سالم بن نجيم البادي
ألف مرحبًا بقانون الزواج الذي يسمح للعُمانيين بالزواج من أجانب، وقد جاء هذا القرار ليصحِّح الخطأ الفادح الذي كان في القانون القديم، لأن ذلك من أبسط حقوق الإنسان وهو أن يختار شريك حياته، حتى لو كان من كوكب غير كوكب الارض، ما دام ذلك لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وأن يكون عقد الزواج مستوفيًا لجميع الشروط والأحكام وخاليًا من العيوب ولا عوار فيه ولا ظلم لأحد طرفيه.
الحديث هنا عن حرية الإنسان وخياراته وحقه في أن يعيش حياته كما يشاء دون وصاية من أحد حين لا يخالف شرع الله، ولا يلحق الأذى بغيره، ولا يتمرد على العادات والتقاليد والأعراف.
والترحيب بهذا القرار يأتي من هذا المنطلق، ولا يعني في كل الأحوال المساس بمكانة المرأة العُمانية، وهي العزيزة والغالية والمحترمة، وهي خير نساء العالمين وأجملهن، وذات خلق ودين وحياء وأخلاق رفيعة، وهي نعم الزوجة والأم، ومربية الأبناء على الصلاح والتقوى، وهي ربة بيت صابرة ومتفانية، وعلى مستوى راقٍ من التعليم وفي كل النخصصات، وإن كانت موظفة فهي مجيدة، وقد تبوأت المناصب العليا وأبدعت في كل مجالات الإبداع، ونالت حقوقها كاملة، ولها المكانة المرموقة في أسرتها وفي المجتمع، بمعنى أنه لاعيب في المرأة العُمانية، ولا علاقة للقانون الجديد بوجود نقص في المرأة العُمانية، وهذا حال معظم نساء عُمان، وليس كلهن حتى لا أُتهم بالمبالغة.
ولن يزيد هذا القانون من نسب العنوسة بين النساء في عُمان، ولن يؤدي إلى حل لمشكلة ارتفاع المهور؛ فالمرأة ليست سلعة تعتمد على العرض والطلب، ومشكلة غلاء المهور تعود لوعي الناس في المجتمع، وفهم الدين بطريقة صحيحة، واتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي يحث على عدم المبالغة في المهور.
إنَّ من يُعارضون هذا القرار -مع الاعتراف بحقهم في ذلك- لا يدركون حجم المشكلات الناتجة عن القانون القديم المنظم لزواج العُمانيين من الأجانب، فكم من الناس فقدوا وظائفهم بسبب زواجهم من أجنبيات، وغير ذلك من المشكلات والمضايقات، وقد وقفت على حالة أحد الأصدقاء الذي كان قد عقد قرانه على إحدى قريباته، وقد أنفق أموالًا كثيرة في بناء بيت وتأثيثه ومصاريف المهر والهدايا والاستعداد لحفلة الزفاف، وفجأة أبلغه أهل الفتاة بتغيير رأيهم، وطلبوا منه طلاقها، وحينها أصيب بصدمة نفسية، وطار فورًا إلى إحدى الدول العربية وتزوج. ومن هناك بدأت مأساته التي استمرت سنوات طويلة، خاصة وأنه أنجب أطفالًا من زواج غير معترف به في بلده، وهو حتى لا يستطيع إحضار زوجته وأولاده إلى بلده عُمان، ولا الحصول على وثائق لهم، وقد طرق جميع الأبواب، لكنه لم يجد حلًا لمشكلته، ولعله هو وغيره ممن يعانون من القانون القديم أن يجدوا البُشرى في هذا القانون.
القصص في هذا المجال كثيرة جدًّا يضيق المجال لذكرها.
خلاصة القول إنَّ هذا القانون ضرورة إنسانية واجتماعية، ويعزز من حقوق الإنسان وحريته، ولا داعي للتهويل من سلبيات هذا القرار، وهو كله خير وإيجابيات إن شاء الله.