جابر حسين العماني
مهما فعل العدوان الصهيوني في حروبه على مقدساتنا العربية والإسلامية، فهو غير قادر على قلب الحق إلى باطل، أو تحويل الأبيض إلى أسود، أو تغيير الخير إلى شر، فلا يصح في هذه الدنيا إلا الصحيح، فتلك فطرة أودعها الله تعالى في خلقه منذ أن خلق الله تعالى الإنسان وأوجده على الأرض.
إن الشعب الفلسطيني العظيم برجاله ونسائه وأطفاله وترابه ومقدساته، يستحق الحياة والاحترام والإكبار والتعظيم والتبجيل بجدارة واقتدار، فهو شعب "أبي ضرغام"، صامد قوي ليس بضعيف كما يعتقد بعض السذج، فمن يمتلك الإرادة والعزيمة والإيمان ويجعل من سلاحه العلم والاحترام لمبادئه وقضيته العادلة، فهو حتماً لابُد أن يكون من أقوى الشعوب، فقد أثبت للعالم بأسره احترامه وإجلاله لقضيته وأرضه ومقدساته، فلم يخن أرضه ولم يبعها لأحد.
نعم قد تقسو الكثير من الظروف على كثير من الدول والشعوب فتجد من يعتدي عليها دون وجه حق يذكر، فتسلب حقوقه وإمكانياته ومقدراته، ولكن مع كل ذلك تبقى الشعوب الواعية هي من تستطيع بترابطها ووحدتها ونضالها التغلب على مواطن الضعف واستبدالها بالحنكة والحكمة والعقل والوعي والإدراك، وذلك من خلال تحرير الأرض ومن عليها من السلطات الغاشمة والناقمة والمتربصة بأوطاننا.
اليوم عندما نقرأ أحداث القدس الشريف عبر الأزمنة الماضية نجد أن القدس تحررت من الغاشمين والمتربصين أكثر من مرة، وهذا يعني أنَّ هناك عناية سماوية بأهميتها وأهمية مقدساتها المباركة، ولو اعتقد الكيان الصهيوني الغاشم أنَّه يمتلك القبة الحديدية، وأنظمة الدفاع الجوي، والصواريخ الكثيرة والكبيرة ذات القواعد المتحركة، إلا أنه سيبقى عاجزا عن إذلال أحرار العالم في فلسطين وخارجها، فهم لا يموتون إلا على الحق والشهادة، ولا يملون ولا يكلون عن نصرة القضية الفلسطينية العادلة.
ونحن نتابع اليوم الأوضاع الفلسطينية عبر الإعلام المرئي والمقروء والمسموع والوقوف على ما قامت به الآلة الحربية الصهيونية الغاشمة تجاه الإنسان الفلسطيني، واقتحام المسجد الأقصى، وقتل ودمار وشتات وظلم وجور وابتلاع حق الإنسان الفلسطيني، وعدم منحه الحياة على أرضه وتحت سمائه، إلا أننا نجد الإنسان الفلسطيني يقدم نفسه دائماً من أجل أرضه وقضيته ومقدساته، فيرسم بذلك الأمل والقوة والنضال في نفوس الشعوب العربية وأحرار العالم.
قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. ومن خلال هذه الآية المباركة نتعرف على أهمية المسجد الأقصى الذي باركه الله تعالى، بل وذكره في كتابه العزيز، لذا ينبغي احترامه وتقديسه وإجلاله والدفاع عنه، ولا يجوز تدنيسه أو إهانته أو منع المصلين من أداء الصلاة فيه كما هو حاصل في هذه الأيام وما قبلها من قتل وتنكيل للمصلين الأبرياء.
اليوم ينبغي على أحرار ومثقفي العالم التضامن الجاد مع القضية الفلسطينية أكثر مما مضى كما فعل الأوفياء للقضية الفلسطينية في بعض البلدان العربية والإسلامية، أمثال جمعية الصحفيين العمانية التي أدانت العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني.
أما على صعيد الخارجية العُمانية فقد كان لها نصيبها في السبق حول الاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى، فقد أعربت السلطنة عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني الشقيق وتأييدها الثابت لمطالبه العادلة، وقد جاء على لسان وزير خارجيتها معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية فيما أشار معاليه إلى أن سبعين سنة "من المعاناة والآلام والمآسي يخوضها الشعب الفلسطيني الأعزل تحت وطأة الاحتلال، دون الحصول على حقه في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة، رغم المحاولات العديدة والمضنية على مر الأعوام لإرساء السلام العادل والشامل، إنها حقا أعظم مُعاناة إنسانية في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، فقد بلغ السيل الزّبى، ولن تنتهي هذه المعاناة إلا بإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من يونيو 1967، وحصولها على كامل العضوية لدى الأمم المتحدة".
إن ما نحتاجه اليوم في القضية الفلسطينية، والتي جوهرها القدس الشريف ليس ردود أفعال فقيرة وسطحية وخجولة؛ بل نحتاج العمل الجاد لتوفير بيئة مُتكاملة للسلام العالمي وتكاتف العالم الإسلامي من أجل الدفاع عن القدس الشريف.