصن، وكان المقر الثاني لهم بعد حصن أسود في بلدة مقنيات في القرن العاشر الهجري. وقد وُجِدَت دلائل فنية تشير إلى أن أنماط بناء أسوار حصون ضنك وعبري والعينين ومقنيات، تتطابق مع نمط بناء سور بيت المراح وهذا يدل على أن النباهنة هم من قاموا ببناء كل تلك الحصون ومن بينها. التوسعة في حصن بيت المراح.
وكان النباهنة يستخدمون القوالب المخروطية في بناء أسوار الحصون، وتوجد بيوت النباهنة في قمة جبل الخطيم القريب من حصن بيت المراح ولاتزال بعض من بقايا بيوتهم وآثارهم قائمة حتى الآن.
وكان مخزوم بن فلاح النبهاني هو آخر حكام النباهنة في حصن بيت المراح، وقد استعان أهالي ينقل بعمير بن حمير الهنائي لإخراج آخر حكام النباهنة من حصن بيت المراح، وذلك في شهر صفر من عام 1026 هجرية.
وعاد الحصن لأهل ينقل بقيادة أسرة الغصون الذين أضافوا إلى الحصن بعض المرافق مثل إسطبل الخيول وأضافوا بيوت للحرس في الساحة التي تتوسط الحصن وظل شيوخ الغصون يتخذون الحصن مقرا للحكم حتى مطلع عام 1970، ثم كان مقرا للقضاة والولاة بعد تولي السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- مقاليد الحكم وحتى بداية الثمانينات؛ حيث انتقل الولاة والقضاة إلى مقارهم الحالية. وقد تم ترميم الحصن في عام 2002 وتم الانتهاء من الترميم في 2006.
ما سبق كان نبذة عن الحصن ولا أعلم إن كانت كل تلك المعلومات موثوقة وصحيحة، وقد نقلتها على ذمة الراوي الذي أخبرني بها. والحقيقة التي أعرفها هي أن الحصن لا يزال مجهولًا لدى بعض الناس خارج الولاية رغم جماله واتساعه وتاريخه العريق وهو يضاهي باقي الحصون الشهيرة في عمان.
ويوسفني أنه حين أتحدث عن هذا الحصن أجد أن بعض الناس لم يسمعوا عنه؛ بل إنهم لا يعرفون أين تقع ولاية ينقل هذه الولاية الجميلة، التي يقع بها جبل الحوراء وهو يقف شامخًا ورائعًا ومميزًا؛ وكأنه الحارس الأمين للولاية، وهو الذي استحق أن يكون شعارًا لولاية ينقل.
الحصن وولاية ينقل كذلك بحاجة إلى تسويق إعلامي مكثف ومدروس ومبهر ومشاريع سياحية جاذبة للسياح. وتوجد أماكن في الولاية تعد كنوزًا سياحية لمن يرغب في الهدوء والسكينة والهروب من صخب المدن حيث الطبيعة الخلابة. ويمكن استغلال حصن بيت المراح في إحياء المناسبات والحفلات وإقامة الندوات والمحاضرات ويمكن أن تقام بداخله منشآت سياحية راقية وفاخرة، مثل: مقهى أو مطعم أو معارض متنوعة أو أن يقام فيه سوق الجمعة.
لا يخالطني شك أن هذا الحصن يحتاج الى إعادة الحياة والحركة إليه مرة أخرى، والأمر متروك لمن يهمه الأمر!!