التتار القادم من الشرق

 

 

فوزي عمار

أعادت حرب أوكرانيا إلى ذهني سؤالا جدليا قديما حول ما إذا كان العامل القومي أم العامل الديني هو المحرك للتاريخ؟

تنقسم أوكرانيا إلى عرقيتين هما الروس والأوكران، وهذا ما سبب أحد أهم عوامل الأزمة الحالية، خاصة في حالة غياب الهوية الجامعة والتدخل الأجنبي، وهو تماماً ما حدث في يوغسلافيا؛ حيث كانت تتكون من عرقيات مختلفة من صرب وكروات وديانات مختلفة مسيحين وبوسنيين (مسلمين)، وشهدنا أبشع مجزرة في التطهير العرقي في قلب أوروبا ضد المُسلمين في سربرنيتشا البوسنية. العامل الديني أيضا ظهر أهم سبب من أسباب الخلاف  الطويلة بين إيرلندا الشمالية (البروتستانت) ضد جمهورية إيرلندا (الكاثوليك).

إسرائيل اليوم تستغل أزمة أوكرانيا وتوطن 100 ألف يهودي روسي في فلسطين، بينما تمنع لم شمل العائلات الفلسطينية بين غزة والضفة في صورة من صور الصراع الديني! بينما في أوكرانيا ظهر العامل العرقي وليس الديني فكلاهما مسيحيون أرثوذكس.

تعامل أوروبا مع المهجرين المسيحيين وتعليقاتهم أظهر عنصرية مقيتة، حين قارنوا الأوكران بأنهم مسيحيون بيض، وفرقوا بينهم وبين العرب والسود، ووصفوا هؤلاء المهجرين غير الأوكران بـ"التتار القادم من الشرق" في صورة من صور أوربا الشرسة والبشعة، والتي ما زلنا نتذكر حروبها العالمية الأولى والثانية، وقتلهم لعشرات الملايين، وذلك ليس بتاريخ بعيدا عن دعاة حقوق الإنسان والحرية اليوم.