ترجمةً لرؤية "هيئة الوثائق" في حفظ التاريخ العُماني العريق

صدور النسخة الإنجليزية من "نظام انتقال الحكم ونهضة عُمان الحديثة المتجددة"

مسقط- الرؤية

أصدرت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية كتاب "نظام انتقال الحكم ونهضة عُمان الحديثة المتجددة" باللغة الإنجليزية؛ وذلك ضمن المجلد 26 من سلسة البحوث والدراسات في الوثائق الوطنية والدولية.

ويسلط الكتاب الضوء على آلية انتقال الحكم في سلطنة عُمان والنظام الأساسي للدولة لعام 2021، ومسارات تحديث التشريع القانوني وتنظيم الجهاز الإداري للدولة، وإعادة هيكلة الحكومة وعملية صنع القرار، وضوابط استقرار نظام انتقال الحكم وولاية العهد في سلطنة عُمان، والتنظيم القانوني لمجلسي عُمان والشورى لعام 2021، بالإضافة إلى الرؤية المستقبلية عُمان 2040 وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية والتي تشمل المواطنة وحقوق المرأة والطفل، يقع الإصدار في 614 صفحة ويضم 16 فصلاً موزعة على محورين أساسيين: الأول تنظيم آليات انتقال الحكم عبر العصور، والثاني تنظيم إدارة الدولة وهيكله التنظيمي وإرساء منهجية العمل، مدعم بوثائق تدعم موضوعات البحث من محفوظات هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.

ويأتي الإصدار ترجمة لرؤية هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية المتمثلة في حفظ التاريخ العُماني العريق، ومنسجماً مع أهدافها الاستراتيجية في تشجيع البحث العلمي في المجالات الحضارية المختلفة، كما ويعد حصاد دراسة تحليلية فقد استعانت الدراسة بمصادر علمية وبحثية بالإضافة إلى عدة مصادر من الإعلام المحلي والعالمي بصوره وأشكاله المتنوعة والتي تلعب دوراً هاماً وفاعلاً في رصد الأحداث الهامة، المحلية والإقليمية والعالمية، وخاصة الصحف والمجلات. وانطلاقاً لتطلعات وآفاق طموحة تقود مسيرة النهضة المباركة إلى تحقيق التقدم والازدهار لعُمان وشعبها، فإن هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ترصد الإنجازات المرتقبة وتعمل على توثيقها لتبقى حية في ذاكرة الأجيال الحالية وأجيال المستقبل وتفاؤلاً بمستقبل مشرق بهيج نرنو إلى رؤيته قريبا. الجدير بالذكر إلى جانب هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ستتولى دار لبان للنشر توزيع إصدارات الهيئة داخل السلطنة وخارجها من خلال منافذ البيع أو المعارض المحلية والدولية التي تشارك فيها الدار وذلك بموجب الاتفاقية المُوقعة مع هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.

ويحتوى تقديم الكتاب على مدخل للموضوعات التي تناولها الإصدار والموقع الاستراتيجي لسلطنة عُمان والأصداء المحلية والعربية والعالمية لآلية انتقال السلطة وردود الفعل، تطرق فيه إلى أنظمة الحكم والتي من بينها النظام السلطاني والذي يعد من أقدم أنظمة الحكم التي كانت تتميز عند أغلب الشعوب بالاستقرار بدلا من الفترات الرئاسية التي تنتهي بعد فترة زمنية محددة ثم تقوم انتخابات رئاسية جديدة وهكذا، حيث تنتهي فترة رئاسة الحكم الملكي/ السلطاني بانتهاء عمر الحاكم (السلطان أو الملك) ثم يورث الحكم إلى ابنه (ولي العهد) أو إلى أخيه الأصغر في حالة عدم وجود أبناء ذكور أو إلى العم أو أولاد العم حسب النظام المتبع لانتقال الحكم. كما تناول الكتاب الأصداء المحلية والعربية والعالمية لآلية انتقال السلطة والعمل على اتخاذ خطوات عملية لبداية مرحلة زاهرة بنهضة "حديثة ومتجددة".

وفي الفصل الأول تناول الإصدار تنظيم آليات انتقال الحكم والنظام الأساسي للدولة لعام 1996م، حيث تعاقبت على عُمان خلال الحقب التاريخية المختلفة عدة أنظمة للحكم وعلى مختلف المسميات التي مرت على عُمان (مجان ومزون ثم عُمان) فإنَّ غالب الأمر على نظام الحكم هو النظام الملكي إلى أن دخل أهل عُمان في الإسلام فأصبحت تحت راية رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلم، ثم الخلفاء الراشدين وقيام الدولة العُمانية للإمامة الأولى 132هـ/ 749م.

ويخلّد الفصل الثاني آلية نظام انتقال الحكم بعد وفاة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- والذي أطلق عليه "عهد رسوخ النهضة المباركة"، فيما يوثق الفصل الثالث الفاجعة الكبرى بفقدان الوطن أعز الرجال وأنقاهم، والذي بدأت بوادره تنكشف في اليوم العاشر من يناير لعام 2020م عندما اتخذت القوات المسلحة حالة من الطوارئ وبدأ الناس يتحدثون عن الوضعية الصحية للسلطان قابوس، فبعضها يتداول وفاته والآخرون صعوبة حالته التي لا يرجى فيها أمل، إلى أن قطع تلفزيون سلطنة عُمان برامجه ليُعلن خبر وفاة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- فخيم الحزن الشديد وانهالت الدموع بكاءً لهذا المصاب الجلل وتناقلت وسائل الإعلام خبر الوفاة. وفي صبيحة يوم السبت 11 يناير 2020م تمَّ نقل الجثمان من بيت البركة بعد انتهاء مراسم تنصيب السلطان هيثم بن طارق سلطانًا لعُمان.

ويحكي الفصل الرابع انتقال ولاية الحكم لجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم، وإعلان وفاة السلطان قابوس؛ حيث تلقى المواطنون نعي السلطان قابوس بن سعيد من خلال الكلمات المؤثرة التي أعلنها التلفزيون العُماني بوفاة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وتولي مجلس الدفاع إدارة شؤون البلاد.

وتطرق الفصل الخامس إلى نشأة وخبرات علمية وعملية محلية وعالمية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم التي تدعم التوجه لنهضة حديثة ومتجددة؛ حيث ولد جلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور المُعظم في سلطنة عُمان في 11 أكتوبر 1955م، وحظي برعاية كريمة من والديه وأسرته الكريمة فنشأ نشأة الصالحين تربية وخلقاً، تلقى تعليمه الإبتدائي في المدرسة السعيدية برعاية والده الكريم صاحب السُّمو السيد طارق بن تيمور لمواصلة دراسته في المرحلة الإعدادية بمدرسة برمانا العليا في لبنان أكمل الدراسة الثانوية في المملكة المتحدة وواصل الدراسة الجامعية في كلية بمبروك في جامعة أكسفورد وقد تخرج عام 1979م من برنامج للخدمات الخارجية (FSP) حيث تابع دراساته العليا.

أما في الفصلين السادس والسابع من الكتاب فقد حلل الجانب اللغوي والمضمون لخطاب جلالة السلطان المُعظم في 23 فبراير 2020م، وخطاب جلالته في 18 نوفمبر 2020م بمناسبة العيد الوطني الخمسين المجيد ومراحل بناء الدولة. وترأس جلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم للجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية "عُمان 2040" والتي تناولها الإصدار في الفصل الثامن حيث وضعت الأهداف والسياسات وركائز ومحاور الرؤية وعدت مراحل وخطوات العمل وتكوين اللجان المختلفة التي ستعمل وفق منهجية علمية تمكنها من تشخيص الوضع القائم لواقع عُمان وتقييم ما أنجز خلال الخطط والبرامج التي قامت عليها النهضة الحديثة، وتحديد الأولويات الوطنية والتطلعات والأمل للنهوض بالوطن في مختلف المجالات والانتقال به إلى مراحل تقوده إلى مصاف الدول المتقدمة.

وشهد نظام الجهاز الإداري للدولة تطوراً وتوسعاً في مهامه واختصاصاته وهياكله وهذا ما يتناوله الفصل التاسع حيث شكلت لجنة بموجب المرسوم السلطاني رقم 3/1975 الخاصة بالنظر في تنظيم الجهاز الإداري للدولة، وانطلاقاً لما طرأ من تنظيم وتطوير في الجهاز الإداري للدولة يواكب مسيرة النهضة المباركة فإن المرسوم السلطاني رقم 75/2020 الذي أصدره حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم وبموجبه تم إلغاء المرسومين السلطانيين رقمي 26/75 و116/91 ويقصد بالجهاز الإداري للدولة: الوزارات والأجهزة العسكرية والأمنية والمجالس وغيرها من الوحدات التنفيذية التي تستمد سلطتها من الدولة أيًا كان اسمها.

إعادة هيكلة الحكومة وعملية صنع القرار أبرز ما تناوله الفصل العاشر من الكتاب، حيث قام صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- في 18 أغسطس 2021 باتخاذ خطوات فاعلة ورائدة نحو إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة والتشريعات ولضخ دماء جديدة فيها تنفيذاً لوعد جلالته لشعبه في أول خطاب له، فأصدر ثمانية وعشرين مرسوماً وعلى رأسها تكوين مجلس وزراء جديد وفي خطوة غير مسبوقة تخلى جلالته ولأول مرة في تاريخ عُمان عن احتفاظ جلالة السلطان بعدة وزارات تشمل وزارات الشؤون المالية والخارجية من خلال خلق حقائب وزارية مستقلة، وذات صلاحيات كاملة ومستقلة. ومن التوابع الإيجابية والبناءة لهذه المراسيم السلطانية إعادة تنظيم الوزارات ودمج أكثر من 10 وزارات، وتعيين رؤساء جدد للمؤسسات والهيئات الحكومية بهدف ترشيد الإنفاق ورفع مستوى الكفاءة الإدارية وتحسين السرعة والمرونة لصالح الاقتصاد، ودعم القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي، مما يدعم توجه الحكومة الجديدة بإدارة موارد السلطنة المالية بالشكل الأمثل سعياً إلى زيادة الدخل القومي وخفض الديون.

أما فيما يخص التوجيهات والأوامر السامية في البناء التنظيمي الاقتصادي والتنموي والمالي والإدارة المحلية، فأكد جلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- متعهداً بالمضي قدماً على طريق البناء والتنمية المستدامة المستمرة بنفس الوتيرة والنهج الذي بدأت فيه النهضة الأولى وانطلاقتها نحو الهدف الأسمى من أجل عُمان وشعبها، ويدرك جلالته حجم وعظمة المسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقه مؤكداً على أهمية صون مكتسبات النهضة التي تتطلب تكاتف الجميع بإرادة صلبة ومتينة فمسيرة التنمية والبناء ماضيتان إلى الأمام بعون من الله وتوفيقه وإن عملية تنفيذ الرؤية والتوجهات لدى جلالة السلطان المُعظم تحتاج إلى الوسائل والأدوات المهمة لتحقيق الغايات المنشودة وتقتضي التضحيات من أجل الأهداف والسياسات المرسومة وهو أمل الجميع خلال الحقبة القادمة. وتناول الفصل الثاني عشر رؤية النظام الأساسي للدولة لعام 2021م، والثالث عشر جاء بعنوان استقرار نظام انتقال الحكم وولاية العهد في سلطنة عُمان.

المواطنة وحقوق المرأة والطفل في النظام الأساسي للسلطنة أولاها الإصدار أهميةً وافرد لها الفصل الرابع عشر مساحة بحجم أهميتها، حيث "المساواة بين المرأة والرجل ورعاية الطفل والمعاقين والنشء والشباب وإلزامية التعليم حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي" كانت وما زالت من الأولويات رؤية "عُمان 2040".

وتناول الفصل الخامس عشر التنظيم القانوني لمجلس عُمان لعام 2021، والواضح من هذه النصوص التشريعية أن النظام السياسي العماني قد سلك في تكوين المؤسسة التشريعية المتمثل في مجلس الدولة ومجلس الشورى مسلك الأنظمة ذات النظام النيابي الثنائي، وذلك على غرار العديد من الدول حيث تتفاوت المجالس بين دولة وأخرى من حيث المسميات ومن خلال حجم الصلاحيات الممنوحة قانوناً لهذه المجالس.

واختتم الإصدار بالفصل السادس عشر والذي تضمن إيجاز لاهتمامات وآخر الإنجازات في الجوانب السياسية والاقتصادية المحلية والدولية بما يدعم استقرار وأمن سلطنة عمان وتقدمها في عدة مجالات والتغلب على الصعوبات الاقتصادية والصحية المحلية والعالمية. وكذلك تعزيز العلاقات مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة وذلك من خلال تبادل الزيارات وتمكين العلاقات القائمة مع تلك الدول في المجالات المختلفة، ويأتي ذلك في أطار النهج الحكيم لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، الذي يعمل على تحقيق الأهداف المرجوة والغايات المنشودة لمسيرة النهضة المباركة والمتجددة لما فيه خير سلطنة عمان وتقدمها.

تعليق عبر الفيس بوك