عُمان واحة الأمان.. وقابوس رمز السلام

 

 

حمود بن علي الطوقي

أرسل لي أحد الأصدقاء الصحفيين من دولة الكويت رسالة يهنئ فيها الشعب العُماني بالعيد الوطني الثامن والأربعين المجيد، الذي يصادف كل عام الثامن عشر من نوفمبر المجيد، الصديق الكويتي قال إننا في الكويت سوف نشارككم الاحتفال بهذه المناسبة الغالية أيضا على قلوبنا، وسوف تقام احتفالات في سوق المباركية على مدار يومين، هناك أيضا احتفالات تقيمها الدول الخليجية في الدوحة وأبوظبي والمنامة والرياض، وستنظم سفارات السلطنة في مختلف دول العالم احتفالات احتفاءً بهذه المناسبة العزيزة والغالية على قلوبنا، الصديق الكويتي أرفق مع رسالته مقطع فيديو يظهر سمو أمير دولة الكويت يمتدح عمان، عبر حوار شفاف وتصريح بليغ، وصف فيه علاقته بالسلطنة راسما ملامحها من واقع كونها بلدا للأمن والأمان، تتميز ببساطة وكرم المواطن العماني وخالية من التعقيدات، وأنه يفضلها على أماكن أخرى في العالم، معروفة بالشهرة والامتيازات، بسبب أنّ الإنسان -  بغض النظر عن منصبه - يمكنه أن يعيش بتلقائية وطمأنينة وتفاعل مع مناخ المكان؛ ولعلّ ما قاله أمير دولة الكويت يعكس تلك السمة التي ارتبطت بالسلطنة، وأنّ علاقاته بالسلطنة تتجاوز المحطات الرسميّة  فالعلاقة بالتربة العمانية أكثر بكثير، فهي علاقة صدق ومحبة كونها واحة وبؤرة للسلام.

من خلال هذه المقدمة وإلى الإشادة الدولية لمواقف السلطنة يجب علينا كمسؤولين وكمواطنين أن نطرح لأنفسنا هذا التساؤل كيف لنا أن نستفيد من هذه القيم، التي أرسى دعائمها جلالة السلطان - قابوس حفظه الله- بحيث نعمل بإخلاص وبضمير حي في جعل عمان بلدًا نموذجيًا بكل ما تعنيه الكلمة، يجب علينا كمسؤولين أن نعمل من أجل مصلحة عمان وأن نجتهد ونترجم الرؤية الثاقبة لجلالة السلطان في تحقيق النمو والازدهار. والتقدّم في شتى ميادين الحياة.

على المسؤولين ضرورة تجويد العمل وألا يعزلوا أنفسهم في مساحات علوية خاف الأبواب المُغلقة، وهذه رسالة لمن يعمل في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ممن يتسلمون ويتسلمن زمام العمل؛ لأن الجميع - بحسب إحدى مقولات جلالته -حفظه الله- في أحد خطاباته السامية: (خدم من أجل مصالح الشعب)، وهذه تفتح الشفافية، وهو السلوك المقرون بالوعي الإداري الذي ينبغي على الجميع اتباعه.

فهل وصلنا بأفكارنا نحو الارتكاز على تجويد العمل وتطبيق التوجيهات السامية التي غرسها جلالته لكي نحسن خدماتنا؛ فقد ابتغينا الوظيفة الحكومية وهي أمانة في أعناقنا.. فهل نحن والخطاب موجه لشريحة الموظفين في الحكومة على قدر تحمل المسؤولية، أم نتركها لمن هو أقدر على حملها؟

على مدار الثماني وأربعين سنة الماضية أثبتت السياسة العمانية الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - رعاه الله – نجاحا فوق الوصف؛ حيث إن السلام ثيمة تتجاوز المستوى التنظيري، وبخاصة على مستوى السياسة الخارجية، والصلات الجوارية مع الدول الشقيقة والصديقة، والالتزام بالأعراف والشرائع الدولية التي تنظم العلاقات البينية للدول، وهذا ما جعل العاصمة مسقط محط أنظار الجميع؛ خاصة في ظل سياسة النأي بالسلطنة وشعبها وإعلامها عن التدخل في شؤون الغير، ما لم يُطلب منهم ذلك، واحترام السياسات الداخلية للدول، وعدم التورط في مشاريع سياسية ذات أبعاد وأهداف مشبوهة.

إن هذه السياسة المتزنة التي تنتهجها السلطنة والتي أرسى دعائمها عاهل البلاد المفدى؛ هي انعكاسات للإيمان بالسلام، والعمل به، والسعي نحوه، وإشاعته في مختلف المواقف، وهذا واضح في نهج السياسة العمانية الخارجية، التي عزلت السلطنة عن الدخول في صراعات وتحزبات وطروحات وخطابات لا تسمن ولا تغني من جوع، مما جعل مسقط محجّاً سياسيا واقتصاديا، وجعلها لاعبا إقليميا إيجابيا ومؤثرا في الرؤية العميقة للسلام على المستويين الاقليمي والدولي.