عائض الأحمد
نعلم بأنّ هناك من يعيش بيننا وأبلغ مبلغه أن يقتات على أزمات من حوله لا يهمه مجتمع ولا ينبض في عروقه دم إن لم يستغل هذه الظروف ويجعل منها منهلا ينهل منه دون وازع من أخلاق أو شعور بأسى.
في أوقات المحن وكما تعودنا لا صوت يعلو فوق صوت المختصين العالمين ببواطن الأمور والمهتمين أصحاب الدراسات والأبحاث ومن قضوا جل أعمارهم في هذا العلم أو ذاك مهما كانت درجاتهم وتفاوت أخبارهم وما يقدموا فهم الأولى والأجدر بأن ناخذ منهم ونسمع لهم دون النظر لمخالف في تخصص أبعد ما يكون عن هذا العلم.
الشعوب العربية دائما تفاجئنا بظهور علمائها المختفين خلف المعرفات الوهمية (ولوحات المفاتيح) الآلية التي تظهر لنا مدى تخلفهم وانسياقهم دون علم أو معرفة، وكأني بهم أصبحوا أطباء هكذا دون سابق علم.
الأزمات تظهر لنا دائما الغث والسمين ومن يفتي بغير علم.
خلال هذه الأزمة العالمية لم أشاهد عالم دين أو كاتب أو متحدث عن (علوم الفضاء) ممن سبقونا علما ومعرفة يقول إنّ له الحق في الحديث والفتوى في ما يحدث الآن من أخبار وتفاقم للأزمة التي قد تغير من سلوك العالم أجمع في التعاطي مع هكذا حدث يصيب البشرية دون أن يجدوا حلا لهذا الوباء المستشري دون هوادة.
وجل ما نرى وجهات نظر لا تعدو أكثر من كونها انطباعات وآراء شخصية لا يدعمها أي سند علمي.
من عجائب متسلقي الفضاء وناشرى وباء الحرف مرضى القلوب عديمي البصر والبصيرة من يدعون إلى إلغاء كل مظاهر الحياة وهو في نهاية الأمر مجرد كاتب أو ناقل معلومة لم يأخذها من مصادرها الحقيقية ولأمثالهم أتمنى الصمت فقط ليس أكثر.
دعوا الجهات المسؤولة تتخذ القرار.. دعوا المختص يعمل دون شوشرة فليس له مصلحة غير العمل بما يراه في المصلحة العامة ولن يألو جهدا أو يقف أمام مصلحة تهم أبناء وطنه. علينا الالتزام بما يصلنا من الجهات ذات العلاقة المباشرة فقط وعدم تناقل أخبار المرجفين.
ولن أختم دون شكر تاجر الأعشاب في حينا الذي اكتشف خلطة سحرية (تسفها سفا) على الريق وتقضي على الوباء في ثلاثة أيام فقط والعالم أجمع يضنيه البحث ويسابق الزمن من أجل بقعة ضوء في نهاية الطريق.
وعظيم الامتنان لرجل المراحل المتعددة فيلسوف العصر فقيه زمانه عندما قال كل ابتسامة بدرجة خذها وأنت في منزلك ودعك من سبعا وعشرين درجة قد تهلكك سأقبلها لو كان مصدرها مسؤولا في الصحة.
اعتقد بأنّه لن ينافس هذا المتفيقه غير تلك المعتوهة التي ظهرت تناشد رؤساء الدول بإيداع مبلغ مالي مقابل الإفصاح عن الجواب الكافي في القضاء على كل ما هو خافي.
عن العقول الجوفاء أمثالها.
ولن أنسى الصحفي المبدع (كذبا) عندما أشاع بأن خسارة كلاسيكو الأرض الأخير بسبب الرعب الذي أخفاه الجميع بوجود إصابة لأحد اللاعبين بوباء (كورونا) لم يفصح عنها.
ومضة:
نستطيع العيش في أسوأ أحوالنا ولكن لن نستطيع العيش مع من يتلذذ بالرقص على آلامنا.