يمرض لكنه لا يموت!

راشد بن محمد الشحي

المتتبِّع لمعترك الحياة اليومية، يسمع ويشاهد مواقف شتى لا حصر لها من الصراعات الأزلية بين الحق والباطل، وهي سُنَّة الله في خلقه منذ الأزل، ولكل فريق أتباع وأنصار، والعجب العجاب تكاد ترى الحق مع مفترق الطرق وهنا ضعيف لا لشيء؛ فيكفيه ضعفا كثرة الغثاء في الفريق الباطل.

ولنا في الدين الحنيف والرسالة المحمدية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيرَ مثال؛ حيث بدا ضعيفا حتى قويت شوكته، والمسلمون من حوله بعدما أعزهم الله جل في علاه بالإسلام سادوا الأمم، وخضعت لهم الممالك والأمصار بالصبر والثبات واليقين بالنصر، ولو بعد حين، يتحقَّق النصر رغم قسوة الصبر ومرارته وسطوة وطغيان الباطل ومن شايعه.

يُنادي المنادي وتقرع الطبول في أسواق المدينة التي يراد لها أن تكون فاضلة، بأنَّ الحقبة والزمان زمن محاسبة، ويأبى من اعتاد على الإثم والفساد إلا أن يقوم بما اعتاد عليه من أفعال وتصرفات شخصية، لا تمُت للوظيفه العامة ولا لسلطة الدولة بصلة مُطلقا، ولن يجنى من هذه الأهواء والتصرفات غير المسؤولة سوى الإخلال بميزان الثقة الذي نَصَبته سُلطة الدولة عُنوانا للعدل والمساواة في قضاء الحوائج بين الرعية، وكل حسب موقعه، والوظيفة العامة المؤتمن عليها، ومن أقسم على أدائها بإخلاص وأمانة.

فليحذَر كل باغٍ على الحق وخارج عن طريق الصواب من الانقياد لهوى الأنفس واستغلال أمانة الحق في غير موضعها، ظنا منه أنه سيُسهم بالتعجيل به لغرف إنعاش الشرفاء؛ تمهيدا لموتِه والقضاءِ عليه، فليعلم أنَّ الحق من أسماء رب العزة جل في علاه، والنصر والغلبة -طال الزمان أو قصر- ستبقى لفريق الحق؛ كونه قد يمرض لكنه لا يموت، ولسان حال العهد المتجدد يقول إنه سيضرب بيد من حديد على كل خارج عن المسار القويم، نصرة للعدالة والحق.. حفظ الله جلالة السلطان وحكومته الرشيدة وأيده بنصره.. إنه سميع مجيب الدعاء.

تعليق عبر الفيس بوك