لا وقت إلا للحب


مجدولين الجرماني | إعلامية سورية

ليلى أم دمشق، لافرق ؟!
قلب الأنثى السوري هل هو دفتر مذكرات لجدتها .... ترانا نحمل ماضينا نتشرب لهفة جدتنا في لقاء فارس أحلامنا، نُصّرُّ على البقاء عذراوات الحبيب الأول، نُبقي على شريط المجدلية يلف قيعان قلوبنا، وهنا يطالعني قول الكاتبة نحن النساء السوريات نشبه دمشق تبرر بقاءها لحب يستقيم به كاهلها مضغ آخر لقيمات من شعرها الأشيب، رغم خذلانه لها فهو كهذه الحرب اللعينة، يرتع في جنبات يومها (أنا دمشق: لا شيء يسحرني إلا ذاتي العاشقة، التي كلما أعوزها الحب استقته، من رائحة ياسمينها، وخطوات عاشقيها، ضحكاتهم في قلبي زاد لسنين قادمات، ما يجعلني لا أشعر بطعم ألذ من طعمه، تلك الأصالة المنبعثة من مكوناته، من بهار الصدق، من هيل شغفي به، بلا تسرع، بلا نكهات مستجلبة).
هذه الرواية تعبر عن الأدب النسوي الحديث، الذي يقدم مرحلة الحرب وما بعدها من استمرار أزمة، فساد مؤسسات واشخاص، ومجتمع، بحث عن هوية، مقاومة لآخر رمق، محاولة الوقوف مجددا رغم الخراب.
لا أنكر لهفتي وأنا أركض فوق سطور الرواية، وكأي امراة سورية أريد معرفة هل ينجح الحب؟ أم إنه فقط في قصائد الشعراء، الرواية ممتعة، ذات لغة سلسة، تحملك بين طياتها لعالمنا وتغوص بتفاصيله رغما عنك، بحيث تشعر أنك جزء أساسي من أركان هذا البناء المتماسك.
 الكاتبة تتقمص جيدا شخصياتها والإسقاطات التي قامت بها على الشخوص؛ فهي تبين لنا عن شبكة التواصل الاجتماعي، التي ننبش فيها عن ذاكرتنا المختفية، عن ماضينا المتلبس أرواحنا، وبها نعود للماضي لنرى جمال ذكرياته من خلال شخوص نبحث عنهم على صفحات التواصل لنترصد حياتهم.
ليلى بطلة روايتنا تعيش الحب النقي بفصوله الندية مع حبيبها عمر الذي هاجر وتزوج أجنبية، والدها في الجيش، الحرب أثقلتهم بهموم الهجرة والنزوح، والفرقة بين أفراد الأسرة، ككل السوريين، عبادة زوج ليلى هجين الحرب وذيل مافيا أنتجته أيادي الفساد، تقول ليلى (لحرب أكلتنا، شربتنا، تغذت على فجائعنا، اقتاتت على همومنا اليومية، ارتوت من دمائنا، تعطرت بقصص شقائنا المختلفة).
بين الكلمات أشتم عطر الأنثى، أتلمس قلب ينبض بالحياة، يقاوم كل ظروف الموت ليحيا كل من حوله، لينجح ليصلح فساد، وهكذا الأنثى الدمشقية فكما قال عمر لحبيبته ليلى (ليلى أنت وطني، أنت دمشق التي لم يذلها الفقد، ولم يقتل لياليها الحداد).
أذهب مع ليلى لأخر تجلياتها بانتظار حبيبها حيث يتأكلها الشوق والحنين والكبرياء ومحاربة كل هذا الفساد الذي لم تكن لتراه بعين برائتها ونقائها فتقول (كان ينقصني أن يفترسني ذئب، لأقتنع أني أعيش في غابة).
محمود الطبيب الشاب الذي اغتالته أياد الفاسدين، (الفيس) وفضحه للعلاقات التي تدور في الخفاء، كل هذا وليلى الدمشقية صامدة، مصممة على النجاح، وإزاحة العوائق، ومساعدة الأطفال والشباب الذين ضاعوا في خضم هذه الحرب الضروس. فقد حولت هذا الحب الكبير لحب أعمق وأوسع من ترهات الذكورة الغير متوازنة والأنانية بحب الذات ف ليلانا هي دمشق ابنة الشمس رواية متماسكة البنيان ،متتابعة الأحداث، والتشويق، مترابطة المعنى والصور، روايتنا هي أنثى سورية بامتياز.
................
تمت طباعتها في دار بعل أمل أبو سعد

 

 

تعليق عبر الفيس بوك