د. سالم حواس العامري
في مشهد مهيب ومع الانطلاقة الأولى لمهرجان الصرب في ولاية رخيوت والذي بدأ في الخامس من أكتوبر الجاري، ويستمر إلى نهاية الشهر ذاته، بتنظيم من بلدية ظفار بالتعاون مع مكتب والي رخيوت والمديرية العامة للتراث والسياحة وبلدية رخيوت، هبّت جموع الزائرين من مختلف ولايات المحافظة والسلطنة لتشارك أبناء الولاية فرحتهم بقدوم موسم الصرب، والاستمتاع بفعاليات المهرجان والمناظر الطبيعية المميزة لولاية رخيوت.
هناك امتزج الماضي بالحاضر في قلب ولاية رخيوت ليرسما معا لوحة فريدة جمعت بين أصالة الحاضر وعبق الماضي، صورة من الزمن الجميل أعادت ذكريات المجد وطريق القوافل وتجارة البخور واللبان عبر البوابة الغربية لمحافظة ظفار.
المهرجان بشهادة الكثير من الزوار والمتابعين حقق نجاحا باهرا منذ الانطلاقة الأولى، وهذا بلا شك يُحسب للجهات المنظمة وعلى رأسها مكتب والي رخيوت والجهات المشاركة وتضافر جهود جميع المواطنين من أبناء الولاية وخارجها الذين أضاف تواجدهم في فعاليات المهرجان ميزة إيجابية وعاملا مساعدا ساهم بلا شك في نجاح هذا المهرجان والذي جاء في موسم رائع ومميز وهو موسم الصرب الذي يتميز بصفاء الجو وتلون الطبيعة وهبوب نسمات الربيع وفتوح البحر وحصاد المحاصيل الزراعية الموسمية.
ومن هذا المنطلق وسعيًا نحو تحقيق وضمان نجاح أهداف المهرجان واستمراره كان لا بُد من العمل على تكامل الجهود وتعاون الجميع أفرادًا ومؤسسات وهذا ما تم بلاشك من قبل مختلف القطاعات واللجان التنظيمية في المحافظة والولاية من خلال إعداد وتنفيذ استراتيجية منظمة ومتكاملة ساهمت في تسهيل وإزالة كافة العقبات والمعوقات التي تحول دون تنفيذ الفعاليات المتنوعة في مختلف أرجاء المدينة والمناطق المحيطة بها.
أثبت مهرجان الصرب أن تعدد المهرجانات وتنوعها من موسم إلى آخر وعدم اقتصارها على مهرجان واحد أو تجمعها في مكان واحد دليل آخر على نجاعة صناعة السياحة ومساهتمها في التنمية الاقتصادية للسلطنة، ونظرًا لأن المهرجانات أصبحت صناعة ضمن خارطة التنمية في السلطنة وخاصة التنمية السياحية يأمل أبناء ولاية رخيوت أن يحقق هذا المهرجان أهدافا طموحة ومشروعة تلبي متطلبات المرحلة القادمة أبرزها تنشيط الحركة السياحية والاقتصادية في المنطقة الغربية من محافظة ظفار واستكمال البنية التحتية والأساسية للمنطقة والتي توقفت على مدى ما يقارب 4 عقود من الزمن منذ انطلاقة عصر النهضة، وبالتحديد منذ أن تحررت مدينة رخيوت وسفوح جبال القمر من قبضة الثوار ودحر التمرد وإعلان النصر في منتصف السبعينيات، حينها بدأت تتوالى خدمات البنية التحتية والأساسية للولاية بشكل سريع شملت إنشاء مراكز إدارية ومدارس ومشتشفيات وشق الطرق ومشاريع تنموية أخرى استمرت إلى نهاية الثمانينات بعدها سرعان ما توقفت تدريجيا عدا البعض اليسير بين فترة وأخرى، ومن أبرز هذه المطالبات التي ضجَّت بها مواقع التواصل الاجتماعي والمناشدات الأهلية عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية هي إنشاء ميناء صيد بحري، وشق الطريق الساحلي صلالة -رخيوت- ضلكوت، وتوفير خدمات البنوك ومكائن الصرف الآلي، وتوفير محطات الوقود وغيرها من الخدمات مثل إنارة الطرق وصيانتها، وأسواق وبرامج لدعم الثروة الحيوانية والسمكية والمهن الحرفية والتقليدية في الولاية.
ونظرًا للمكانة التاريخية لولاية رخيوت عبر التاريخ جاء هذا المهرجان أيضًا لإبراز هذه المكانة وإظهار المعالم والرموز والتراث الزاخر والمخزون الثقافي الذي تتميز به الولاية وتبصير الجيل الحالي بموروثات الأجداد وحياة الأسفار وارتباط الإنسان العماني بالبحر عبر العصور والأزمنة المختلفة، وطبيعة البيئة الريفية بكل مكوناتها وتفاصيلها، وطريق القوافل وأنماط الحياة السائدة خلال حقب زمنية مختلفة.
لا شك أن مهرجان الصرب يعد تجربة رائدة وجيدة في مجال السياحة الداخلية أثمر عن نتائج جيدة ومشجعة وخطوة إيجابية نحو تعزيز ثقافة جديدة وعوائد متنوعة تعود بالنفع والفائدة على الفرد والمجتمع في قادم الأيام؛ الأمر الذي عزز انطباعا جيدا ورضا تاما من أغلب أفراد المجتمع في الولاية على أمل أن تتحقق بقية المطالب والخدمات وتوفير بيئة جاذبة لضمان نجاح المهرجان في المستقبل واستمراره على المدى البعيد.