بين الرستاق وصلالة

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

 

كالعادة في كل صيف، تُشدُّ الرّحَال إلى صلالة للهروب من هجير الصيف في المحافظات الشمالية، التي تتجاوز فيها درجات الحرارة 48 درجة.

وأنا أحد الذين شدّوا الرحال إليها، في الوقت الذي كانت تتمتع فيه بلادي (ولاية الرستاق) بأجواءٍ خياليّة من السُّحب والأمطار والرذاذ ليلاً وعند الفجر، وسُحب تحجب الشمس، ودرجات حرارة منخفضة تتراوح بين 24 إلى 25 درجة.

لقد استمرَّت الأمطار بالهطول، والأجواء الجميلة، من تأثيرات منخفض "السيل الخصيب"؛ فكان السيل خصيبًا بالفعل خلال الأيام التي مرّت بها البلاد وشملت عدة محافظات.

وأنا أغادر الرستاق فجر الثلاثاء الماضي، الذي بدأت فيه تأثيرات المنخفض منذ الساعات الأولى من الصباح، واستمرّت لعدة أيام، تواصل هطول الأمطار على الرستاق حتى كتابة هذا المقال ولمدة سبعة أيام متوالية.

ومع بزوغ فجر يوم الثلاثاء، غادرتُ الرستاق والأمطار تنهمر في ذلك الوقت، وكانت المغادرة هذه المرّة تختلف عن المرّات السابقة، فأيّ هجيرٍ أهرب منه؟ وأجواء الرستاق خيالية، ودرجة الحرارة فيها انخفضت بنسبة تجاوزت 50%، والأمطار رافقتنا في رحلتنا لأربع محافظات، من جنوب الباطنة، إلى مسقط، ثم الداخلية، ثم الشرقية.

لقد كانت المحافظات الشمالية تعيش أجواءً غير مسبوقة في شهر يوليو من هذا العام، بخلاف ما كانت عليه في الأعوام الماضية، التي كانت تناهز فيها درجات الحرارة الخمسون درجة.

فعلى غير المعتاد، لم أفرح لذهابي إلى صلالة كما كان في السابق، وقد تمنّيتُ لو أجّلتُ الرحلة إلى ما بعد موسم الأمطار، ولكن حجز السكن الذي تمّ دفعه مسبقًا، من الصعب استرداده بإلغاء أو تأجيل الموعد، وهذه نقطة من النقاط التي أودّ التطرّق إليها، فهناك استغلال غير مبرَّر في رفع أسعار إيجارات الشقق، كذلك اشتراط الدفع المسبق لمدة الإقامة بأكملها، وصعوبة إلغاء أو تأجيل الحجز.

صلالة جوهرة يجب المحافظة عليها، فهناك علامات استفهام حول الحالة المقززة والتصرفات غير المسؤولة من بعض السوّاح والزوّار، بترك مخلّفاتهم بعد الزيارة في الأماكن التي استمتعوا فيها، ولم يكلّفوا أنفسهم بتجميعها في أكياسٍ مخصّصة، ورمْيها في حاويات القمامة القريبة جدًا من تلك المواقع.

صلالة هذا العام تختلف عن السابق من حيث إقامة بعض المرافق في وادي دربات، ولكن هناك علامات استفهام عديدة.

لقد أقيمت مظلّات للزوّار، تؤجّر بمبالغ خيالية لقضاء سويعات قليلة هناك، وكأنّ الزائر يستأجر غرفة في فندق 5 نجوم، كذلك هناك الأحصنة التي تديرها العمالة الوافدة، وكذلك أكشاك البيع والمضابي، تسيطر عليها العمالة الوافدة.

واللافت الغريب أنَّ الحال هي الحال في موضوع دورات المياه منذ العام 2014 م، لم يتغير في دربات وغيرها، كذلك الطريق من أدم إلى صلالة، لا توجد فيها دورات مياه في هذه الطريق، رغم أهمية دورات المياه التي تأتي ضمن أولويات الزائر، بل وتتجاوز أهميتها عن أهمية الطعام.

وفي مجال آخر، هناك فعاليات تقام في صلالة من أجل الترفيه لا غيره لفئات معيّنة، ولأعضاءٍ في مؤسسة ما، أو جمعية ما؛ بحيث يتم إشراك أعضاء مجالس الإدارات، وبعض الأعضاء ممن يميل إليهم قلبي، واستبعاد الكفاءات والكوادر الفاعلة في ذات المجال.

كذلك هناك أنشطة وفعاليات ودورات رياضية تنفّذ في هذا الموسم، وتحديدًا في محافظة ظفار، تزامنًا مع الخريف بهدف الترفيه والاستجمام المجاني.