السلطان هيثم.. وعُمان الازدهار

 

عبدالعزيز منيف بن رازن **

 

تحول كبير؛ بل غير مسبوق في كافة المجالات تشهده سلطنة عُمان؛ إذ لامست هذا التطور بنفسي من خلال زيارة أجريتها لهذه الدولة الشقيقة؛ الأمر الذي دفعني إلى كتابة هذا المقال، لوصف ما رأيته بعيني من تطور جعلني أصفها بأنها "جوهرة الخليج".

فمنذ أن وطأت قدامي أرض السلطنة، لامست مدى كرم هذا الشعب المضياف، وحفاوة استقباله، لضيوفه، ما ينم عن طيبة قلبه ومعدنه الأصيل، إذ تشعر بأنك لست غريبا عنهم ولا هم غرباء عنك؛ فالابتسامة لا تفارق الوجوه والذوق الرفيع وحسن الاستقبال كلها أمور تدفعك للوهلة الأولى، أن تشعر وكأنك لم تغادر وطنك، ولما لا فكلنا عرب وكلنا خليجيون بلادنا مفتوحة على مصراعيها للزوار والضيوف.

لكن ما أدهشني في هذه الزيارة حجم التطور والازدهار الذي وصلت إليه السلطنة من تعمير وإعمار، من مبانٍ فخمة، وطرق متطورة، وطفرة علمية وتقنية تضاهي أعرق الدول والشعوب الغربية. 

وقد علمت من خلال زيارتي، أن السلطنة أولت خلال العقدين الماضيين اهتمامًا كبيرًا بتطوير التعليم لخلق جيل قادر على مواكبة التطور والحداثة في كافة المجالات، وتنمية القدرات الإبداعية، لدى الطلاب، في ظل التوجه نحو الاقتصاد المعرفي المبني على الابتكار. كما نجحت سلطنة عُمان- من خلال العمل الدؤوب- في تكوين بنية تحتية متطورة، جعلتها دولة جاذبة للاستثمار العربي والخليجي والغربي، من خلال إزالة كافة العقبات التي قد تواجه المستثمر الأجنبي.

لكن من أبرز مجالات الاستثمار التي تركز عليها السلطنة خلال هذه الفترة هي الاستثمار في مجال السياحة؛ إذ تسعى لتكون إحدى أهم الوجهات السياحية في الشرق الأوسط، لتدخل في تنافس مشرف مع العديد من دول المنطقة.

وعلى الرغم من وجود العديد من الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات غير أنه ما زالت الفرصة متوفرة لشركات جديدة بفضل اتساع رقعة المناطق السياحية مع توفر بنية تحتية ضخمة فقد شاهدت خطوط الكهرباء تصل إلى مناطق نائبة صعبة الوصول. ولعل من أبرز الأسباب التي تؤهل عمان لتكون وجهة سياحية جاذبة، انخفاض معدلات الجريمة في السلطنة؛ حيث تتمتع ببيئة آمنة وخصبة يسودها الأمن والأمان والاستقرار.

العمل المتواصل وفي صمت، أحد أبرز ما يميز السلطنة؛ حيث إنها لا تميل إلى "الشو الإعلامي" أو "البروباجندا"؛ فالهدف هو توفير كافة الخدمات للمواطن والمقيم والزائر، تحت شعار "دع الآخرين يتحدثون عنَّا".

ويرجع الفضل في هذا التطور المشهود بالسلطنة لصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق الذي منح الفرصة الكاملة للشركات بالاستثمار بمجال السياحة ففي عامين فقط لامس الجميع طفرة كبيرة يشار لها بالبنان.

والمتابع للسياسة الخارجية لعمان يجد أن سياسة القيادة العُمانية تتمتع بعلاقات وطيدة مع الجميع، ولم يحدث أي توتر يعكر من صفوها. والسبب في ذلك هو كونها تتبع سياسة حكيمة منذ عقود قائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول؛ بل العمل على تطوير علاقاتها مع جيرانها من جانب ومع جميع دول العالم من جانب آخر، مع الالتزام بالحياد حال وجود صراعات بين دولتين تربطهما بها علاقات وثيقة.

ويرجع الفضل في ذلك إلى السلطان هيثم بن طارق الذي واصل العمل التنموي من بعد السلطان قابوس حبيب العرب- رحمه الله؛ إذ وضع جلالة السلطان هيثم نصب عينيه العمل على رفعة وازدهار السلطنة؛ بما يرضي طموحات وتطلعات الشعب العماني.

وقد كان لي لقاء سابق على فضائية "BBC" العريقة، عندما تولى السلطان هيثم مقاليد الحكم في السلطنة، وأشرت فيه إلي "رؤية عُمان 2040" التي أشرف على صياغتها عن كثب جلالة السلطان هيثم بن طارق، وتوقعت استمرار التطور والازدهار اللافت الذي يلامسه الجميع الآن.

رغم أنني لا أحمل أي صفة اعتبارية رسمية؛ إذ أرسل لي صديق عماني دعوة خاصة لزيارة هذه السلطنة العظيمة، إلّا أن هذا المقال دليل على محبة هذا الشعب ومسؤولية على عاتقي كمحلل وإعلامي أن أنقل بكل أمانة وصدق ما رأيته بعيني من رقي وتطور.

لكن هناك همسة عتاب في أذن الإعلام العماني؛ كونه لم ينقل بما يكفي كل هذا التطور الملموس، فلا بد من تعزيز دور الإعلام العماني في الخارج، لينقل لكل من يعيش خارج عُمان هذا التطور، وكذلك الحال بالنسبة لمشاهير التواصل الاجتماعي، الذين عليهم نقل ما يحدث في عُمان إلى الجميع.

إنني اتفق مع الآراء والأصوات التي تقول إن الخليج لديه الآن فرصة ذهبية في أن يتصدر المشهد العالمي بحكم تكاتفه وروابط الأخوة التي تربطه في ظل انشغال الغرب بالحروب وحالة الاحتقان بين روسيا والغرب بسبب الحرب في أوكرانيا؛ فالإمارات سوف تستضيف مؤتمر المناخ "كوب 28"، والمملكة العربية السعودية الأقرب لتنظيم معرض "إكسبو 2030"، وسلطنة عُمان تشهد تطورًا في كافة المجالات.. ولذلك نقولها: إن الخليج قادم وبقوة.

** عضو كرسي الإعلام الجديد بجامعة الملك سعود

ومستشار بمركز الإعلام والدراسات العربية الروسية

تعليق عبر الفيس بوك