مجلس الشورى.. تحديات وآفاق مستقبلية (2)

 

 

 

د. رضية بنت سليمان الحبسية *

وتتلخَّص جُملة المُقترحات التي يُمكن أن أسوقها هنا في هذا السياق، فيما يلي:

- زيادة المشاركة المجتمعية، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق تعزيز الحوار مع المواطنين من خلال عقد الندوات الموسعة، واللقاءات المباشرة بالولايات، وتشجيع المشاركة الفاعلة لهم في عمل المجلس من خلال بعض اللجان المحلية ذات الاختصاص.

- تطوير التشريعات والقوانين، لتلبية الاحتياجات والتطلعات المجتمعية، واقتراح مشروعات القوانين، من خلال إجراء الدراسات اللازمة، والاستفادة من الخبرات المحلية، والتشاور مع المؤسسات المجتمعية لضمان مشاركة مجتمعية واسعة.

- تعزيز واقع التعليم والتدريب وتنمية المحافظات في سلطنة عُمان، بتوفير الدورات التدريبية وورش العمل المتخصصة في مجالات التخطيط والإدارة والتنمية المستدامة.

- توفير التمويل المستدام لتنفيذ المشاريع التنموية المحلية، عن طريق الاستفادة من الجهات المانحة والمؤسسات المالية والاستثمارية.

- تعزيز الابتكار والتكنولوجيا في تطوير الخدمات المحلية، وتحسين البنية الأساسية الرقمية والتعليمية والصحية والبيئية.

- تعزيز الاستدامة البيئية في مختلف المحافظات، عن طريق تطوير الزراعة المحلية وتنظيم حملات التوعية بأهمية الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي.

- إيجاد بنية تشريعية متطورة؛ من أجل نظام غذائي أكثر استدامة ومرونة، وتوطين التكنولوجيا، وتطبيق مفهوم الزراعة الذكية، وتعزيز الاستثمارات العربية في القطاع الزراعي.

وفضلًا عمَّا سبق، يُمكن أيضًا الإشارة إلى عدد من التحديات التي تُواجه تنفيذ خطط التنمية المستدامة في البلاد، والتي يمكن تعزيز دور مجلس الشورى في التركيز عليها خلال دورته العاشرة القادمة، ومن بين هذه التحديات:

- تحديات النمو السكاني؛ حيث إنَّ تزايد عدد السكان يضع ضغطًا كبيرًا على الموارد المحلية والخدمات العامة والبنية التحتية، مما يتطلب من مجلس الشورى البحث عن حلول مستدامة لتلبية احتياجات المواطنين والمقيمين في المحافظات المختلفة.

- تحديات التنمية الاقتصادية؛ فالنمو الاقتصادي وفرص العمل الجديدة تتطلب توفير بيئة استثمارية ملائمة، وإطارا قانونيا وتشريعيا يتيح الفرص للمستثمرين، ويوفر فرص العمل للخريجين، وهذا يتطلب تعاونا وتنسيقا مع الجهات الحكومية والخاصة المعنية بالتنمية الاقتصادية.

- تحديات البنية الأساسية؛ إذ يتطلب النمو المستدام تحسين البنية الأساسية والخدمات العامة، وتطوير الطرق والمدارس والمستشفيات والمرافق العامة، وهذا يتطلب اتخاذ الإجراءات المناسبة لتحسين هذه الخدمات وضمان توفرها للمواطنين والمقيمين في كافة المحافظات.

- تحديات الحوكمة؛ حيث يتطلب تحسين الحوكمة الإدارية، وتشجيع المشاركة الفاعلة للمجتمع المحلي في صنع القرارات، وتوفير بيئة ملائمة للحوار والتواصل مع أفراد المجتمع المحلي، وتعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة.

- تحديات الحفاظ على البيئة، والذي يتطلب الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية والتنمية المستدامة تبني سياسات وبرامج تهدف لتعزيز الاستدامة البيئية، وهذا يتطلب تعاونًا مستمرًا مع الجهات المعنية بالبيئة والتنمية المستدامة.

- تحديات التكنولوجيا؛ فالتطورات السريعة في مجال التكنولوجيا تتطلب تحديث البنية الأساسية الرقمية، وتطوير الخدمات الرقمية وتحسين الوصول إليها، وهذا يتطلب تطوير الكفاءة التقنية للموظفين وتوفير الإمكانيات اللازمة لتحديث البنية التحتية الرقمية في مختلف المحافظات.

- تحديات التنوع الثقافي، ويتطلب التنوع الثقافي واللغوي في المجتمع العُماني توفير خدمات وبرامج تتلاءم مع احتياجات المجتمع المحلي المتنوع، وتشجيع التفاعل والتعاون المتبادل بين أفراده على مستوى محافظات السلطنة.

- تحديات الأمن الغذائي والمائي؛ إذ يتطلب تحسين الأمن الغذائي في المجتمع المحلي تطوير الزراعة المحلية، وتعزيز الإنتاجية الزراعية والثروة الحيوانية، وتوفير الإمكانيات اللازمة لتحسين جودة الأغذية، واعتماد الاستراتيجيات لمشكلة العجز المائي.

وتأكيدًا لما سبق، يُعتبر مجلس الشورى في سلطنة عُمان إحدى أهم المؤسسات الديمقراطية؛ حيث يمثل صوت المواطنين، ويمارس دورًا مهمًّا في التشريع والرقابة والمشاركة السياسية؛ لذا فإنه لا بد من وضع دليل إجرائي لاستخدام المعلومات في الأدوات البرلمانية، والعمل على إقرار قانون حق الحصول على المعلومات من المؤسسات الحكومية.

كما يعتبر مجلس الشورى نموذجًا جيدًا لتمكين المجتمع المحلي وتعزيز دوره في صنع القرارات وتحسين الخدمات المحلية؛ لذا ينبغي تبني مقاربة شاملة ومتعددة المستويات للتعامل مع التحديات والقضايا الوطنية في تحقيق التنمية المستدامة، وبما يحقق رؤية عُمان 2040.

وفي الختام، يمكن القول إنَّ مسؤولية مجلس الشورى في سلطنة عُمان، في التعامل مع القضايا المجتمعية تمثل طموح كل عُماني؛ الأمر الذي يفرض على كافة أعضائه العمل بشكل متواصل في تعزيز التعاون بين المؤسسات الحكومية والخاصة وأفراد المجتمع المحلي، وتعزيز المشاركة المجتمعية في عملية التخطيط والتنفيذ لتحقيق التنمية المجتمعية الشاملة.

وبالمقابل، فإنَّ تفعيل مجلس الشورى يتطلب جهودًا مشتركة بين قطاعات المجتمع المختلفة، ويجب أن تكون هناك إرادة حقيقية للتعاون المتبادل، والمشاركة الفاعلة في عملية صنع القرارات، والتي تهدف لتحسين جودة الحياة والخدمات في المجتمع؛ ذلك أن المجتمع المحلي يمثل الجزء الأساسي لأي نظام ديمقراطي، ويحتاج إلى تفعيل دوره بشكل أكبر لتحقيق التنمية المستدامة في البلاد.

 

* أستاذ الإدارة التربوية المساعد بجامعة نزوى

 

تعليق عبر الفيس بوك