جابر حسين العُماني **
يُعد مجلس صحار الثقافي من أهم الصروح الثقافية العُمانية، والتي لها دورها الفعّال في نشر المعارف العلمية الرصينة في المجتمع المحلي والخارجي، ومنذ أن تأسس وإلى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال لا يزال القائمون على المجلس يعملون بجدٍّ واجتهادٍ كخلية نحلٍ لا تكلّ ولا تملّ، حاملين رسالة الثقافة العُمانية الأصيلة، التي تعزّز الوعي الاجتماعي وإحياء التراث الوطني وتعريفه للعالم، واحترام العقول، وتشجيع الحوار العلمي البنّاء، وممارسة الإبداع واستغلاله في المجالات الحياتية المتنوعة؛ سواء على الصعيد الثقافي أو الأدبي أو الفكري، والمُساهمة الجادة في حفظ ذاكرة الأمم.
يسعى مجلس صحار الثقافي بما يمتلكه من رؤى ثاقبة، وطاقات شبابية عُمانية مخلصة، إلى الإسهام الدائم والفعّال في بناء المجتمع فكرًا ومنهجًا، بما يليق بالثقافة العُمانية الأصيلة التي لا تنبتُ إلّا طيبًا.
لقد عمل المجلس على تقديم منصات حوارية تجمع الأدباء والباحثين والمؤلفين المخلصين في المجتمع العُماني، سعيًا منه إلى إبراز الهوية الوطنية بأجمل صورها للجميع. وذلك من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية المتواصلة، التي تسلّط الأضواء على الموروث العُماني العريق، والتعريف بالتاريخ المشرق في سلطنة عُمان. وقد كان لتلك البرامج أثرٌ واضحٌ في ترسيخ الانتماء الوطني لدى الأجيال الناشئة، وربطها بماضي الأجداد المجيد.
يولي مجلس صحار الثقافي منذ الوهلة الأولى لتأسيسه وحتى اللحظة، اهتمامًا كبيرًا لتنمية المواهب الأدبية، ودعمها وصقلها وتشجيعها، سواء على صعيد الكتابة والرسم، والقصة والرواية، أو الفنون الأخرى المختلفة، وذلك باستضافة المبدعين والموهوبين من شباب الوطن، الذين نذروا أنفسهم وسخّروا طاقاتهم المتفتِّقة بنور العلم والفهم لخدمة الوطن وأهله الكرام، وإتاحة الفرصة لهم لتقديم تجاربهم الإبداعية والمساهمة بذلك في خدمة الوطن والمجتمع.
ومن الجهود الطيّبة المبذولة في المجلس أيضًا، الاهتمام بالكتّاب العُمانيين، وفي الوقت نفسه تسليط الضوء الإعلامي على إصداراتهم الفكرية ومناقشتها، وتعريفها للمجتمعات العربية والإسلامية، بحيث يسهم ذلك في حركة واضحة للنشر في المجتمع المحلي والخارجي، كما يسعى المجلس مشكورًا لكي يكون الملاذ الآمن للباحثين والمؤلفين والمفكرين، وذلك بتعزيز الحوار وتفعيله في أهم القضايا الإنسانية والاجتماعية التي يحتاجها المجتمع، ويأتي ذلك من خلال عقد الكثير من الجلسات الفكرية النقاشية المستمرة، التي تهتم بفنون الأدب بكافة أشكاله وأنواعه، وبما يتناسب مع القيم والمبادئ العُمانية السمحة التي تربى عليها الإنسان العُماني.
وإن من أهم الموارد التي ينبغي الاهتمام بها على الصعيد الثقافي هو الاستثمار الحقيقي للإنسان، وتعزيز مستقبله بين الأمم. ولا يزال مجلس صحار يبرهن للجميع أنه نموذج حقيقي للبناء الناجح، لما يملكه من طاقات فكرية شبابية تؤهله للإسهام الفاعل والمستمر في رقي المجتمع العُماني وازدهاره.
ومن هنا، ينبغي على الجهات الرسمية في البلاد توفير الدعم اللوجستي والمالي والإعلامي لتعزيز ما يقوم به المجلس من فعاليات وأنشطة ثقافية مباركة، تسهم في حفظ المجتمع من الجهل والتجهيل، وكما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: "الجهل أصل كل شرّ".
اليوم.. نحن بحاجة ماسة إلى أن نحذو حذو مجلس صحار الثقافي، وأن ننشئ مجالس مماثلة في بقية الولايات تُعنى بالشأن الثقافي وتسهم في نشر الوعي بين أفراد المجتمع بصورة أوسع وأكثر فاعلية، حتى يتمكن الجميع من نبذ الجهل والتمسك بالقيم الإنسانية والاجتماعية.
ختامًا.. إنَّ ما نأمله اليوم من كافة الجهات الرسمية والمُجتمعية على كافة الأصعدة هو أن تتضافر الجهود لتكون يدًا واحدة في دعم مجلس صحار الثقافي، وكذلك المجالس المُماثلة له حتى تتمكن من أداء واجباتها الثقافية على أكمل وجهٍ مُمكن، وبالتالي نستطيع جميعًا تحقيق الأهداف الرسالية في خدمة الوطن وأبنائه الكرام.
** عضو الجمعية العُمانية للكتّاب والأدباء
