علي بن بدر البوسعيدي
التطورات الحاصلة فيما يتعلق بملف الباحثين عن عمل لا تنفصل تمامًا عما يشهده الوضع الاقتصادي العام والمعيشي لكل مُواطن من ضغوط، فالمحصلة واحدة، وهي أنَّ هناك حالة من الركود أصابت العديد من قطاعات الإنتاج بالشلل، فضلاً عن تراجع الحالة المعنوية لفئات مختلفة من المواطنين، نظراً للعديد من النقاط نفصلها فيما بعد.
لكن ينبغي أولاً أن أشير وبكل موضوعية إلى أنَّ الركود الاقتصادي تأثرت به كل دول العالم منذ العام الماضي، مع بدء تفشي وباء كورونا، ولجوء الحكومات إلى الإغلاقات وفرض إجراءات تسببت في خسارة الملايين من العاملين حول العالم لوظائفهم، فضلاً عن ارتفاع نسب البطالة. غير أنَّ هذه الدول اتخذت حزماً إجرائية هدفت من خلالها إلى تخفيف وطأة الأزمة، لا سيما في الدول التي عانت من زيادة هائلة في إصابات ووفيات كورونا، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا. إلا أنَّ ما يهمني أن أوضحه هنا، هو تضخم أعداد الباحثين عن عمل في بلادنا، نظرا للعديد من المتغيرات والظروف، من المؤكد أنَّ من بينها أزمة كورونا، لكن العامل الأكبر الذي تسبب في ضعف سوق العمل نتج عن أزمة تراجع أسعار النفط والانخفاض الكبير في الإيرادات العامة للدولة، وما صاحب ذلك من تراجع الإنفاق الحكومي، خاصة على المشاريع التي توفر فرص عمل للمواطنين، وتساعد في نمو الاقتصاد، وتحريك عجلة الإنتاج، إضافة إلى عدم التوسع في برامج الإحلال والتوظيف، لا سيما في التخصصات التي تشهد زيادة كبيرة في أعداد الخريجين.
وهنا نؤكد أنه ينبغي أن تمثل قضية الباحثين عن عمل أولى أولويات المرحلة الراهنة، ولا نلقي باللوم الكامل على وزارة العمل وحدها، لكن يجب في الوقت نفسه أن تسارع الوزارة بتنفيذ ما أعلنته من خطط وبرامج لتوفير فرص العمل للشباب، خاصة وأن أعدادًا كبيرة من المواطنين أحيلوا إلى التقاعد، ومن ثم هناك شواغر عديدة في القطاع الحكومي، الأولى بها الباحثون عن عمل والمُسرحون من وظائفهم.
نقطة أخرى أسلطُ عليها الضوء مرتبطة بأسباب الأزمة الراهنة، وحالة الركود الاقتصادي، وهي أن غياب اللقاحات المضادة لوباء كورونا فاقم من حالة الركود، وأثر بصورة سلبية للغاية على القطاعات الاقتصادية، فبينما بعض الدول قد انتهت من تطعيم الملايين من سكانها، وفتحت الباب على مصراعيه للأنشطة الاقتصادية والسياحية والثقافية، نظل نحن هنا ندور في دائرة مُفرغة من الإغلاق والفتح ثم الإغلاق والفتح... إلخ.
وأخيرًا.. من مسببات الوضع الراهن أيضًا صدور بعض القرارات الصادمة للمُواطن، بل والتعجل في تطبيقها والأسوأ من ذلك تطبيقها بأثر رجعي!! وهنا نهمس في أذن المسؤول أن يعلم جيدًا متى يختار توقيت إصدار القرارات، فمثلا القرار الخاص بالأراضي السكنية لم يكن توقيته موفقاً أبدًا، بل كان يُمكن تأجيله حتى لعامين.
فمتى نتدارك الأمر ونطمئن المواطن ونقف بجانبه؟!