قواعد الإثبات أمام المحاكم

 

د. طه زهران

محامي بالمحكمة العليا، مكتب سعيد المعشني للمحاماة

نصت المادة (65) من قانون المعاملات المدنية على أن : "يتبع في شأن أدلة وقواعد الإثبات وإجراءاته القواعد والأحكام المنصوص عليها في القوانين الخاصة".

وتتحدث تلك المادة عن قواعد وأحكام أدلة الإثبات وإجراءاته أمام المحاكم، وتحيل بشأنها إلى القوانين الخاصة. وهي هنا قانون الإثبات وقانون الإجراءات الجزائية وكل نص يرد في قانون آخر ويكون متعلقاً بقواعد الإثبات وأدلته وإجراءاته.

والأحكام المُتعلقة بأدلة الإثبات وإجراءاته هي التي تنظم قواعد إثبات الحق من حيث وجوده واستكمال شروطه الشكلية اللازمة لإثباته أمام القضاء والاعتراف به رسمياً لدى كافة الجهات الأخرى.

ونستعرض في هذا الإطار ملخصاً سريعاً لتلك القواعد بما يتناسب مع متطلبات التوضيح للقارئ في هذا المقال.

أولاً: أدلة الإثبات: وهي تتمثل في: الكتابة وشهادة الشهود (البينة) والقرائن والمُعاينة بمعرفة أهل الخبرة والإقرار القضائي وغير القضائي واليمين الحاسمة والمتممة.

ثانياً: القواعد والمبادئ العامة في الإثبات: وهي تلك القواعد التي ترتكز عليها عملية الإثبات مثل القاعدة التي تقضي بأن الأصل براءة الذمة وعلى الدائن أن يثبت حقه وللمدين نفيه. والمبدأ القاضي بأنَّ اليقين لا يزول بالشك. وقاعدة الأصل بقاء ما كان على ما كان كما أن الأصل في الأمور العارضة العدم. وأن ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه. وأن الوضع الظاهر يصلح حجة للدفع لا للاستحقاق. وأنَّ البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. وأن البينة تكون لإثبات خلاف الظاهر أما اليمين فيكون لإبقاء الأصل.

وثمة قاعدة أخرى تقضي بأنَّ الكتابة والشهادة والقرائن القاطعة والمعاينة والخبرة حجة متعدية في حين أنَّ الإقرار حجة قاصرة على المقر فلا يجوز أن تتعداه إلى غيره.

وكذلك فإنَّ كل شهادة تضمنت جر مغنم أو فائدة للشاهد أو دفع مغرم عنه تكون رداً عليه ولا يجوز الأخذ بها. ويعتد في شهادة الأخرس وحلفه بإشارته المعهودة.

ولا تقبل اليمين ممن يؤديها إلا في براءة نفسه لا في الزام غيره فآثار اليمين تكون قاصرة على صاحبها لا تتعداه إلى غيره. ولا تحلف اليمين إلا بطلب الخصم ولكن يُمكن أن تحلفه المحكمة يمين الاستظهار وعند الاستحقاق، ورد المبيع للعيب فيه، وعند الحكم بالشفعة ولو لم يطلب الخصم تحليفه.

ويشترط لقبول قول المترجم الموثوق أن يكون عالمًا باللغتين بعد حلفه اليمين لدى الجهة المختصة.

ولا تستقيم الحجة مع التناقض ولكن ذلك لا أثر له في حكم المحكمة إذا ما ثبت بعد الحكم ولصاحب المصلحة حق الرجوع على الشاهد الكاذب بالضمان.

وختاماً فإنّه يجب التنويه إلى أنَّ قواعد الإثبات ومبادئه العامة كلها قواعد آمرة يجب اتباعها ولا يجوز الاتفاق على مُخالفتها ويحكم القاضي بمقتضاها من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى الدفع بها أمام القضاء، ومن ثم فقد وجب على الجميع العلم بها ومُراعاتها عند إجراء المعاملات المدنية والتجارية أو عند التعرض للمحاكمات القضائية ولا يجوز التعلل بعدم معرفتها أو الجهل بها.