سقوط جديد لبرشلونة

 

 

حسين بن علي الغافري

انتهى الموسم الكروي في إسبانيا بعد نهائي مثير في "كأس الملك" بين خفافيش فالنسيا وسحرة برشلونة. قمة كروية أوفت بكل أسرارها وابتسمت في نهاية التسعين دقيقة للخفافيش بعد موسم مثير ومميز قدموا فيه كرة جمالية ونتائج لافتة مع المدير الفني مارسيلينو.

مشوار فالنسيا هذا العام كان أكثر من رائع، ويبشر بأن طريق النهوض والعودة للصفوف الأمامية قد حان وذكريات المجد في بداية القرن الـ21، في المقابل، برشلونة سقط مجدداً، وصفعة مؤلمة أخرى نقول فيها بأن مباراتين فقط غيرّت مساره الكلي، خسارة مؤلمة بإنفيلد لم يستفق منها الفريق، ولا زالوا يعيشون على أوجاعها، وهزيمة أخرى في نهائي الكأس المحلي. فهل يمكن وصف الموسم بالنسبة للعملاق الكتالوني بأنه "موسم للنسيان"؟. من رأي ممكن ذلك. فالدوري جاءه على طبق من ذهب وحُسم في مباراتين.. الأولى كلاسيكو الذهاب وفوز عريض بخماسية، والثانية فوز على أتلتيكو بهدفين دون رد عندما كانت الأمور قاربت أن تتعقد لوصول الفارق النقطي إلى ثمان نقاط.

نبدأ مع شكل اللقاء الذي انتهى بهدفين مقابل هدف لصالح فالنسيا.. "الخفافيش" كانوا جادين في تصريحاتهم ونواياهم بأن يكونوا ندًّا حقيقيًّا لبرشلونة.. هذا من حقهم، التحفيز والتشجيع له دور محوري، كما أن ما شاهدوه في إنفيلد حافز آخر يجعلهم يقولوا لم لا؟! نحن قادرون. الفريق انطلق بقوة إلى الأمام لمحاولة تسجيل هدف السبق، هذا الهدف في مرمى سيلسين يمكن وصفه بأنه هدف البطولة، فالنادي الكتالوني متوقع بأنه لا يزال في مرحلة توهان وشك والإجهاز عليه بشكل مبكر يضاعف شكوكهم أكثر ويبعدهم عن أجواء المباراة، وهو ما تحقق للخفافيش بهدفين دون رد انتهى بها الشوط الأول. هذا العامل الذي لعب عليه فالنسيا إن رجعنا إلى دراسته مع لاعبين محترفين في بطولات كبيرة يخوضها البلوغرانا ندرك تماماً أن المدرب يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية فيه، فمع اختياراته الغريبة نوعا ما، نراه يستمر في تعنته بنمط متحفظ لم يعتد عليه اللاعبون ولا ينسجمون معه، فضلاً عن غياب تام للفريق في الشق الهجومي. حتى خيارات التبديل وضّحت بأن ما بدأ به غير منطقي. البرازيلي مالكوم الذي خطفه النادي الصيف الماضي في آخر اللحظات من روما الإيطالي ليكون بديلا للفرنسي عثمان ديمبلي، كان أسير الدكة طيلة الموسم واعتمد على روبيرتو ذو الإمكانيات المتواضعة. مالكوم عندما يشارك يقدم مردود جيد، آخرها مساء السبت الذي كان الأكثر حضوراً من زملاؤه وحاول واجتهد في ظروف صعبة. الكرواتي راكتتش هو ضحية أخرى من ضحايا المدرب فكل جهده بالميدان يمثل أدوار دفاعية بحتة، وهو ما يقتل نشاطه الذي تعودنا عليه.. ولا ننسى عامل السن مع هذا الدور الصعب والغير واضح على الجانب الأيمن، فقدرات الكرواتي صناعة اللعب وقيادة خط المنتصف وتقديم الحلول للمهاجمين وإدارة الفريق وتوازنه بين الشقين الدفاعي والهجومي وشاهدنا بداياته مع برشلونة وقبلها مع أشبيلية. أسماء كثيرة غابت أو بالأحرى قد غُيّبت قسراً بأدوار لم يفضلوها ولا تتناسب مع قدراتهم وإمكانياتهم.. حتى الجمهور لم يستسغها.

ومع تجاوزنا لنجم الفريق ليونيل ميسي الذي قدم كعادته المأمول منه وأكثر، فكل اللاعبين باتوا بعيدين عن مستوياتهم عدا التشيلي فيدال والفرنسي لونغليه الذي عوّض غياب مواطنه سامويل أومتيتي كما يجب، أما البقية فمستوياتهم دون الطموح ولا تنتظر منهم أكثر إن استمر الأداء بهذه الصورة ولم تستوعب الإدارة ذلك، وصدق من قال بأن برشلونة فالفيردي هو أرجنتين آخر، حضور ميسي يعني الفوز، وغيابه يعني الخسارة.

لا نهضم حق فالنسيا الذي عرف كيف يفوز، وهذا أمر مهم في كرة القدم. معرفة آلية الفوز وطريقة اللعب على نقاط ضعف يعيشها المنافس، دون تجاهل كما ذكرنا للحضور العالي للخفافيش هذا الموسم وما قدموه من أداء مميز بتحقيقهم للكأس المحلية وتأهلهم إلى دوري الأبطال إضافة لنصف نهائي الدوري الأوروبي.