الغِش بناؤه هَشٌّ

 

د. حميد بن مهنا المعمري

halmamaree@gmail.com

ظاهرةٌ أرقت الغيورين على مستقبل الأمة، وسلبت الغمض عن أعينهم، وباتوا ومابرحوا يُسطّرون الكلمات بأحرف ترتعش غيرة وفي ذات الوقت حنقاً وكمداً على سطور مستقيمة في بطن صفحة بيضاء.

وقد سُكِبت فيها أبحر من مداد العلم مختلطة بدماء القلوب النقية الزاكية، تلك الكلمات وهي تجر خلفها جيشاً من الحروف، لو في مقدورها أنْ تفرّ من السطر مُشَكِّلَةً صفعة قوية في وجه من تسوّل له نفسه الغش أو ما يشبه الغش؛ وذلك لأن ظاهرة الغش من أسوأ الظواهر التي تتفشى في المدارس التي يكون روافدها طلبة لا همّ لهم سوى النجاح بأي وسيلة كانت، وهؤلاء أكاد أزعم بأنه لا توجد مدرسة تخلوا منهم، بَيْد أنّ أسباب الغش وإنْ تعددت وسائلها، وتلونت طرقها وتجددت أساليبها؛ فالنتيجة واحدة، وهي أن تبني بناء ضخما منتفخا لكنه أهون من بيت العنكبوت؛ (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}؛ ذلك لأن أساسه الذي بنوه عليه، على شفا جُرفٍ هارٍ فانهار بهم إلى السقوط والتردي والهبوط والانحدار إلى وحل المتاعب والشقاء.

وظاهرة الغش قد أُشبعت بحثا ودراسة في أسبابها، ونتائجها الخطيرة على الفرد والمجتمع وخَلُصتْ تلك الدراسات والأبحاث إلى نتيجة أو توصية مهمة وهي التصدّي لهذه الظاهرة  الخطيرة في مدارسنا بمعالجة أسبابها.

ولست في هذا المقام أو في غيره ممن يحب التراشق بالتهم، وتحميل المسؤولية لطرف دون آخر، ولكني أقول في كلمة جامعة على سواء، بأنّ الجميع مسؤول عن تفشي هذه الظاهرة، وفي ذات الوقت الجميع مُطالب بالقضاء على هذه الظاهرة، وإلا سنظل نكرر القول إنّ في مدارسنا غشاشًا.