عهدٌ لأصالة العهد

جيهان رافع

الوطن في قلبها أكبر من مساحات العالم، ينبض في عروقها فتنبض شوارعه باسمها.

سيّدةٌ أشرقت بوجهٍ كشمسِ الصباح، زيّنت بنورِ قلبها حياة المرأة العمانية بشكلٍ خاص، وأضفت لحضور المرأة الأصيلة تميزًا بحضورها الملائكي في الحياة العمانية بشكلٍ عام.

حين بدأت الكتابة عن السيدة الجليلة عهد بنت عبدالله البوسعيدية -حفظها الله- شعرت بأصابعي أزهرت احترامًا وامتنانًا لهذا القلب الجميل، الذي قرأت وسمعت عنه الكثير والكثير من الرقي والتواضع والجمال الروحي، وأعترف بأنها من القلائل اللاتي أرفقنَ جمال ابتسامتهنَّ بأفعالٍ أكثر جمالًا، ومن قلبٍ كبيرٍ اتسع للصغير قبل الكبير وللفقير قبل الثري، وهي التي تقوم بالاستماع إلى الناس وتدعمهم معنويًّا ونفسيًّا حين يرونها تسير بينهم بتواضعٍ كثير الرقي، فتزيد على قوّة الناس أملًا يُقويهم أكثر ويزيد من دفعهم لعُمان نحو مستقبلٍ أفضل قوى.

اليوم.. سمعتُ وقرأتُ عن زيارتها لولاية إزكي، وشاهدتها وهي تضع يد طفلة صغيرة بيدها كأمٍ لها، وتستمع إلى صوتها الجميل بروحٍ سامية رفيعة المستوى، وما أثار انتباهي كمُقِيمة في هذا الوطن الجميل الذي سكنتُ فيه فسكن قلبي، أنّ إنصات سيّدة جليلة بمقامها الرفيع لصوت طفلة، هو بحد ذاته يرسم على وجهي معالم الدهشة، ونظرتها الحانية التي جعلت الطفلة تشعر بالطمأنينة وتصدح بصوتها دون أي شعورٍ بالرهبة لوقوفها أمام سيدة الوطن، فهذا وهبني شعورًا بالدهشة والامتنان للظروف التي ساعدتني لأقيم هنا، ووهبني ذات الطمأنينة التي شعرت بها تلك الطفلة، فالذي يحنو على شعبه يحنو على المقيم أيضًا، وهذا ما ميّز عُمان الرائعة حكومةً وشعبًا.

لا شكَّ أنَّ ما دعاني للغوص في أن أبحر في سيرة السيدة عهد -رعاها الله- هو مساعدتها لبعض المشاريع الصغيرة ودعمها لها لتغدو كبيرة، أصالة روحها عندما زيّنت حقيبة يدها بصورة السلطان قابوس -طيّب الله ثراه- تدل على حرص العائلة الحاكمة الكريمة بشكل عام، وحرص السيدة الجليلة على بقاء ذاكرتها ممتلئة بروحه، وأن يظل نهجه مرافقًا لهم أينما حلّوا وكيفما توجهوا. أثناء زيارتها لولاية بهلا بمعية سعادة حليمة الزرعية رئيسة هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، اطلعت على مسار صناعة الفخار في المركز التابع للهيئة، وتعرفت على مراحل الإنتاج وطرق تسويقه، والتحديات التي تواجه أصحاب الحرف، حرصًا منها على مصلحة الجميع، وعلى تقدم ودعم الحرف التي تعكس صورة الأصالة والعراقة العمانية على حدٍّ سواء، ولدراسة ما يمكن تقديمه لأصحاب هذه الحرف كي تستمر بعطائها.

ولقد تميَّز تواضعها بشرائها أثوابًا تعكس التقاليد العمانية، وتعكس أصالتها، حين انتقتهم من مصممات عمانيات وبألوانٍ عمانية؛ فكان ظهورها مؤخرًا باللون الأخضر الذي تميزت بعشقه المرأة العمانية حين مزجت بين الحداثة والتقليد في التصميم واللون، واختارت الأخضر الذي يدل على جمالية الروح وروحانية الجمال. وأما عن "الشيلة" التي انتقتها من الحرير فهذا يعني نعومة تفكيرها وجماله بدعم المصممات العمانيات كي يتقدمن أكثر، فراح الفخر العماني يتلألأ ويشعّ من نظراتها فرحًا وعزّة وبهاءً؛ لأنها عهدٌ متجدد لأصالة العهد.

وبمناسبة يوم المرأة العالمي، أقدِّم تهنئة إلى تاج النساء وسيّدة العطر السيّدة الجليلة عهد البوسعيدي -حفظكِ الله- كل عام وأنتِ الخير لكل يوم، وعطر الأرض العُمانية المعطاءة، والبدر لسماء قلوب العمانيين وقلوبنا.. كل يومٍ وأنتِ سيّدة بألف قصيدة تسري في شرايين الجمال والشعر والكلمات.