اللفتة الخضراء

 

سليمان المجيني

tafaseel@gmail.com

اللفتة الخضراء التي صدر على إثرها قانون الحماية الاجتماعية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق ليست الوحيدة، وسيعقبها لفتات أقل ما توصف به أنها خضراء يانعة غايتها التنمية والتطوير ورفعة المجتمع وتعزيز دور الفرد فيه، من خلال تسخير المُعطيات وتدويرها وزرع الثقة في إمكانيات الفرد وملكاته التي من خلالها تُصنع التنمية وتمضي في تطورها على الدوام.

عندما تقاس رفعة الأوطان وديمومتها ينظر الباحثون إلى الشعوب، وحينما يعتز الشعب بقياداته فإنه لا يتوانى عن ذكر مناقبهم ومآثرهم وخصالهم، ولنا في ذلك أمثلة كثيرة خلدها التاريخ العربي، وسما بتلك القيادات وبالشعوب عالياً حنكة وفكرا وأخلاقا وعلما. والأمر لا ينطبق على موقف أو مناسبة معينة، بل هي سِيَرٌ ودلالات تخزنها الأجيال وتتناقلها كما حدث مع كثير من القيادات التي أخذ بعضها مآثر أو مثالب كثيرة تتردد على الألسن، وتستمر ما دام المجتمع يتصف بالحياة والحركة، وما دامت الشعوب تمتلك مشاعرها ووعيها.

أشبه العلاقة بين الحاكم والشعوب، أقصد أغلب الشعب، السواد الأعظم البسيط، أشبهها كأي نبتة تزرع في الأرض، يتولاها صاحبها بالرعاية والاعتناء بدءاً من اختيار الأرض وحتى وضع الأسمدة ثم الثمار، واللفتات التي تزيد من وتيرة العمل والجهد هي المظلة الأساسية التي تعتمد عليها النتائج.

وتتلخص أهداف الحماية الاجتماعية في متانة العلاقة المجتمعية وتمسك المجتمع بمبادئه وأنظمته وقواعده؛ الأمر الذي يؤدي لاستقرار أبناء المجتمع، وتحسين المستوى المادي لأفراده، كما يساعد على التقليل من نسبة الجريمة والسلوكيات والتصرفات التي يحاربها المجتمع، إضافة لتعظيم الناتج المحلي من الجهد المبذول في سبيل مساهمة المجتمع الإيجابية تجاه كافة القضايا التي تهمه كالتنمية والتطوير والتحسين، والنظرة الإيجابية لمقدرات البلاد ومنجزاتها، بل والمشاركة في كافة أنشطة التوعية المجتمعية المؤدية لاستقراره واستمراريته.

ولن أعيد أحاديث الأهمية المتوخاة من قانون الحماية الاجتماعية بين الشعوب وفي المجتمعات؛ فالإنترنت مليء بها ويساق إلى درجات عالية من الأهمية في المنظمات المتعلقة بحقوق الإنسان أو لدى الشعوب التي تقدّر حاجة المجتمعات لدحض شبح الفقر وتعزيز مبدأ الأمان المعيشي وزيادة القوة الشرائية الذي يسهم في المعترك الاقتصادي المحلي على أقل تقدير.

والحقيقة أنَّ هذه اللفتة الكريمة من لدن جلالته بإصدار قانون الحماية الاجتماعية هي لفتة خضراء -كما ذكرت- تُسهم في كل ما سبق، تقوي الجذور وتعمل على نظارة الأوراق، تلك القوة التي تسهم في تغيير نظرتنا للحياة، وتعمل على ضمان العيش البهي الكريم، فهي أمان لكبار السن، وهي أمان للمسرّحين أو الذين فقدوا أعمالهم، وهي أمان مجتمعي شامل يتحسسه المواطن ويعيش ردة فعله.

وليس هذا فقط ما توفره البلاد من خلال النظرة الحانية للقائد، وبعيدا عن قانون الحماية الاجتماعية؛ فقد كفل النظام العُماني بشكل عام حق العلاج والتعليم المجانيين، وحق توفير الخدمات الضرورية (كهرباء، مياه، نظافة، إقامة المدن وتطويرها، الخدمات الشرطية وغيرها....)، وهو ما يسعى (أي النظام) بشكل حثيث إلى تحسين كافة الخدمات الموفَّرة للمواطنين والمقيمين في إطار من الشفافية، إضافة للتكفل بإعادة النظر في تجديد نظام الحماية الاجتماعية، كل سنتين، كلما دعت الظروف لذلك تماشياً مع مستجدات أفراد المجتمع وأحوالهم وهو أمر مثالي وفي غاية الأهمية.

وما أود لفت الانتباه إليه هو أهمية تماشي الحكومة وتناغمها مع هذا القانون والتكليف السامي بتنفيذه على أكمل وجه، ومن هنا أشدِّد على أهمية تفاعل كل مفاصل الدولة بالانسجام الكلي، مثل هذه اللفتة تجعلنا متيقظين أكثر لأن الهدف أسمى وأنبل؛ فالقيادة أوفت بوعودها وعلى المشرعين العمل بجهد أكبر لإيجاد الأرضية المناسبة لتنفيذها بسلاسة ويسر، لأن الفشل يلقي أعباء أخرى على الحكومة، فمثلا ضرورة الاستعداد المبكر لإجازة الأمومة الطويلة لأنها تؤثر على بعض الأعمال في مؤسسات الدولة، ولكي لا تتوقف تلك الأعمال على الإدارات العمل بالتوازي لتوفير البديل المناسب في الوقت المناسب، وتسهيل الإجراءات القانونية المختلفة لتمضي الأمور في مسارها الصحيح والسريع.

اللفتة الخضراء تعني تمكين المواطن، وهي إخضرار دائم بمعنى دوام التنمية وضمان استمراريتها وازدهارها، وتحريك الراكد، هذا الأمر يتصاعد تدريجيا ليصل إلى عنان السماء، يشحذ الهمم لمستقبل أجمل. العراقة في العطاء، في البذل والنماء، في الأمن الاستراتيجي لقوت اليوم والتطلع نحو الغد بعين متفائلة وفكر راسخ ليس له حدود للبناء والتعمير.

تعليق عبر الفيس بوك