المشكلة في التنفيذ

 

علي بن بدر البوسعيدي

 

في كل صباح أحرصُ على قراءة الصحف اليومية، وأولها صحيفة الرؤية الغراء، كما أتصفح بين الحين والآخر على مدار اليوم، ما يُتداول عبر منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة في مجموعات الواتساب، لمعرفة آخر التطورات والمُستجدات، لكن يلفتُ انتباهي دائمًا أن الإعلام الحكومي والخاص يتعامل مع كل شيء من حولنا وكأن الحياة وردية، وكأن قضايا الناس تتلخص في ازدحام مروري هنا أو هناك أو حتى سعر تذكرة سفر، وغيرها من القضايا التي لا تعكس حقيقة المشكلات التي يُعاني من المواطن في كل مكان وفي كل قطاع تقريبًا، فأين الخلل؟

عندما أحاول أن استكشف الأمر، أتساءل في حيرة: لماذا هذه الفجوة العجيبة؟ وكأن قضايا المجتمع الحقيقية سقطت في ثقب أسود بلا عودة! أين الحديث عن القضايا التي تعج بها المحاكم وتكتظ بها أرفف الادعاء العام، وخاصة القضايا المتعلقة بتعرُّض مواطنين للاحتيال والنصب، وقضايا الإيجارات المتأخرة، وقضايا التهرب من دفع المستحقات. وإذا ما تأملنا هذه القضايا وغيرها، نجد أنها نتيجة للأوضاع المعيشية التي يمر بها قطاع عريض من المجتمع، والذي يتمثل في فئة الباحثين عن عمل وفئة المُسرَّحين من أعمالهم، فهؤلاء لا يجدون مصدر دخل ينفقون منه على التزاماتهم الشهرية، فيتحولون إلى متهمين في نظر القانون، ويصل الحال بالكثير منهم إلى الزج خلف قضبان السجن، تاركين أسرهم وأطفالهم بلا مُعيل قادر على توفير لقمة العيش لهم.

وعندما نقول أين أصحاب الأيادي البيضاء لانتشال هؤلاء من غياهب السجن وتصحيح مساراتهم الاجتماعية والمالية، لا نجد سوى القلة القليلة التي تتبرع عبر هذه الجمعية أو تلك، حتى المبادرة الوحيدة المختصة بمساعدة الغارمين في السجون وهي مبادرة "فك كربة"، لا تعمل سوى لشهر واحد في السنة كلها، وتحديدًا خلال شهر رمضان، ولا ننكر فضل هذه المبادرة في فك كربة الآلاف، لكن لماذا لا تعمل بصفة مستدامة؟

لقد حان الوقت لإشهار جمعية الغارمين، ولا أعلم سببًا منطقيًا عقلانيًا يُبرر عدم إشهار هذه الجمعية، التي ستعمل طيلة شهور السنة على مساندة الغارمين ودعمهم لفك كربتهم، وتحريرهم من قيود الديون والقروض التي قصمت ظهورهم. هذه الجمعية ستقوم بدور حيوي للغاية في إطلاق سراح أعداد كبيرة من المحتجزين على ذمة قضايا مالية تورطوا فيها نتيجة أوضاع وظروف مختلفة، وآن الأوان لمساعدتهم وانتشالهم هم وأسره من الضياع.

مثل هذه الجمعية وغيرها، تُخفف الأعباء عن كاهل الحكومة وعن أفراد المجتمع، وتُعزز روح المواطنة والولاء والانتماء لهذا التراب الطاهر.

للأسف تزداد قناعتي أن وتيرة العمل في الكثير من الجهات تمضي بإيقاع بطيء للغاية، إيقاع يُسبب المتاعب والمشكلات، ولا يحلها، بل يفاقمها، ولا يتماشى أبدًا مع روح العصر، فمتى ننطلق في مسارات مستقبلية تخدم الإنسان وتتجاوز البيروقراطية البغيضة المُعرقلة لأي نجاح أو تقدم؟!!

الأكثر قراءة