المناطيد طارت!

علي بن سالم كفيتان

قبل أسبوعين زرت موقع كرنفال المناطيد على مشارف عين صحلنوت، كان برفقتي أحد أبنائي من هواة المغامرة، وكنت أنوي تجربة الطيران الحر عبر تلكم البالونة العملاقة. ولا أخفيكم فقد استغربت مما حلّ بالمكان؛ حيث لم أجد المنطاد ولكنني وجدت نسخة ثانية من مهرجان صلالة السياحي؛ ألعابا وأكشاكًا وأرضًا كانت تخضر كل عام تحوّلت إلى شيء آخر لا جديد فيه غير منصّات المناطيد الجاثمة على الأرض.

عدت أدراجي وتحملت تكلفة عالية لإرضاء رفيقي المتأهب منذ يومين، فقد أشرت عليه بعدم ارتداء الإزار وذكرت له بأن احتياطات السلامة تتطلب ارتداء البنطلون و"التي شيرت" و"الكاب"، وكان مظهرنا معا كرجلين مثاليًا لركوب السماء، ولكن الأمر لم يتم، فاضطررت لتحمل تكاليف إضافية لإرضاء صاحبي بجولة مدفوعة الرسوم لعدة مواقع ومع ذلك لم يكن راضيًا عن الوضع.

سألت نفسي: كيف وكيف وكيف وجميع تلك التساؤلات أوردها مغردون وكتاب وأصحاب فكر، ولن أكررها، فقلت في نفسي نُحسن النية ونمنح الفرصة فقد تطير المناطيد يوما، وهذا بالفعل ما حصل قبل أيام فقد رأيت عبر منصّات التواصل الاجتماعي جموع المناطيد تحلق في سهل حمران ومعالي السيّد المحافظ امتطى إحداها وصرّح تصريحًا داعمًا لمثل هذه الأنشطة، ولا شك أنّ ما قام به معاليه برهان على طيران المناطيد بعد الوعكة التي أصابت المشروع الذي أقيم في غضون أيام وتكاتفت له جميع الجهود ليصبح أمرًا واقعا في المكان الخطأ، لكن تصحيح المسار أنقذ الموقف، ولكنّه ترك أثرا غائرًا في أذهان الكثيرين ومنهم ابني، بأنّ الأمر عشوائي ولم يكن مخططا له مسبقا، بل أتى لإضافة فعالية في آخر اللحظات كالعادة، وبيّن أن صناعة السياحة في بلادنا لا زالت بعيدة كل البعد عن أفكار القائمين عليها.

أتوقع أنّ البلدية كسبت الموقع الاستثنائي على مشارف صحلنوت، وكما أقسم الرجل الذي كان يبحث عن جمله وفقد الأمل في العثور عليه إن وجده فسيبيعه بدينار، وبعد العثور عليه اضطر لربط قطة في ذيل الجمل وصار ينادي (الجمل بدينار والقطة بـ ٩٩)..

سأحلم بأن يكون هذا الموقع في العام المقبل انطلاقة للعربات المعلقة (تلفريك) على طوال وادي غير بمحاذاة الطرق، وأن تكون هناك محطات لاستراحة الركاب في منطقة شير وما دون ذلك من الأرض يترك ليخضر سنوياً ويستمتع المواطنون والسواح بجمالياته؛ فرغم كرم أهل صحلنوت وترحابهم بالحدث إلا إنّه غادرهم إلى حمران تاركًا لهم مدينة ملاهي من الطراز الرفيع.

ما لفت انتباه الكثيرين أنّ المناطيد التي حلقت من محطتها الجديدة لم تكن بحاجة للكثير من التجهيزات مجرد قطعة أرض فضاء مستوية.

أمّا أنا فقد وعدت صاحبي أن نطير من حمران ونحلق عالياً على السهول الخضراء وأن نهبط في المغسيل ونلقي نظرة وداع فقد لا نُمنح الفرصة للتحليق مستقبلا وقد لا تخضر تلك السهول مجددًا.