معاناة مُلّاك الشاحنات

سالم بن نجيم البادي

كنت قد كتبتُ مقالًا بعنوان "إلغاء قرار تعمين سياقة الشاحنات لمصلحة من؟"، وقد وجد المقال ترحيبًا واسعًا من القراء حتى إنه كان ضمن المقالات الأكثر قراءة على الموقع الإلكتروني لجريدة الرؤية في عام 2022، لكن المقال- يبدو أنه- لم يجد آذانًا صاغية عند من بأيديهم الحل والعقد!

ومنذُ أن كتبتُ المقال، ظل هؤلاء الشباب ملاك الشاحنات يتواصلون معي ويتحدثون عن قضيتهم وهي سيطرة العمالة الوافدة على قطاع النقل، ولا أخفي إعجابي بهذه الثلة من الشباب الذين ومنذ ثلاث سنوات وهم يطرحون قضيتهم ويسعون بكل عزيمة وإصرار وحماس وهمة صلبة وبالطرق القانونية والهادئة والمنظمة وقد طرقوا ومازالوا يطرقون كل الأبواب وتحدثوا مع كل المسؤولين أصحاب الاختصاص، وتواصلوا مع بعض وسائل الإعلام خاصة الإذاعات المحلية، والتقوا بالمحافظ والوالي وكل من يعتقدون أنه يستطيع مساعدتهم وذهبوا إلى المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف!

فتحية لهؤلاء الشباب وقد حاولوا خوض غمار الأعمال الحرة والاعتماد على أنفسهم وعدم انتظار الوظيفة الحكومية، لكن واجهتم العراقيل والصعوبات، وفي المقابل هُم يستحقون التشجيع والدعم وتذليل كل العقبات التي تعترض طريقهم.

هذه صرخة يطلقونها عبر هذا المقال مجددًا، لعل وعسى أن تجد قضيتهم الحل الذي يُرضيهم. وهنا أتركهم يتحدثون عن قضيتهم وهم أدرى بها، فيقول أحدهم: "إنِّه في بعض الأحيان عندما يوقف الشرطي شاحنة أو معدة أو سيارة يقودها وافد، لا يسأله عن بطاقة الإقامة يسأله فقط عن رخصة القيادة وملكية السيارة، والمفترض عند إيقاف أي مركبة يسوقها وافد أن يطلب منه بطاقة الإقامة، وينبغي التأكد من أنَّ بطاقة إقامته سارية المفعول وانه لا يوجد عليه بلاغ هروب، وإذا كان مخالفًا لقانون الإقامة، ينبغي أن تُتخذ معه الإجراءات المتبعة ضده، وهذا الإجراء سوف يقلل من أعداد الوافدين المخالفين لقانون الإقامة ويخلق فرص أعمال ووظائف للمواطنين".

ويضيف آخر: "توجد مئات المركبات التجارية في الشوارع، وكما نعرف أن وزارة النقل قامت بتوظيف مفتشين جدد (عددهم 520 مفتشًا) والمطلوب التعديل في اشتراطات بطاقة تشغيل المركبة، وذلك بإضافة شرط من ضمن اشتراطات بطاقه التشغيل، بحيث لا تصدر بطاقة تشغيل لمركبة مُعمنة إلا بإحضار (عقد توظيف سائق عماني)، وعند ضبط المخالف من قبل مفتشي وزارة النقل تحرر له مخالفة تسمى مخالفة اشتراطات بطاقه تشغيل مركبة، وتضاف خانة يكتب فيها مركبه معمنة/ غير معمنة".

هذا الإجراء بلا شك سيساهم في تخفيف الضغط على المفتشين الميدانيين وينظم سوق العمل لأن أصحاب القطاع الخاص يخافون من الغرامات.

ويقولون إنهم كناقلين عمانيين استبشروا خيرًا بالقرار الوزاري رقم 9/2021، الذي يقضي بتعمين مهنة نقل المواد الغذائية والأعلاف الحيوانية ومشتقات البترول، لكن للأسف- وحسب كلامهم- القرار لم يُعمل به إلا منذ 10 أشهر، ثم تم الغاؤه!

فهل تعلم وزارة العمل أن هذا القرار كان السبب في شراء بعض المواطنين شاحنات بآلاف الريالات، وسعي مئات الشباب العماني من الباحثين عن عمل أو المسرحين لخوض غمار هذه المهنة؟

كا تم سابقًا اعتماد القرار الوزاري الذي ينص على تعمين مهنة نقل البرادات والحاويات المبردة، لكن وحتى اليوم، يرى هؤلاء الشباب أن قرار التعمين لم ينفّذ بالشكل المطلوب وأن الجهات المعنية لا تطبق القرار بالصورة المأمولة.

ويؤكد هؤلاء الشباب مواصلتهم المطالبة بتحسين أوضاعهم، لكنهم بدأوا يفقدون الأمل في استجابة الجهة المعنية لتطبيق القرارات الرسمية الصادرة في هذا الشأن، واتخاذ الإجراءات الصارمة والغرامات الرادعة لمن لا يطبق قرار تعمين قيادة الشاحنات.

لا تضيقوا على المواطن ولا تحمّلوه ما لايطيق من رسوم مالية لا يستطيع دفعها، ومنها البطاقة التشغيلية وغيرها من الرسوم، فهل يعلم أصحاب الاختصاص في وزارة النقل

أن المواطن لا يجد عملًا لهذه الشاحنات إلّا نادرًا بينما الوافد يحاربه في لقمة عيشه. ولذلك هم يطالبون بإلغاء البطاقة التشغيلية واتخاذ إجراءات تدعم المواطن.

انتهى كلام ملاك الشاحنات، وقد حاولتُ قدر المستطاع إيصال وجهة نظرهم بكل موضوعية.

هذه الآن مطالبهم واقتراحاتهم، وعسى أن تجد الاستجابة المباشرة، فثلاث سنوات من المعاناة كافية، والحل سهل- كما يقولون- لكنه يحتاج فقط الى إرادة ورغبة صادقة من قبل أصحاب الشأن لحل هذه القضية التي طال أمدها أكثر مما ينبغي.