ماردة المصباح وقميص لندن

 

تقوى محمد الجراح

 

في إحدى المدن البعيدة التي يحكمها "علاء الدين"، خرج ابنه "أُوَيْس" إلى السوق يتبضع منه ما يشتهي من ملابس وألعاب فيديو وغيرها.. رافعًا رأسه مُتعاليًا بما لديه، دخل الأمير المتعجرف إلى أحد أكبر أسواق "البلاي ستيشن" وأخذ يختار منها ما يشاء، توغل الأمير حتى دخل مستودع هذا السوق، قال بسخط للعاملين في المستودع: دعوني هنا بمفردي أختار ما أشاء فلابد أن هذه أجود من التي تعرضونها، أطاعه الجميع دون تفكير، مرت ساعتان وأُغلق السوق ونسيَ العاملون أمر سيدهم، عندما همّ بالخروج، وجد الباب مقفلا! صرخ قائلا: أما من أحد هنا؟ افتحوا الباب أنا أميركم.. ظل يصرخ لكن دون جدوى..

 فقام يبحث عن مخرج الطوارئ ولكنه تعثَّر بملابسه القيِّمة ليسقط على كومة شبيهة بالحجارة نظرًا لصلابتها، قال "أُويس": ما هذا الحظ العاثر، تمزق قميصي الذي وصلني من لندن الشهر الماضي.

 

التفت ليرى قربه مصباحا ذهبيًا مرصعًا بالجواهر، مسحه آملا أن يحذو حذو أبيه، ارتج المصباح وصدر منْه صوت حاد أخاف "أُويس" ليرمي ما في يده بعيدًا، بعد ثوانٍ..

 خرجت من المصباح فتاة حسناء راحت تتشقلب بالهواء بحركة دائرية مستعرضة نفسها في وسط دهشة "أويس"، ثم قالت: "شبيك لُبيك عبدك بين أذنيك" لا ألم تكن "شبيك لبيك عبدك بين عينك"؟ أيًّا كان تفضل يا سيدي لك ما تتمنى، قال "أويس": تُقال "شبيك لبيك عبدك بين إيديك" أي ماردة مصباحٍ أنتِ؟

 

لم ترد الماردة فقد كانت مشغولةً ببَرد أظفرها الذي كُسر أثناء خروجها، بدأ الأمير يستشيظ غضبًا، ثم قال بنبرةٍ آمرة: أيتها الماردة أخرِجيني من هنا في الحال. ردت: حدثتك بأدبٍ بدايةً، أهذا ما ألقاه منك؟ لا أستطيع إعْطاءك ما تريد. نظر الأمير متعجبًا من هذه الماردة، وبعد حوار طويلٍ بينه وبين كبريائه قال لها: هل يمكنك أن تخرجِيني من هنا، من فضلك. قالت: لك ما تريد.

 

وبالفعل خرج "أويس" من المستودع، بعد ذلك أمرها بإيصاله للقصر ولكنها لم ترد، راح يبحث عنها هنا وهناك، ليجد المصباح بجانبه، وعند فركه مرارًا، خرجت منه الماردة وبدا عليها معالم الكسل، ثم قالت: يالك من مزعج دعني وشأني عليَّ النوم ثماني ساعات حتى أحافظ على صحتي، وعادت ثانيةً للمصباح، في حين عَلَت على الأمير معالم الدهشة، وقال محدثًا نفسه: ما هذه الماردة العنيدة؟! وأي أسلوب تحدثني به؟ أنا الأمير وعليها طاعتي!

اضطر الأمير للذهاب مشيًا من طريقٍ ملتوية حتى لا يراه أحد بثيابه الممزقة، بالرغم من قُدرته على طلب سيارة تُقِلُّه، لكن المظهر قبل المأمن.

 

بعد ساعة من المشي المتواصل حاملا معه المصباح، وصل إلى القصر وهو يلهث، بعد دخوله استلقى على سريره يحاول استيعاب ما حصل معه من أحداث هذا اليوم.

 

في صباح اليوم التالي…

طلب الملك مقابلة ابنه الأمير ليعرف ما أصابه، فحكى "أويس" ما حدث معه، دخل الملك في نوبة من الضحك، التي تلاها طلب إحضار المصباح السحري حتى يتحدث مع الماردة. خرجت من المصباح بتباهٍ وقالت: "شبيك لبيك عبدك بين إيديك" تفضل سيدي الملك لك ما تريد، تحدث الملك مطولا مع الماردة وأخبرها عن قصته الشهيرة (علاء الدين والمصباح السحري)، رحبت به بحرارة، وقالت: إذًا أنت علاء الدين المعروف منذ الأزل، سُعدت بلقائك، رد "علاء الدين": نعم، ولكنك مختلفة عن مارد المصباح الذي قابلته، لم ذلك؟

ضحكت الماردة وقالت: لعل ذلك يرجع لأني ماردة من الجيل الجديد، نحن نختلف في تصرفاتنا قليلا عن كبارنا من الجيل السابق.

 

وهكذا عادت الماردة إلى مصباحها، وتعلم "أويس" من هذه المغامرة أنه يجب عليه حمل ملابس إضافية معه أينما ذهب حتى لا يضطر للعودة إلى المنزل سيرًا على الأقدام.

وعاشوا في سعادة وسلام.

تعليق عبر الفيس بوك