حمود بن علي الطوقي
عندما تُشرق شمس الـ ٢٣ من يوليو المجيد الكل هنا يقف وقفة ابتهاج بمناسبة هذا اليوم السعيد؛ وعندما أقول "الكل" أعني هنا كل من وطئت قدمه أرض عمان من العمانيين والمقيمين والضيوف الذين يقصدون هذا البلد لقضاء إجازاتهم.
فـ٢٣ يوليو ليس مجرد تاريخ يحتفل العمانيون به من مشارق الأرض إلى مغاربها؛ بل هو يوم تاريخي بكل ما تعنيه الكلمة، ففي هذا اليوم تقلّد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه - مقاليد الحكم ليقود رجل واحد ملحمة وطنيّة، وصنع لهذا الوطن المجد والوضوح والعمق والمصداقية. ويتجلى "الوضوح" في رؤية جلالته الثاقبة لجعل عمان دولة ذات علاقات وصداقات مع مختلف شعوب العالم، ونستشرف ذلك في خطاباته التي تعكس سياسة عمان الخارجية، حيث رسم جلالة السلطان السياسة الخارجية للسلطنة وذلك من خلال رؤيته على جعل السلطنة دولة صديقة لدول العالم قاطبة، ومضرب المثل في العلاقات البينية المبنية على أسس التوافق والسلام والحوار بعيدًا عن الحروب والدمار التي لا يدفع ثمنها سوى الشعوب المغلوبة على أمرها، كل ذلك بما يحقق للسلطنة وشعبها ذلك الشعور بالاختلاف الإيجابي في التوجيهات والاستقلالية في ثقافته ورؤيته والانسجام مع حضارات العالم وثقافته المختلفة. فكل الشعوب تثق في سياسة عمان وفِي حكمة قائد عمان لهذا جاءت السياسة العمانية الخارجية مبنية على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الآخرين يقول جلالة السلطان: "سياستنا الخارجية واضحة وضوح الشمس فنحن نريد أن نصادق كل شعوب العالم ويكون لنا علاقات معها، ولكن هناك أسس يجب أن تكون أولا واضحة لدى من يريد أن يمد يده لنا. أما "العمق" فيتجلى في أن تكون عمان بلدا متقدما في مختلف ميادين الحياة، ولتحقيق هذا العمق رسمت عمان في سياستها الداخلية والخارجية عددا من المرتكزات، ومن خلال هذه المرتكزات الثابتة تأتي "المصداقية" العمانية في التعامل مع الآخرين؛ ما جعل في هذا التعامل الانسجام والتناغم والمطابقة بين ما كان وما سيكون.
وعمان تطفئ الشمعة الـ ٤٩ بمناسبة ذكرى الـ ٢٣ من يوليو المجيد نستحضر مقولة جلالة السلطان -حفظه الله- عندما قال: "هكذا بدأنا وهكذا نحن الآن وسوف نظل".. تلكم يا مولاي هي الفواصل العمانية المُفعمة بالرمزية التي تفيض بها عمان في تاريخها الحديث. نقول ونحن نحتفل اليوم بذكرى عيد النهضة المجيد أن ارتباطنا كعمانيين بهذا اليوم وثيق، ونستلهم دائما من خطابات جلالته التي تمثل خارطة طريق نحو المستقبل، والتي تُعد جزءا لا يتجزأ من المنظومة العمانية يستنير بها المواطن كنقطة ارتكاز وتنوير منبثقة من فكر جلالة السلطان قابوس المنير، والتي تسير وفق الثوابت والرؤيا ذات النظرة الشموليّة في غرس الانتماء والولاء في نفوس الأجيال المتعاقبة والصاعدة.
سنظل يا سلطان القلوب نرفع الأكف وندعو الله ليلا ونهارًا بأن يُلبسكم ثوب الصحة والعافية، وأن يحفظكم لشعبِكم الوفي وللأمة.. إنّه سميع مجيب.