تساؤلات المواطن لمسؤولي السياحة

 

سيف بن سالم المعمري

كشفت إجازتا المولد النبوي الشريف والعيد الوطني المجيد عدم رضا الكثيرين عن منظومة إدارة الموارد السياحية في السلطنة، ففي حين شهدت مُعظم المواقع الطبيعية كالسهول والأودية والعيون والرمال والشواطئ والحدائق والمتنزهات تدفق السياح من المواطنين والمُقيمين؛ نتيجة للأجواء المثالية التي تشهدها السلطنة مع دخول فصل الشتاء، اكتظت المنافذ الحدودية بآلاف المواطنين الذي فضلوا قضاء إجازتهم في دول الجوار.

وأبدى عدد من المغردين تعجبهم من عدم توافر الخدمات العامة كدورات المياه والمساجد والاستراحات في المواقع السياحية الطبيعية، وعزوا ذلك إلى ضعف التنسيق بين المؤسسات المعنية وتداخل اختصاصاتها، وعدم منح ما يكفي من الاهتمام للدفع بهذا المورد ليكون الأكثر استدامة لاقتصاد السلطنة. ولذلك أصبح الخيار الأول لآلاف المواطنين هو عبور الحدود لقضاء أيام الإجازات الرسمية، وحصولهم على كل متطلبات الترفيه والاستمتاع لهم ولأسرهم.

ولأن وزارة السياحة غير مسؤولة عن تهيئة المرافق العامة كدورات المياه ولا المتنزهات أو الحدائق أو المساجد، وتلك مسؤوليات جهات أخرى، ولأنها-أي وزارة السياحة- لديها رؤية تتمثل في "تقديم الخدمات بكفاءة وفاعلية لتصبح عُمان عام 2040م من أهم الوجهات السياحية التي يقصدها السائح لقضاء العطلات والاستكشاف والاجتماعات"، و"يزورها 11 مليون سائح دولي ومحلي سنوياً" فيبقى المواطن في حيرة من أمره، ما حدود مسؤوليته ليتحمل إنعاش السياحة الداخلية في وطنه في ظل ضعف التنسيق والتكامل بين مؤسسات الدولة. فهل مسؤولية المواطن لدعم السياحة الداخلية تتطلب منه مخاطبة جميع الجهات الحكومية إذا رغب بزيارة أي موقع سياحي في السلطنة؛ ليضمن توفير الخدمات العامة سالفة الذكر؟ هل مسؤولية المواطن إذا أراد الاستمتاع بالبرامج والأنشطة الهادفة والترفيهية المتناغمة مع مناسبتي المولد النبوي والعيد الوطني-مثلاً- عليه أن يتقدم بطلب لجميع المؤسسات قبل الإعلان عن أيام الإجازات الرسمية، وكذلك مخاطبتها؛ لتحديد مكان قضاء إجازته؟! فإن كانت رسالة وزارة السياحة تتمثل في "تقديم الخدمات بمهنية عالية لأجل تنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل من خلال توفير تجارب سياحية ثرية بطابع عُماني"، إذن ما الدور المنوط بإداراتها في كل محافظة؟ وماذا حققت من رؤية ورسالة الوزارة؟ وما أهمية وجود لجان السياحة في فرع كل غرفة بجميع المحافظات؟ وما مدى التنسيق القائم بينها وبين وزارة السياحة وإداراتها؟ وهل أثمر ذلك التنسيق-إن وجد- في إنعاش السياحة في كل محافظة؟ وما المجالات الخدمية التي تناط بالمجالس البلدية لتنفيذها في المحافظات؛ لتسهم في توفير خدمات عامة تدعم السياحة الداخلية؟ هل هناك تنسيق بين وزارة التراث والثقافة، وبقية المؤسسات في تنظيم البرامج الثقافية والفعاليات الترفيهية في المواقع التاريخية والأثرية، لإنعاش السياحة الداخلية التي تتزامن مع أيام الإجازات الرسمية؟ لماذا تتفاجئ معظم مؤسسات الدولة بقرار الإعلان عن أيام الإجازات الرسمية وفي أحيان كثيرة تلغي برامجها ومواعيدها؟ لماذا لم يستطع مسؤولو القطاع السياحي في السلطنة-حتى الآن- استثمار كل المفردات الطبيعية بتنوعاتها التاريخية بكل تفاصيلها لإنعاش المورد السياحي في السلطنة، فهل مشكلتنا في مواردنا السياحية أم في آلية إدارة القطاع السياحي؟

هل يعلم مسؤولو القطاع السياحي في السلطنة أن العديد من المؤسسات المتحفزة للصناعة السياحية في دول الجوار، تترقب مواعيد الإعلان عن إجازاتنا، وتقدم شركات الطيران العروض المُغرية، وتخفيضات في مراكز التسوق والحدائق والمتنزهات السياحية والفنادق والمنتجعات، ليقضي مواطنونا هناك أحلى أوقاتهم.

لماذا يتعلل المعنيون بإدارة القطاع السياحي بوجود تحديات للاستثمار السياحي تتمثل بموسمية التدفق السياحي على محافظة ظفار؟ بينما يغضون الطرف عن حقيقة أن جميع محافظات السلطنة بلا استثناء تمثل المناخ الأمثل لاستقطاب السياح من داخل وخارج السلطنة في فصل الشتاء.

وإلى متى سيظل المورد السياحي في السلطنة غير مستغل بالشكل الأمثل، وكما يتمناه المواطن على أقل تقدير؟ هل علينا أن ننتظر الإستراتيجية السياحية 2040؟ وهل سينتظرنا الآخرون لنصل إلى ما وصلوا إليه؟ أم أنهم سيتجاوزونا بمراحل.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت...