ترقب عالمي للموجة الثانية من "كوفيد-19".. والفحص والتتبع بصدارة الإجراءات

ترجمة- رنا عبدالحكيم

اجتاحت الموجة الأولى من فيروس كورونا عالمًا غير مستعد لها، وكافحت السلطات في كل دولة لإجراء أكبر عدد ممكن من الفحوصات، لكنها لم تتمكن من إبطاء تفشي العدوى.

وأسهمت عمليات الإغلاق في وضع الفيروس تحت السيطرة المؤقتة في بعض البلدان، بما في ذلك المملكة المتحدة، وشراء الوقت لإحياء قطاعي التعليم والاقتصاد، وللاستعداد لموجات مستقبلية، التي قال علماء الأوبئة إنها "شبه حتمية".

واستخدمت كل دولة وقت الإغلاق استخداماً مختلفًا، لكن المؤكد أن كل منظومة فاعلة نجحت في وقف انتشار المرض، امتلكت نظام اختبار وتتبع فعال. ومن هنا يتعين على السلطات معرفة مكان وكيفية انتشار المرض إذا كان لديها أي أمل في احتوائه.

لكن.. كيف بدت الموجة الثانية من فيروس كورونا حول العالم؟ وكيف تعاملت السلطات معها؟

صحيفة ذا جارديان البريطانية ذكرت الإجابة في تقرير لها، وقالت إن كلا من الصين ونيوزيلندا شهدت حالات تفشي صغيرة للمرض بعد إعلان القضاء عليه؛ حيث طبقتا حظر سفر صارم وأبقت المواطنين يعيشون في عزلة شبه تامة عن بقية العالم، علاوة على فرض قواعد حجر صحي صارمة منعت وصول حالات مصابة بالمرض من الخارج، ومن ثم الحيلولة دون تفشٍ محلي.

وبرهنت حالات التفشي القليلة على مدى صعوبة القضاء على كوفيد-19 تمامًا، إذ لم تتمكن الصين ولا نيوزيلندا من تحديد المصدر الأصلي للعدوى. ومع ذلك، فإنَّ أنظمة الفحص والتعقب التي نُشرت بسرعة مكنت البلدين من السيطرة على تفشي المرض.

وسطرت بلدان أوروبا الوسطى والشرقية إحدى قصص النجاح غير المتوقعة في بداية الوباء. فعلى الرغم من ضعف أنظمة الصحة والرعاية، كانت جمهورية التشيك والمجر من بين دول المنطقة التي سجلت حالات عدوى ووفيات أقل بكثير مما كانت عليه في أوروبا الغربية. لكن الحالات آخذة في التزايد الآن بسرعة؛ فالنجاح المُبكر يعني أن الجمهور قد يكون أكثر مقاومة للقيود المفروضة، وتتسم هذه البلدان بقادة شعبويين عرضة للاستجابة لتحولات الرأي العام.

واعترف رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس بأن الحكومة خففت من إجراءات الصحة العامة، بما في ذلك جعل الكمامات إلزامية في داخل المؤسسات فقط، بسبب "المطالب المجتمعية الكبيرة".

وكانت ألمانيا وكوريا الجنوبية من بين أسرع الدول في تشغيل أنظمة الفحص والتعقب على نطاق واسع، مما سمح لهما بتحديد مكان وكيفية انتشار المرض. واختبرت ألمانيا كل شخص عائد من الإجازات خلال الصيف، مما قلل من الإصابات القادمة من الخارج. وبينما ترتفع الحالات مجددًا، فقد حذر أحد كبار علماء الفيروسات من أن هذا "الشتاء لن يكون سهلاً"، لكن الزيادة كانت طفيفة حتى الآن.

أما كوريا الجنوبية فهي من بين أوائل الدول في العالم التي أعلنت أنَّها دخلت رسميًا في موجة ثانية من الإصابات، لكن يبدو أيضًا أنها نجحت في السيطرة على الحالات، حيث إن المعدل اليومي للزيادة يتباطأ الآن.

وبالنسبة لإسبانيا وأستراليا، فقد أعلنتا نجاحًا مبكرًا في مُكافحة الفيروس، على الرغم من اتباعهما نهجًا مختلفًا تمامًا. وقررت أستراليا عزل البلاد فعليًا عن بقية العالم، في حين حثت إسبانيا السياح على إنقاذ ما بقي من الموسم. وشهد كلاهما طفرات محلية، واستجابا لذلك بإغلاق مستهدف، والذي يعتمد على جهود الفحص والتتبع بما يُتيح للسلطات معرفة مكان وكيفية انتشار الفيروس.

وفي المُقابل، ثمَّة دول نجت من موجة ثانية حتى الآن؛ حيث دخلت جنوب إفريقيا في واحدة من أكثر عمليات الإغلاق صرامة في العالم، وبدا أنها مستعدة لذروة الحالات والوفيات التي لم تحدث إلى الآن. ويعكف العلماء على محاولة فهم كيف نجت دولة فقيرة من أسوأ ويلات الفيروس، في حين أن الفقر يجعل التباعد الاجتماعي أمرًا مستحيلًا بالنسبة للكثيرين.

لكن إحدى النظريات ترجح أن الأشخاص القاطنين في ظروف مزدحمة، ويتعرضون على نطاق واسع لأمراض أخرى بما في ذلك فيروسات كورونا المسببة لنزلات البرد، يتمتعون بأجهزة مناعية أقوى، ساعدتهم على تفادي الوباء.

وشهدت العديد من البلدان والمدن، بما في ذلك مدينة ماناوس البرازيلية، انتشار المرض بين السكان غير المحميين نسبيًا، ولكن منذ ذلك الحين انحسرت الحالات، رغم أن معدلات الإصابة لم تصل إلى المستويات المطلوبة عادة لخلق مناعة القطيع، لكنهم يأملون في تجنب موجة ثانية.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة