فوزي عمار
عاشت لبنان حربًا أهلية لمدة خمسة عشر سنة منذ 1975 حتى عام 1990 وانتهت باتفاق الطائف.. هذا الاتفاق الذي أوقف الحرب، لكنه كرس من جهة أخرى تأسيسًا معيبًا للدولة بناءً على التداول الطائفي للسلطة بدلًا من التداول السلمي الديمقراطي للسلطة.
فأصبح بموجب هذا الاتفاق رئيس الدولة مسيحيا مارونيا، ورئيس البرلمان مسلما شيعيا، ورئيس الحكومة مسلما سنيا مع وزراء للأقليات. العراق أيضا دخل اللحظة اللبنانية بفرض من الأمريكان بعد سقوط نظام صدام حسين بشكل آخر فأصبح رئيس الدولة كرديا ورئيس الحكومة شيعيا ورئيس البرلمان سنيا.
وإقليم كامل هو كردستان يمتاز بالحكم الذاتي للإقليم. ولولا خوف إيران وتركيا من دعاوى مشابهة للأكراد على أراضيها لكان إقليم كردستان منذ سقوط نظام صدام دولة مستقلة عن العراق، مثل ما حصل مع جنوب السودان على يد الإخوان المسلمين وهي حالة أكثر سوءًا من الحالة اللبنانية.
لقد رفضت أسبانيا دخول اللحظة اللبنانية حين طالبت برشلونة بالانقسام والحكم الذاتي في إقليم كاتلونيا وفرضت اتحادها من جديد بالقوة.
المُشكل في اللحظة اللبنانية أنها تقوم على استرضاء الساسة وليس استرضاء الشعب الذي هو صاحب المصلحة والوطن.
اليوم هناك خوف حقيقي على ليبيا من دخول اللحظة اللبنانية، وفرض محاصصة ستبنى عليها ليبيا على نموذج معوج ولن تبرأ منه إلا بعد عشرات السنين، ولن أخوض في التشابه بين ليبيا ولبنان والعراق؛ إذ لا أريد حتى أن أتخيل هذا الوضع، والذي أتمنى من الله أن أكون مخطئًا في توقعه، وأدعو إلى العمل على تجاوزه.