رئيس "جهاز الاستثمار" يفتتح الدورة الثانية من منتدى عُمان للقيمة المحلية المضافة

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

◄ إطلاق مبادرة تحفيز لتعزيز الأهداف التنموية للقيمة المحلية المضافة

◄ توقيع 10 اتفاقيات ومذكرات تعاون لإطلاق برامج تدريب وتأهيل مقرون بالتوظيف

 

الرؤية- مدرين المكتومية- مريم البادية- فيصل السعدي

تصوير/ راشد الكندي

 

انطلقت صباح اليوم الأربعاء أعمال الدورة الثانية من منتدى عمان للقيمة المحلية المضافة 2021، تحت رعاية معالي عبدالسلام بن محمد المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العماني.

وحملت الدورة الثانية عنوان "تمكين الكوادر وتوطين الصناعات وصناعة الفرص"، وذلك في إطار جهود اللجنة الرئيسية للمنتدى- ممثلة في جريدة "الرؤية"- لمواصلة تعزيز الأبعاد التنموية للقيمة المحلية المضافة، وتعميم منافعها الاقتصادية على قطاعات التنمية كافة؛ استرشادًا بإستراتيجية نجاح التجربة في قطاع النفط والغاز على مدار السنوات الماضية.

وألقى المكرم حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية كلمة ترحيبية، ذكر فيها أن المنتدى ينطلق بالتزامن مع بدء مرحلة التعافي التدريجي من التداعيات السلبية التي فرضتها جائحة كورونا على مختلف القطاعات، ولا شك أن تجمعنا هنا اليوم يهدف إلى البحث عن الآليات والوسائل الكفيلة ببلوغ الأهداف التي نتطلع لها جميعا، بما يحقق الطموح المشروع في غد أكثر إشراقا.

تحفيز النمو الاقتصادي

وقال الطائي إنه في إطار الجهود الحثيثة من قبل مختلف المؤسسات في القطاعين العام والخاص، لتحفيز النمو الاقتصادي وتعميق الاقتصاد، وتلبية الاحتياجات السوقية والمجتمعية، تأتي مشاريع القيمة المحلية المضافة لتضيف بعدا تنمويا ذا أثر واضح على مسيرة التطوير والتحديث. وأضاف أنه ينبغي وضع خط فاصل بين المسؤولية الاجتماعية للشركات، ومشاريع القيمة المحلية المضافة؛ حيث إن الأولى- أي المسؤولية الاجتماعية- تركز جل اهتمامها على المشاريع الداعمة للفئات المستحقة أو تقديم الدعم المالي والمساعدات، وغيرها. في حين أن مشاريع القيمة المحلية المضافة، ترتكز في جوهرها على تعظيم الفائدة الاقتصادية للمشروعات، من خلال توزيع الإنفاق بطريقة تضمن تعزيز الإنتاجية وتوفير الوظائف، عبر زيادة المشتريات من السلع والخدمات المقدمة داخل البلد، بل وفي بعض الأحيان داخل الولاية الواحدة أو المنطقة الواحدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المحلية بمعناها الشامل.

وأوضح أنه في ظل التحديات التي عاصرناها خلال الثمانية عشر شهرا الماضية، تأكد لنا جميعا أن العمل والمثابرة بكل جد واجتهاد هما السبيل نحو تحقيق الأهداف المنشودة، فإن برامج ومشاريع القيمة المحلية المضافة، تعمل كمسرعات لبلوغ تلك الأهداف، والتي يمكن تلخيصها في 3 نقاط رئيسية.

وفصل الطائي هذه النقاط، وقال إن النقطة الأولى تتمثل في تمكين الكوادر؛ حيث إن ضخ نفقات واستثمارات داخل الدولة من شأنه أن يساعد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من تقديم كل ما تحتاج إليه الشركات الكبرى والمشروعات العملاقة، من خدمات وسلع، وهذا بدوره يسهم في رفد هذه الشركات بالعائدات التي تمكنها من النمو، ومن ثم توظيف الشباب، وتمكينهم من إدارة المشاريع، ولنا أن نتخيل حجم الفوائد الاقتصادية والاجتماعية المتحققة من ذلك، سواء في صورة حركة تجارية نشطة وانتعاش اقتصادي، أو نمو اجتماعي يتمثل في بناء أسر مستقرة تعيش في رخاء واطمئنان.

توطين الصناعات

وبين الطائي أن النقطة الثانية هي توطين الصناعات؛ حيث إنه خلال عقود ماضية، كنا نستورد كل ما نحتاجه تقريبا في الكثير من الصناعات والمشاريع، ولم تكن الصناعة الوطنية قد وجدت لها موطأ قدم تستطيع من خلاله إثبات تفوقها وبرهنة تميزها، لكن مع توجه الدولة نحو دعم القطاع الصناعي وتأسيس المدن الصناعية وغيرها، بدأت الصناعات الوطنية في الإعلان عن نفسها، وأخذت هذه الصناعات تعزز دورها من خلال تلبية احتياجات المشاريع الكبرى، ومن ثم بدأنا نتحدث عن توطين الصناعات، وأهمية التصنيع المحلي، وساعد في ذلك الخطط الطموحة التي نفذتها الدولة لدعم القطاع الصناعي، وإن كان ما زال بحاجة إلى المزيد.

وذكر رئيس تحرير جريدة الرؤية أن النقطة الثالثة تتمثل في صناعة الفرص، مشيرا في هذا السياق إلى الشراكة المتكاملة بين جميع الأطراف، الحكومة والشركات الكبرى والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ إذ إنه بإمكان هذه الأطراف أن تصنع فرصا أفضل للمستقبل، من خلال تطبيق أهداف وفلسفة برامج القيمة المحلية المضافة، فعلى سبيل المثال عندما تخصص شركة كبرى الأموال والاستثمارات الخاصة بمشاريع القيمة المحلية المضافة، فإنها تسهم في صناعة الفرص مع المؤسسات المستفيدة والتي بدورها تقدم الخدمات والسلع المنتجة محليا، وتساعد في تعزيز نمو قطاعات اقتصادية أخرى، وخلق بيئة جاذبة للعمل والتميز، فضلا عن توفير العملة الأجنبية التي كانت تذهب في عمليات الاستيراد للمنتجات والسلع.

ودعا الطائي الشركات كافة في مختلف القطاعات الإنتاجية، إلى تبني برامج ومشاريع القيمة المحلية المضافة، وفق رؤية استراتيجية متوسطة وطويلة الأمد، تضمن ضخ أكبر قدر ممكن من الاستثمارات والأموال في الاقتصاد المحلي. وناشد الطائي الجهات المعنية بضرورة تقديم الحوافز والتسهيلات للشركات التي تطبق برامج القيمة المحلية المضافة، لما تسهم به من دور كبير في تنشيط الاقتصاد وتعزيز نموه، وزيادة الإنتاج، حتى نصل إلى الغايات المنشودة الثلاثة التي تحدثنا عنها قبل قليل.

بيان الافتتاح

وألقى بيان الافتتاح سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للتجارة والصناعة، استهلها بالتأكيد على أهمية المنتدى الذي يؤمل منه الخروج بتصور وخارطة عمل يترسخ معها مفهوم القيمة المحلية المضافة؛ استرشادا بالتجربة الواعدة لقطاع النفط والغاز والصناعات البتروكيماوية طوال السنوات الثماني الماضية.

وقال سعادته إن الطريق إلى تحقيق مزيد من الإفادات الوطنية: اقتصاديا واجتماعيا؛ من خلال ترسيخ أبعاد وقيم مفهوم القيمة المحلية المضافة، طريق حافل بمحطات التزود بمساهمات وطنية، تتعزز معها مستويات الاستفادة من السلع والخدمات المحلية، وتتحسن معها قدرات كوادرنا البشرية، وتتعمق معها مستويات الشراكة بين مؤسساتنا الصغيرة والمتوسطة وشركات المجتمع المحلي الكبرى، يما يحقق المكاسب المستدامة لمنظومة اقتصادنا الوطني، على المديين المتوسط والبعيد، وفق مستهدفات الرؤية الوطنية المستقبلية "عمان 2040".

وأشار مسن إلى أن تداعيات جائحة "كوفيد-19" على الاقتصاد العالمي والوطني، لم تُثنِ شركاتنا الوطنية الكبرى عن مواصلة جهود تقديم الدعم من أجل تمكين الشباب، وحفز قطاع ريادة الأعمال، وصناعة الفرص؛ لتحويل المنحنى الضاغط على الاقتصاد إلى قوة دفع لابتكار مزيد من المستهدفات الجليلة، وفق الحاجيات والمتطلبات التي أفرزتها تحديات الجائحة.

حزمة الفرص الصناعة

وأوضح أن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وتعزيزا لمفهوم القيمة المحلية المضافة، دشنت حزمة من الفرص الصناعية كمرحلة أولية بالتعاون مع عدد من الشركاء في القطاعين العام والخاص؛ بهدف زيادة فرص التصنيع المحلي، وتعزيز القوة الشرائية للمنتج الوطني، وإيجاد فرص عمل للكوادر الوطنية، لتمكينها ورفع كفاءتها في قطاعات التنمية المختلفة.

وذكر سعادة الدكتور وكيل التجارة والصناعة بعض الأرقام الخاصة بحجم النمو في القيمة المحلية المضافة بالقطاع الصناعي في السلطنة، والتي وصلت إلى 3.1 مليار ريال عماني بالأسعار الثابتة، كما بلغت مساهمة القطاعات الفرعية غير البتروكيماوية في التصنيع نحو 38%.

وأكد مسن أن وزارة التجارة والصناعة، تقدم كل الدعم لأعمال هذا المنتدى بما يضمن تحقيق أهدافه المتمثلة في توسيع نطاق تطبيق الإستراتيجية الوطنية للقيمة المحلية المضافة على القطاعات الاقتصادية المختلفة في البلاد؛ بهدف تعميمها لرفع مستويات الأداء، ورفد سوق العمل بمزيد من الفرص، بتبني وطرح واستحداث الرؤى غير التقليدية. وأوضح مسن أنه يتعين على الشركات الكبرى أخذ خطوات عملية أوسع على درب تعميق نقاط الاتصال مع مؤسساتنا الصغيرة والمتوسطة، ورسم ملامح جديدة للتعاون والشراكات البناءة للمستقبل، والاستفادة بشكل أكبر من ثرواتنا البشرية الكفوءة، مشيرا إلى أن تطور منظومة اقتصادنا الوطني، وتسريع وتيرة التعافي من تداعيات الأزمات الراهنة، تتطلب جميعها التركيز على تطوير القطاعات غير النفطية، إذا ما أردنا تحقيق الاستدامة التي نتطلع إليها، وهو ما عنته رؤية عمان 2040، وهي تتطلع إلى بناء اقتصاد متنوع، متفاعل ومندمج، ومتواكب مع المتغيرات والمستجدات، وقادر على العمل بكفاءة إنتاجية عالية، يكون للجميع فيها دوره المساند والداعم.

تلى ذلك عرضَ فيلمٍ وثائقي عن مدينة خزائن، مدينة الفرص والأعمال.

استراتيجية منهجية

وقدم المهندس عبدالأمير بن عبدالحسين العجمي المدير التنفيذي للشؤون الخارجية والقيمة المضافة بشركة تنمية نفط عمان، الكلمة الرئيسية لأعمال المنتدى، بعنوان "نحو استراتيجية منهجية لمستقبل برامج القيمة المحلية المضافة". وذكر العجمي ركائز القيمة المحلية المضافة بالشركة والتي تتمثل في التعمين والتدريب، وتطوير الشركات المحلية، والاستثمار الاجتماعي، والمنتجات والخدمات الوطنية. وأوضح العجمي أن تعريف شركة تنمية نفط عمان للقيمة المحلية المضافة يتمحور حول التزام الشركة بتحقيق "أقصى قدر من الإنفاق الإجمالي الذي يُحتَفظ به في السلطنة للمساعدة في تطوير الأعمال التجارية والمساهمة في تنمية القدرات البشرية وتحفيز الإنتاجية في الاقتصاد العُماني".

وأوضح العجمي الركيزة الأولى وهي التعمين والتدريب؛ حيث ذكر أنه في عام 2020 وفرت الشركة أكثر من 2500 فرصة تدريبية ووظيفية عن طريق برنامج "إمداد"، سواء عبر الشركات المتعاونة مع تنمية نفط عمان أو من خلال التوظيف المباشر، بينما منذ عام 2011 وفرت الشركة آلاف الفرص الوظيفية والتدريبية للعمانيين في مجالات مختلفة.

وعرج المدير التنفيذي للشؤون الخارجية والقيمة المضافة بشركة تنمية نفط عمان على الركيزة الثانية وهي تطوير الشركات المحلية، لافتا إلى تسجيل أكثر من 200 مؤسسة صغيرة ومتوسطة في عام 2020 بقيمة عقود مسندة لها بلغت 118 مليون ريال.

الاستثمار الاجتماعي

وفيما يتعلق بالاستثمار الاجتماعي، قال العجمي إن شركة تنمية نفط عمان التزمت بتنفيذ 48 مشروعًا جديدًا في عام 2020، إلى جانب إكمال 26 مشروعًا جديدًا.

وتطرق العجمي إلى الركيزة الرابعة وهي تشجيع المنتجات والخدمات الوطنية، والتي تضمنت الاحتفاظ بنسبة 34% من القيمة داخل البلاد في عام 2020، مع تنفيذ 31 فرصة من أصل 53 فرصة استثمارية ضمن استراتيجية الصناعة. وكشف العجمي عن استراتيجية القيمة المحلية المضافة الجديدة في شركة تنمية نفط عمان (2021- 2025)، والتي تستند على 7 محاور رئيسية، والتي تتضمن 75 فرصة جديدة للقيمة المحلية المضافة على مدى السنوات الخمس المقبلة.

وانتقل المدير التنفيذي للشؤون الخارجية والقيمة المضافة بشركة تنمية نفط عمان للحديث عن تحول الشركة في مجال الطاقة؛ حيث أسست "وحدة طاقات المستقبل"، وتستهدف تأكيد التزام الشركة بتحقيق صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050. وكشف العجمي عن جائزة أطلقتها الشركة للقيمة المحلية المضافة، لتحفيز الشركات على زيادة إسهاماتهم في الاقتصاد الوطني.

دليل المنتجات والخدمات الوطنية

أعقب ذلك تدشين "دليل المنتجات والخدمات الوطنية"، والذي يتضمن تدشين إجراءات التسجيل أمام المستفيدين من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وشهد المنتدى كذلك إطلاق مبادرة "تحفيز" وهي أول مبادرة تُعنى بتعزيز الأهداف التنموية للقيمة المحلية المضافة. وتشتمل المرحلة الأولى "الفرص التأهيلية والتوظيفية" توقيع 7 اتفاقيات ومذكرات تعاون لإطلاق برامج تدريب وتأهيل مقرون بالتوظيف، إلى جانب توقيع مذكرة تفاهم بين الجمعية العمانية للخدمات النفطية "أوبال" وشركة سيح السرية للهندسة.

وجرى التوقيع على 3 مذكرات تعاون لتدريب خريجات تخصص تقنية المعلومات على مهارات الثورة الصناعية الرابعة، والعمل مع ثلاث شركات متخصصة بتقنية المعلومات من فئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتدريب وتوظيف خريجات تقنية المعلومات في مجال التصاميم الهندسية الأولية لمدة 12 شهراً.

إلى جانب مذكرتي تعاون لتعزيز المهارات للمسؤولين الميكانيكيين/الكهربائيين وتوظيف الخريجين الجدد، واللتان تهدفان إلى تعزيز مهارات الميكانيكيين والكهربائيين ليصبحوا مسؤولين في مجالاتهم ويحلوا محل الوافدين بالتعاون مع اثنتين من الشركات المتعاقدة، بما يسهم في زيادة قدرة هاتين الشركتين على توظيف خريجين جدد كميكانيكيين وكهربائيين. وسيستمر البرنامج لمدة 12 شهرًا؛ حيث سيُدرب الخريجون الجدد بالتوازي مع الموظفين الأكبر سنًا الذين سيتم ترقيتهم إلى مسؤولين ميكانيكيين وكهربائيين بنهاية البرنامج. وإلى جانب دراسة هؤلاء الخريجات لهذا المجال، سيعملن في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على مشاريع ذات صلة لصقل مهاراتهن التقنية والعملية.

إلى جانب توقيع مذكرة تعاون لتعزيز مهارات السائقين؛ حيث ستتعاون شركة تنمية نفط عُمان مع الجمعية العمانية للخدمات النفطية "أوبال" والشركات المتعاقدة لتدريب 100 سائق في وظائف أخرى؛ لزيادة نسبة التعمين وإنتاجية العمانيين؛ حيث إن اكتسابهم لمهارات تقنية المعلومات سيمنحهم فرصة أخرى لزيادة إمكانية ترقيهم في السلم الوظيفي في المستقبل وتطورهم.

المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

وقدم قيس التوبي نائب رئيس هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالندب، ورقة عمل حول "القيمة المحلية المضافة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة". وقال التوبي إن التوجهات الاستراتيجية المبنية على الأهداف الوطنية لرؤية "عمان 2040" تمثل المرتكزات الرئيسية التي يقوم عليها مستقبل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تساهم في تحقيق التنويع الاقتصادي والتعاون الدولي والرفاه الاجتماعي بالاعتماد على استثمار الموارد الطبيعية المتاحة، بجانب التقدم المعرفي والتقني والابتكار وطاقات الشباب ومهاراتهم في إدارة هذه المؤسسات، ورفع مستوى إسهاماتها في اقتصاد السلطنة وتأهيلها لمنافسة القوى الاقتصادية العالمية. وذكر أنه اعتبارًا لهذه الأهمية، فإن هاجس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتطوير آلياتها وتسهيل إجراءات دعمها، يأتي ضمن أولى الاهتمامات في السلطنة، وهو ما تجسّد في إدراج تنمية هذا القطاع ضمن الخطط التنموية الخمسية، إضافة إلى استحداث العديد من البرامج والآليات لدعم وتطوير هذه المؤسسات.

وعرَّف التوبي مفهوم القيمة المحلية المضافة، والذي يشير إلى إجمالي المبالغ المنفقة داخل الدولة لصالح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي من شأنها أن تساهم في تطوير هذه المؤسسات لتشكل عائد ورافد في الاقتصاد الوطني. وأبرز التوبي إحصائيات دولية؛ حيث قال إن القيمة المحلية المضافة توفر فرص عمل بنسبة تقدر ما بين 40 إلى 80% من إجمالي فرص العمل عالمياً، فيما تمثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حوالي 90% من إجمالي الشركات في العالم، كما تساهم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة تزيد عن 50% في 10 من أكبر اقتصاديات دول مجموعة العشرين. وفيما يتعلق بالتجارب العالمية، أوضح أن إندونيسيا بدأت بتطوير المحتوى المحلي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة منذ عام 2009، فيما بدأت السعودية والإمارات في عام 2018.

وبين التوبي أن إجمالي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المسجلة في وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بلغ 173,280 مؤسسة بنهاية أكتوبر 2020، منها 57,961 مؤسسة يملكها عمانيون وشركاؤهم عمانيون، فيما وصل عدد الحاصلين على بطاقة ريادة الأعمال 24,378 رائد عمل.

وذكر أن مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الصادرات بلغت 2,155,744,072 ريال عماني، وبلغت نسبة مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي 16.9%، وفقا لنتائج المسح الاقتصادي لعام 2018، فيما بلغ عدد العمانيين العاملين في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المسجلة بالهيئة 61764 عمانيا بنهاية أكتوبر 2020.

وأوضح التوبي اختصاصات الهيئة في مجالات القيمة المحلية المضافة حسب المرسوم السلطاني رقم (107/ 2020)، مشيرا إلى أن رؤية الهيئة تتمثل في أن يكون قطاع المؤسسات الصغرى والصغيرة والمتوسطة اللبنة الأساسية في منظومة الاقتصاد الوطني لتعزيز التنمية المستدامة. وقال إن الأهداف الاستراتيجية للهيئة تشمل زيادة مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الصادرات، وزيادة مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في توظيف العُمانيين. أما فيما يتعلق باختصاصات الهيئة، ذكر التوبي أنها تتمثل في ضمان حصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على فرص الأعمال من المشتريات والعقود والخدمات من القيمة المحلية المضافة، بالتنسيق مع الجهات المختصة، والعمل على تطوير موردين محليين من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في صناعات مبتكرة لمبادرات القيمة المحلية المضافة، والعمل على دراسة وتحليل الفرص الاستثمارية الناتجة من سلسلة القيمة المحلية المضافة، لتشجيع قيام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وضمان الاستفادة منها

مبادرات وفرص

وأشار التوبي إلى أن الإطار العام للشراكة مع الهيئة فيما يتعلق بالقيمة المحلية المضافة، يقوم على مدخلين رئيسيين، الأول: المبادرات المقدمة من الجهات، والمبادرات التي تطرحها الهيئة، من خلال تحليل وتحديد الفرص (السلع والخدمات) إلى جانب استكشاف الفرص. وبين أن أدوار الفريق المسؤول عن استكشاف الفرص تتضمن تحديد الأدوار وتوقيع الاتفاقيات، ودراسات الجدوى، وتحديد الفئات المستهدفة وشروط معايير القبول، والاعلان عن التسجيل، واختيار الفئات المستهدفة، وبرنامج تطوير الموردين والحلول التمويلية للمؤسسات، والمتابعة وقياس الأثر. أما فيما يتعلق بالأدوار المقترحة للهيئة في هذا السياق، ذكر التوبي أنها تشمل التقييم والمتابعة لجميع المراحل، وتوفير قاعدة البيانات الأولية للمؤسسات العاملة في نفس المجال، وتدريب المستفيدين، والمساهمة في دراسة الجدوى، والمساهمة في اختيار المستفيدين، والمساهمة في إعداد المعايير الخاصة باختيار المؤسسات.

أما الأدوار المشتركة، فتتمثل في تحديد الأدوار الرئيسية، وإجراء دراسات الجدوى، وتحديد الفرص، وتحديد البرامج والفئة المستهدفة، ووضع شروط ومعايير قبول الفئة المستهدفة. وعرج التوبي على أدوار الشركاء، والتي تتضمن التحديد الأوّلي للفرص (الخدمات والسلع)، وإطلاق برامج تدريب وتأهيل وتطوير في مجال القيمة المحلية المضافة.

وسلط التوبي الضوء على تجربة المملكة العربية السعودية من خلال مؤسسة "منشآت" ومبادرة "جدير" وهي عبارة عن خدمة إلكترونية مجانية؛ لتأهيل وتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وربطها بالفرص الشرائية في القطاع الحكومي والخاص؛ لضمان تحقيق النمو وفتح الأسواق. وبين أن "منشآت" تعمل على التأكد من قدرة المنشأة وجدارتها لتقديم (خدمة أو منتج) وفقًا لمعايير وأسس التأهيل المعتمدة والتزامها بالمتطلبات لممارسة النشاط. وذكر أن التجربة السعودية ترتكز على 3 محاور رئيسية؛ التشريعات والسياسات؛ واشتمل هذا المحور على تأسيس هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية عام 2018، وإصدار لائحة تفضيل المحتوى المحلي، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة المحلية والشركات المدرجة في السوق المالية، وقد اعتمد مجلس الوزراء السعودي اللائحة.

وأوضح التوبي أن المحور الثاني يتمثل في آليات تفعيل المحتوى المحلي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وذلك من خلال منح المؤسسات أفضلية في السعر بنسبة 10%، وربط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالفرص الشرائية في القطاع العام والخاص، وإطلاق منصة "جدير" لتأهيل وتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وربطها بالفرص، إصدار 3 قوائم إلزامية للمنتجات الوطنية؛ تضم: 114 منتجًا في قطاع البناء والتشييد، و100 منتج في قطاع المستحضرات الطبية، و29 منتجًا في قطاع المستلزمات الطبية، فضلًا عن تدريب أكثر من 1500 موظف مشتريات في الجهات الحكومية على نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الجديد ولوائحه.

أما المحور الثالث فيتمثل في "تقييم الأداء"، من خلال متابعة التزام الجهات عبر خطة من الجهة المتعاقدة إلى هيئة المحتوى المحلي خلال 60 يومًا، وإعداد تقارير دورية سنوية لتقييم الأداء، وفرض غرامات في حال عدم الالتزام.

دروس مستفادة

وأشار التوبي إلى ممكنات القيمة المحلية المضافة، مسلطًا الضوء على الدروس المستفادة من تجارب الدول، والتي تعكس عناصر النجاح المشتركة بين الدول لإيجاد بيئة محفزة لتطبيق القيمة المحلية المضافة. وأوضح التوبي 5 دروس مستفادة، أولها: أهمية إطار تشريعي للمناقصات والعقود (يشمل الجهات والشركات الحكومية والخاصة)، وثانيًا: توطين الصناعات (تقليل الواردات- زيادة الصادرات- التشغيل)، وثالثًا: وضع حلول تمويلية مخصصة لمشاريع القيمة المحلية المضافة، ورابعًا: إتاحة البيانات والمعلومات في مجال الواردات والسلع، وخامسًا: تحديد الفرص بالشراكة مع القطاع الحكومي والخاص وتنفيذ برامج لتطوير الموردين المحليين.

وتحدث التوبي عن شركاء الهيئة في مبادرات القيمة المحلية المضافة، وهم: شركة مزون للألبان، حيث نجحت في توطين الصناعات التحويلية بالقطاع الغذائي بنحو 20 مليون ريال، وكذلك الشركة العمانية للنطاق العريض من خلال توفير عقود ومشتريات أعمل في قطاع الاتصالات بنحو 21 مليون ريال، وهيئة تنظيم الخدمات العامة التي ساهمت في توطين مؤسسات في قطاع الكهرباء (الفئة C)، بعدد 10- 15 مؤسسة، والشركة العمانية لخدمات المياه والصرف الصحي- إحدى شركات مجموعة نماء- والتي نجحت في توطين التصنيع الزراعي من خلال توفير أرض زراعية بمساحة 17 ألف متر مربع لثلاثة مشاريع.

وأشار التوبي إلى معايير مفاضلة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للحصول على فرص الأعمال، والتي تتضمن خبرة المؤسسات في المجال أو التخصص، وتصور المؤسسة لتحقيق أعلى عائد (التشغيل واستخدام المنتجات المحلية)، ودراسة الجدوى الاقتصادية المقدمة، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في المحافظة، والمؤسسات ذات نسبة التعمين الأعلى، ومعايير أخرى تقترحها الجهة الموفرة لفرص الأعمال.

وأكد نائب رئيس هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالندب أن الهيئة تعمل على إيجاد بيئة محفزة لتوطين الصناعات، وصناعة الفرص، وتمكين الكوادر، من خلال توجه استراتيجي يرتكز على ربط القيمة المحلية المضافة بتوطين الصناعات وتنافسية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ووضع إطار تشريعي وتنظيمي يتضمن تخصيص قوائم إلزامية للمنتجات الوطنية، وإطار تشريعي لسياسات المشتريات والعقود، وتحديد حجم المشاريع السنوية في خطط الجهات ذات الصلة، وتوفير بيانات ومعلومات حول الواردات من المنتجات والسلع. وأشار إلى أن الهيئة تعمل على عقد شراكات مستدامة مع القطاعين الحكومي والخاص، من خلال تحديد الفرص وتفكيك سلاسل التوريد، والتعاون مع الهيئة لتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مشاريع القيمة المحلية المضافة، إلى جانب بناء القدرات الوطنية مثل تبادل المعرفة والخبرات للعاملين في مجال المشتريات والعقود والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فضلا عن تعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات وتطوير التكنولوجيا من خلال التطوير والبحث في القطاعات المستهدفة وزيادة قدرة المؤسسات التنافسية من خلال الابتكار واستخدام التكنولوجيا.

المحور الأول

عقب ذلك انطلق المحور الأول من أعمال المنتدى بعنوان "2040.. واستدامة برامج القيمة المضافة"، والذي تضمن عروضًا مرئية، قدمها المهندس زهران العبري مدير القيمة المحلية المضافة بشركة تنمية نفط عُمان، والدكتور هلال الصواعي رئيس فريق القيمة المحلية المضافة بشركة دليل للنفط، والمهندس مبروك السيابي مدير القيمة المحلية المضافة بشركة أوكيو، والدكتور جلال الحضرمي رئيس مجلس إدارة المشاهير العالمية القابضة، وهيثم بن خليفة النعماني مسؤول التواصل والإعلام بشركة سيح السرية.

ومن ثم انطلقت الجلسة النقاشية بالمنتدى والتي حملت عنوان "الأبعاد المستقبلية وآليات التعميم على القطاعات عمان 2040"، وشارك في الجلسة المتحدثون المحور الأول، فيما أدار الجلسة غسان فضل بيت سليم خبير القيمة المحلية المضافة بالبرنامج الوطني للتشغيل.

توصيات "منتدى عُمان للقيمة المحلية المضافة"

 

  1. تكثيف الجهود الحكومية لإيجاد محفزات لتوطين الصناعات والخدمات وتمكين الكوادر عبر توجهات إستراتيجية تربط القيمة المحلية المضافة بتنافسية المؤسسات.

 

  1. سن تشريعات مُلزمة للشركات بتخصيص نسبة لا تقل عن 30% من مشتريات السلع والخدمات من داخل السلطنة.

 

  1. إعداد تقارير دورية سنوية ملزمة لتقييم أداء برامج القيمة المحلية المضافة، وفرض غرامات حال عدم الالتزام.

 

  1. تطبيق نهج المفاضلة بين المؤسسات في الحصول على فرص الأعمال وفقًا لمخصصات برامج القيمة المحلية المضافة.

 

  1. حث المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على التسجيل في "دليل المنتجات والخدمات الوطنية".

 

  1. تطوير آليات توزيع الإنفاق بصورة تُسهم في تعزيز الإنتاجية وتوفير الوظائف.

 

  1. دعوة الشركات الكبرى لزيادة المشتريات الوطنية، وتسريع خطط توطين الصناعات والخدمات لتعظيم العوائد.

 

  1. تعجيل سياسات تمكين الكوادر الوطنية في مختلف المجالات عبر التأهيل والتدريب.

 

  1. دعوة الشركات لتبني برامج القيمة المحلية المضافة وفق رؤية إستراتيجية متوسطة وطويلة الأمد.

 

  1. مناشدة الجهات المعنية ضرورة تقديم الحوافز والتسهيلات للشركات المطبقة لبرامج القيمة المحلية المضافة.

 

  1. استحداث برامج وآليات دعم وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبر برامج القيمة المحلية المضافة.

 

 

 

لتحميل أوراق العمل :

 

الكلمة الترحيبية المكرم حاتم بن حمد الطائي اضغط هنــــــــــــــــــا

البيان الافتتاحي سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن  اضغط هنــــــــــــــــــا

الكلمة الرئيسية المهندس عبدالأمير بن عبدالحسين العجمي  اضغط هنــــــــــــــــــا

ورقة عمل لــ م.زهران العبري اضغط هنــــــــــــــــــا

ورقة عمل لــ د.هلال الصواعي اضغط هنــــــــــــــــــا

ورقة عمل لــ م.مبروك السيابي اضغط هنــــــــــــــــــا

ورقة عمل لــ د.جلال الحضرمي اضغط هنــــــــــــــــــا

ورقة عمل لــ هيثم بن خليفة النعماني اضغط هنــــــــــــــــــا

ورقة عمل لــ قيس التوبي اضغط هنــــــــــــــــــا

 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة