الحقوق العينية في القانون العماني

 

د. طه زهران

محامي بالمحكمة العليا، مكتب سعيد المعشني للمحاماة

عرفت المادة (62) من قانون المعاملات المدنية الحق العيني بأنه "سلطة مباشرة يقررها القانون لشخص على شيء معين ويكون أصلياً أوتبعياً".

ثم أوضحت المادة (63) تفاصيل تلك الحقوق العينية الأصلية بأنها : حق الملكية والحقوق المتفرعة عنه وما يعتبر كذلك بنص القانون. وأن الحقوق العينية التبعية هي الرهن التأميني والرهن الحيازي وحق الامتياز.

وتتمثل الحقوق العينية الأصلية فى حق الملكية بصفة رئيسية وباقى الحقوق المتفرعة عن حق الملكية.

والملكية هي أهم الحقوق، وهي تخول لصاحبها سلطة كاملة على الشيء كحق الاستعمال، والاستغلال، والتصرف.

وحق الاستعمال هواستخدام الشيء فيما هومعد له، كسكنى الدار وركوب السيارة. وحق الاستغلال هواستثمار الشيء، فاستخدام دار للسكن هو استعمال لها، أما تأجيرها فهو استغلال لها. وأما حق التصرف فهو قاصر على المالك وحده فالمالك له الحق في التصرف المادي والقانوني كبيع الشيء أو استهلاكه.

أمّا الحقوق المتفرعة عن حق الملكية فهي حق الانتفاع وحق الارتفاق وحق الاستعمال.

ويرد حق الانتفاع على الأموال العقارية والمنقولة كالمركبات والمواشي، ويخول للمنتفع حق استعمال الشيء لصالحه الشخصي مع المحافظة عليه ورده لصاحبه عند نهاية الانتفاع.

ويمكن تعريف حق الارتفاق بأنه حق يجعل حداً لمنفعة عقار لفائدة عقار آخر مملوك لشخص آخر. وقد يكون حق الارتفاق عملا إيجابيا أوسلبيا، فإنه يعتبر تكليفا قانونياً يحد من منفعة العقار المرتفق به لمصلحة عقار آخر. مثل حق المرور من عقار للوصول لعقار آخر أوفتح مطلات أونوافذ عليه، أومثل حق الري أوحق الصرف في الأراضي الزراعية.

وحق الاستعمال هو انتفاع في نطاق محدود في حدود ما يحتاجه المنتفع وأسرته لأنفسهم مثل السكن وتأجير السيارات.

وأمّا الحقوق العينية التبعية التي بينتها النصوص فهي حقوق لا تقوم مستقلة بذاتها وإنما تستند في وجودها إلى حق شخصي آخر لضمانه وتأمين الوفاء به.

فالأصل أنه يجب على المدين سداد ديونه، فإذا تعذر ذلك استطاع الدائن إجباره على ذلك. والتنفيذ على أموال المدين تحكمه قاعدة عامة هي أن كل أموال المدين ضامنة للوفاء بديونه، وأنّ الدائنين متساوون في الضمان وهذا ما يعرف بالضمان العام. وفي حالة عدم وجود حق أفضلية مكتسب طبقا للقانون يتساوى جميع الدائنين تجاه هذا الضمان. فإذا لم تكن أموال المدين كافية للوفاء بكل حقوق الدائنين، فعندئذ يقتسمونها قسمة غرماء، أي كل واحد منهم يستوفي حقه بنسبة قيمة دينه. وهنا تأتى أهمية الحقوق العينية التبعية التى تضمن للدائن التزام المدين بأداء الدين فى موعده وبنفس قيمته دون انتقاص. وتتمثل تلك الحقوق العينية التبعية في الرهن الرسمي والرهن الحيازي والامتياز.

والرهن الرسمي عقد يكسب به الدائن حقاً عينيا على عقار لوفاء دينه، يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد كان. ولا يرد الرهن الرسمي إلا على العقارات. واستثناءا يرد على بعض المنقولات التي يمكن شهرها (كالسفينة). وفي الرهن الرسمي لا تنتقل حيازة العقار المرهون إلى الدائن المرتهن بل تبقى الحيازة وكذلك الملكية للمالك ويكون بين الدائن والمدين عقد رسمي يقرر له حق الرهن.

أمّا الرهن الحيازي فهو عقد يلتزم به شخص ضمانا لدين عليه أوعلى غيره، بأن يسلم إلى الدائن شيء يحوزه لديه لحين سداد الدين ويخوله أن يستوفي الدين وأن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في أن يتقاضى حقه من ثمن هذا الشيء. ويرد الرهن الحيازي على عقار أو منقول. ويخول الرهن الحيازي للدائن المرتهن طبقا للقانون حبس الشيء المرهون إلى حين استيفاء حقه. وبالتالي فإنّه يجب عليه أن يحافظ عليه ويقوم بصيانته بعناية ويكون مسؤولا عن هلاكه إذا كان هذا الهلاك ناتجاً عن تقصير منه.

ويبقى أخيراً حق الامتياز وهو أولوية يقررها القانون فى أحكام خاصة لدين معين مراعاة منه لصفته مثل: امتياز المبالغ المستحقة للخزينة العامة، والامتياز المقرر للعمال قبل رب العمل، وامتياز بائع العقار لاستيفاء ثمنه، وامتياز حقوق النفقات.

وتتميز هذه الامتيازات أنّها حقوق عينية تمنح صاحبها حق التقدم على ثمن المال الذي تقررت عليه، ومرتبة التقدم في تلك الامتيازات يحددها القانون الذي قررها طبقا للحكمة التي اقتضت إقرارها.