◄ حسان النبهاني: الوضع الحالي للطريق لا يستوعب الإقبال السياحي الكبير
◄ البلوشي: السلامة ليست خيارا بل أمانة.. وتعديلات بسيطة تنقذ أرواح الكثيرين
◄ أحمد النبهاني: تصميم الطريق غير آمن ويتسبب في حوادث مرورية متكررة
◄ الفهدي: السلوك الخاطئ لبعض السائقين يزيد من الحوادث المرورية
◄ الصقري: تكثيف التوعية وتغريم المخالفين أمور مهمة لقيادة آمنة
الرؤية- ناصر العبري
شهدت السنوات الأخيرة إقبالا واسعًا من الزوار على ولاية الجبل الأخضر التي تتمتع بمقومات سياحية فريدة، إلا أن طبيعة التضاريس الجبلية تعد من أبرز التحديات التي تواجه السكّان والزوّار، وتتسبب في وقوع العديد من الحوادث المرورية.
ويؤكد عدد من المواطنين أن البنية الأساسية للطرق لم تعد ملائمة لزيادة الإقبال على زيارة الولاية وتحتاج إلى تدخل سريع لإجراء الصيانة والتوسعات اللازمة للحفاظ على الأرواح وتلبية احتياجات الحركة المتزايدة.
وقال سعادة حسان بن أحمد النبهاني عضو مجلس الشورى ممثل ولاية الجبل الأخضر، إن سلطنة عُمان من الدول المتقدمة في جودة الطرق، وقد حازت على تصنيفات مرموقة وفقًا لتقارير من منظمات دولية متخصصة، وذلك على الرغم من التحديات الجغرافية التي تتسم بها بعض الولايات، ومنها ولاية الجبل الأخضر، مضيفاً أن الجبل الأخضر كغيرها من ولايات السلطنة، حازت على عناية الدولة، حيث شُق الطريق الرئيسي إليها في بداياته على يد قوات السلطان المسلحة، ثم قامت وزارة المواصلات آنذاك بتطويره وتعبيده وفق احتياجات تلك الفترة، وبمعايير تصميمية مبنية على حجم الاستخدام من قبل أهالي الجبل الأخضر والمؤسسات المتواجدة فيه آنذاك، وبما يتوافق مع الإمكانات المالية آنذاك، وأسهم هذا الطريق بدور كبير في ربط الولاية بمحيطها، وفي دفع عجلة التنمية وفتح آفاق جديدة لأبنائها.
وأضاف أنَّ الواقع الراهن يُؤكد أنَّ هذا الطريق لم يعد يلبّي متطلبات المرحلة الحالية، نظرًا لازدياد الكثافة المرورية من قبل السكان والسياح على حد سواء، وقد تضخمت بعض الإشكاليات الهندسية والفنية الخطيرة نتيجة ارتفاع حجم الحركة المرورية على الطريق، مما أصبح يؤثر على السلامة العامة، فبتحول الجبل الأخضر إلى مقصد سياحي رئيسي، بات الطريق الرئيسي يشهد ازدحامًا مروريا في أوقات الذروة والعطلات يفوق طاقته الاستيعابية، وهو ما أدى إلى ازدياد واضح في عدد الحوادث، التي لم تَعُد أخبارها غريبة علينا، وتؤلمنا لما تخلفه من خسائر في الأرواح، سواء من المواطنين أو الزوار.
وبيّن سعادته: "يعاني الطريق الرئيسي من إشكاليات عديدة، أهمها معابر الأودية التي تتسبب في عزله التام عن مراكز الخدمات الرئيسية، وانقطاع تام للطريق عند هطول الأمطار وجريان السيول، ومن أبرز هذه المعابر: وادي أبو جابر، ومعقل القصم، ووادي سيق، ووادي قتم، وجميعها تؤدي إلى انقطاع الطريق عند هطول الأمطار، وتعطيل مصالح الناس، وتؤثر سلبًا على حياتهم، كما أن الانحدارات الحادة للطريق لا تتوافق مع المعايير الهندسية المحلية أو الدولية، ما يستدعي استخدام مركبات دفع رباعي ويضاعف التكاليف على الأهالي، سواء في النقل أو التموين أو الإنشاءات، ناهيك عن خطورة التساقطات الصخرية خلال موسم الأمطار".
وتابع قائلا: "الطريق المؤدي إلى وادي بني حبيب، لا يتناسب إطلاقًا مع حجم السير عليه أو نوعية المركبات التي تستخدمه، سواء من حيث عرض الحارة، والسرعة التصميمة مما يفاقم من خطورة الحوادث، فالطريق يخدم منطقة ذات كثافة سكانية مرتفعة ومخططات إسكانية جديدة، فضلًا عن كونها مقصداً سياحياً أساسيا لكل زائر للجبل الأخضر، وفي هذا الإطار، نؤكد أهمية تنفيذ الأوامر السامية الصادرة عام 2012 بشأن رصف الطريق الرابط بين قرية الغليل وعقبة لبيوت، وهو طريق هام يخدم قرى عديدة مثل المعقل، دعن الحمراء، الجرير، صفي صحراء، الكهوف، الساقى، وعقبة لبيوت، ومصيرة الجواميد، وقد تم الانتهاء من التصاميم منذ سنوات بعد الشروع في تنفيذ الأوامر السامية، غير أن التنفيذ لا يزال معلقًا منذ أكثر من 13 عامًا، على الرغم من أهمية الطريق والكثافة السكانية في تلك القرى، ووجود مخططات إسكانية جديدة، ومعاناة الطلبة يوميًا من وعورة الطريق وطول المسافة للوصول إلى مدارسهم في الغليل وسيح قطنة وسيق، خصوصًا عند هطول الأمطار.
وأشار إلى أنه في 17 مارس 2015 وُقعت اتفاقية لتنفيذ طرق حيوية في الجبل الأخضر، وهي: طريق مصيرة الرواجح بطول 6.8 كم، وتكلفة تُقدّر بحوالي 1,750,000 ريا، وطريق مصيرة الجواميد بطول 7.6 كم، وبتكلفة تُناهز 1,100,000 ريال، وطريق مصيرة الشريقيين بطول 17 كم، وبتكلفة مماثلة، وقد شُرع في تنفيذ بعض هذه الطرق، إلا أن جميعها توقفت بسبب تعثر الشركة المنفذة في عام 2021، ورغم المتابعات المستمرة من الأهالي، فمن غير المعروف مصير هذه المشاريع، علمًا بأن طريق مصيرة الرواجح كان قد شارف على الانتهاء، كما نأمل أن يُنفذ طريق السوجرة (حوالي 4.5 كيلومترات) في القريب العاجل حسب التواصل مع المختصين، فالسوجرة من الوجهات السياحية البارزة في الجبل الأخضر، وقد استقبلت أكثر من خمسة آلاف زائر في عام 2023، في ظل تعاون مثمر بين الشركة الأهلية ووزارة التراث والسياحة، غير أنَّ الطريق المؤدي إليها ما زال غير مهيأ، ما يُصعّب الوصول إليها، ويُؤثر بشكل خاص على الطلبة القاطنين في القرية الذين يضطرون إلى عبورها يوميًا وصولًا إلى مدارسهم، والوضع نفسه بالنسبة لطريق سلوت (بطول 3.5 كيلومترات)، حيث هناك معاناة مماثلة، ويتكبد الطلبة والمواطنون يوميًا عناء التنقل عبر مسار غير معبد".
وذكر النبهاني: "من الطرق الحيوية الواجب الإشارة إليها، الطريق الرابط بين منطقتي قيوت والروس، الذي يبلغ طوله قرابة 8 كيلومترات، ويتميّز بانبساط نسبي يُسهّل شقه وتنفيذه، وسيوفر هذا الطريق لسكان هذا الجزء من الجبل الأخضر ما لا يقل عن ساعتين للوصول إلى مركز الولاية في سيح قطنة، ويوفر منفذًا استراتيجيًا ثانيًا للجبل الأخضر، وإمكانية كبيرة لتنمية مخططات إسكانية وعمرانية جديدة، ولا يفوتنا كذلك الإشارة إلى قرية مروح، التي يعاني أهلها من صعوبة الوصول إليها نظرًا لافتقار الطريق في معظم الأوقات إلى الصيانة المنتظمة، وما نقدّمه ليس مجرد عرضٍ للمشكلات، بل هو دعوة إلى حلول عملية، تعتمد على معرفة أبناء الجبل بتضاريسه، وحرصهم الصادق على سلامة الطرق وجودة الحياة، ونحن ندعو إلى تشكيل لجنة فنية مشتركة تضم الجهات المختصة وممثلين عن المجتمع المحلي، لوضع خطة عاجلة لإعادة تأهيل شبكة الطرق، وتنفيذ المشاريع المتعثرة، بما يتماشى مع أهداف رؤية عُمان 2040، ويُسهم في تنشيط السياحة، وتحسين جودة الحياة، وتعزيز الأمن والسلامة المرورية لمواطني وزوّار الجبل الأخضر.
من جانبه، قال إسماعيل بن شهاب بن حمد البلوشي الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن المحلي: "في آخر منعطف قبل الصعود إلى الجبل الأخضر، وتحديدًا في النقطة المعروفة بخطورتها، حصدت خلال الأشهر الماضية أرواحًا لا تقلّ عن عشر وفيات تقريباً، وقد نُلقي باللوم على السائق، أو على قلة الانتباه، ولكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها: هناك تجويف صخري في الجبل، ومعه احتمال الاصطدام حتمي في حال الانزلاق أو فقدان السيطرة".
وأضاف: "الأمر لا يتطلب ميزانية ضخمة ولا شهورًا من العمل؛ يومان إلى ثلاثة من الحفر بمعدة مناسبة كافية لتهيئة مكان لوضع ثلاثة خزانات مياه بلاستيكية تليها صفة أخرى مشابهة لما وضع في أماكن الطوارئ في نفس الطريق، هذه ليست رفاهية ولا تنظيرًا هندسيًا، بل إجراء بسيط قد ينقذ حياة إنسان كل يوم، فالسلامة ليست خيارًا بل أمانة، وأنا على ثقة بأن هذا الإجراء سيخفف من الإصابة ليس بأقل من سبعين بالمئة".
وفي السياق، أشار أحمد بن حمد النبهاني عضو المجلس البلدي ممثل ولاية الجبل الأخضر، إلى أنه على الرغم من الجمال الذي تتمتع به ولاية الجبل الأخضر، إلا أن الطريق إلى الولاية يشكل تحديًا كبيرًا للسائحين والسكان بسبب تصميمه غير الآمن، مما يؤدي إلى حوادث مرورية متكررة، خاصة في ظل تزايد أعداد الزوار سنويًا.
وأوضح أن الطريق به تعرجات خطرة ونزول حاد ومنعطفات حادة، كما أن 70% من الطريق تم تصميمه عندما كانت الحركة السياحية محدودة، لكن الوقت الحالي يشهد إقبالا واسعا من الزائرين، مما يزيد من خطر الحوادث، كما أنه يتم إغلاق الطريق بشكل متكرر بسبب الأمطار الغزيرة والضباب الكثيف وعبور بعض الأودية التي تعرض الزائرين والسكان للخطر.
ويقترح النبهاني تطوير الطريق الرئيسي ليشمل مسارين في كل اتجاه، خاصة في المناطق المزدحمة مثل مخطط سيح قطنة، وإنشاء مسارات طوارئ لاستيعاب المركبات المعطلة، وتغيير بعض المسارات لتسهيل الصعود والنزول وتركيب حواجز أمان حديثة، وتعزيز خدمات الطوارئ وتوزيع نقاط إسعاف وفرق إنقاذ على طول الطريق، خاصة عند المنعطفات الخطرة، وتوفير خدمات سحب المركبات المعطلة بسرعة، ووضع إشارات مرورية ذكية وتركيب لوحات تحذيرية قبل المنعطفات الخطرة، مع استخدام أنظمة تنبيه للسائقين عبر الهواتف الذكية، ونشر كاميرات مراقبة للحد من السرعة الزائدة.
وأكد عضو المجلس البلدي أن تحسين طريق الجبل الأخضر ليس ترفًا، بل ضرورة لإنقاذ الأرواح وتعزيز السياحة، التي تُعد مصدر دخل مهم لسلطنة عُمان، والأمر يتطلب تعاونًا بين الحكومة والقطاع الخاص لتنفيذ الحلول المذكورة، مع وضع خطة استراتيجية طويلة الأمد لتطوير البنية التحتية.
بدوره، لفت زهران بن سيف الفهدي من سكان ولاية الجبل الأخضر، إلى أن الولاية تعاني تحديات مرورية كبيرة، نتيجة لتضاريسها الجبلية وطرقاتها المتعرجة، وهو ما يؤثر على حركة التنقل ويزيد من خطر الحوادث ويؤثر على سلامة السائقين والمارة.
ويرى أن سلوك السائقين يلعب دورًا مهمًا في تفاقم هذه المشكلة، حيث يُلاحظ أن بعض السائقين يتجاوزون حدود السرعة أو لا يلتزمون بقواعد السلامة المرورية، كما أن العوامل الطبيعية مثل الضباب والأمطار والانهيارات الصخرية تزيد من تعقيد الوضع، مما يتطلب اتخاذ تدابير إضافية لضمان سلامة الجميع.
ويقترح الفهدي تحسين البنية الأساسية من خلال توسيع الطرق الضيقة وفتح طرق بديلة لتخفيف الضغط، وإنشاء أنفاق أو جسور لتجنب المنعطفات الخطيرة، وتركيب حواجز أمان وإضاءة أفضل في المناطق المعرضة للخطر، وفرض إجراء فحص دوري للمركبات لضمان سلامتها قبل الصعود إلى الجبل، وتركيب كاميرات مراقبة للحد من السرعة وتجاوز القوانين، ونشر دوريات مرورية في المناطق الخطرة، وتنظيم حملات توعوية حول القيادة في المناطق الجبلية وكيفية التعامل مع الظروف الجوية المتغيرة، والاستفادة من الحلول التقنية مثل نظام إنذار مبكر للتنبيه عن الأحوال الجوية الخطرة، وتطوير تطبيقات ذكية تُظهر حالة الطرق وتحذر من المناطق الخطرة.
أما أحمد بن عبدالله بن سلام الصقري من سكان الجبل الأخضر وصاحب مصنع تقطير ماء الورد؛ فيؤكد على ضرورة تكثيف التوعية لسائقي المركبات لأن الكثير منهم غير ملم بطرق القيادة في المرتفعات والمنحدرات، إلى جانب قيادة صغار السن المتهورة التي تعد من أبرز التحديات والانشغال بالهاتف أثناء القيادة والسرعة الزائدة.
فيما يقترح الدكتور هاشل بن سعد الغافري إجراء صيانة دورية للطريق الجبلي، وعمل طريق مزدوج وتوسعة حاراته، ومعالجة المنحدرات الحادة للتقليل من مخاطرها، وإيجاد نقاط مرورية متعددة على طول مسار الطريق الجبلي، ومساحة كافية على جانبي الطريق لتفادي المواقف الفجائية، ووضع لوحات إرشادية مضيئة وفرض رسوم كبيرة على المخالفات في الطريق الجبلي، إلى جانب إطلاق حملة توعوية إعلامية عبر منصات التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية المختلفة، بالتعاون بين الجهات المعنية، للتوعية بمخاطر عدم الالتزام بقوانين السير في الطريق الجبلي وشرح كيفية القيادة على طريق الجبل الأخضر.