عائض الأحمد
لم تَكُن أكثر من سراب لن تبلغه ولن يروي عطش سنين، رسمتها بريشه فنان مُبدع كانت تحيطها أماني وتطلعات وأحلام تبدَّدت في أول صدام فانكسر البرواز، ولم يعد يستطيع حمل الصورة بعد أن ظلت سنوات مُثقلة بحمل ما لا تطيق، وكأنها أرادت ذلك، فأقسمت أن تتحطَّم وتتناثر إلى أجزاء وفتات؛ فلعل أحد الحمقى يهم بجمعها وإعادتها إن بقي منها شيء يستحق.
لم تكن أكثر من طيف مر هكذا وانتهى بطرفة عين.. كانت تُجيد التمثيل وتعشقه؛ فكانت كلما هممت بفعل يردعها أو تسأل يحرجها، ترد: "أين أنت مني سيدي، لا تعيب الفعل وامسح زلتي// أنت لي حبا ترعرع داخلي// أنت لي دار وسكنا// أنت نعم المنزلي".
يقول "راعي الغنيم": هل تعلم أنني لم أكن يوما هنا، ولم تكن هذه مهنتي حتى حلَّ بي ذاك الألم، فتركت كل شيء حولي، اعتقدت يوما أنه الأجمل ورحلت إلى الصحراء أتنفسها، أهيم بها وبهواها العليل النقي، يجول بها نظري دون أن يحجبه حاجب أو يقطعه مرور صورة قد تذهب به إلى ما قد يشغله، لا تظنه هروبا كما اعتقد البعض، وإنما مرحلة أنفض بها ما علق من غبار سنين كانت تثقل كاهلي، كُنت أموت فيها كل يوم عشرات المرات دون أن يشعر بي أحد، غير تلك المتنمرة اللعوب المستترة خلف سِتار أبيض يسكنه أشباح تحركها أوهام تتطاير في مهب الريح.
لستُ بأكثر ندمًا أو حُزنا، ولن تبيض عيناي حزنا من تاجر خسر تجارته في يوم واحد؛ فهذا قدر القلوب، وهذا فعل من ساقتها الأقدار وجعلت منها "سيدة" رغمًا عنها.
يقولون: "الأخلاق والسياسة ضِدَّان، والتجارة والرحمة لن يلتقيا، والحب وكل ما عداه أحلام فتيان"، ينثرون صورا رمزية ثم ينسجون عليها أحداثا وكأنها الحقيقة المطلقة، فاقبل منها ما شئت ودع لها "ما حرَّمته على نفسها"، وأنت تبادلها حرمة العيش إلى الأبد.
-----------------------
ومضة:
لن تكون نهايه العالم امرأة.
*****
يقول الأحمد:
لن تحيا معها مرتين، فالحياة مرة واحدة فقط!