قطار "الرؤية لمبادرات الشباب" يصل ظفار

 

علي بن سالم كفيتان

 

قبل عدة أعوام حضرت تدشين مبادرة جائزة الرؤية لمبادرات الشباب التي تبنتها مؤسسة الرؤية للصحافة والنشر فكانت الانطلاقة من محافظة ظفار أرض بزوغ الفجر المشرق، ومسقط رأس سيد عُمان وباني نهضتها المعاصرة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه-، وأذكر أنني كتبت مقالا في حينها يمكن الرجوع إليه؛ لكن اليوم رجع القطار إلى المحطة التي بدأ منها محملاً بطموحات عظيمة وإنجازات أعظم فخلال تطوافه في الحواضر العُمانية جلب معه طاقات عُمانية خلاقة فقد اكتظت عربات الرؤية بالعيون المتقدة لغد أفضل، ولا زال الرجل الذي لقيته قبل ستة أعوام يحمل ذات الهم ويدفعه من مرحلة إلى أخرى لصنع جيل شاب صحيح الفكر ونقي السريرة يحافظ على عُمان وعلى ريادتها بين الأمم والشعوب هكذا هو المكرم حاتم الطائي.

في احتفالية ظفار هذا العام برزت نقاط قوة كبيرة أبرزها احتضان مركز السلطان قابوس للثقافة والترفيه المناسبة، فالمركز كان هديّة كريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- لأبنائه في محافظة ظفار بهدف إطلاق طاقاتهم الإيجابية في شتى المجالات الثقافية والرياضية ولا شك أنّ هذا الصرح أصبح بوابة هامة للتعامل مع جيل الغد لذلك كان اللقاء في مركز المستقبل وازدانت المناسبة بالحضور الحاشد للشباب والشابات الذين ملأوا المقاعد وشغلوا المدرجات لاستقبال قطار الابتكارات المُحمل بالإنجازات، وتبيّن للمتابع الفرق بين الانطلاقة الأولى والعودة الثانية إلى ظفار.

حدثنا المهندس عبد الله السعيدي عن مشروع نفاذ للطاقة المتجددة وأبدع بينما حلقت مروج البوسعيدية عاليا في الثورة الصناعية الرابعة، وألهمنا المذيع المبدع عبد الله صفر بمشروع مذيع الذي خرج مجموعة من المذيعين البارعين وكم كانت سعادتي كبيرة برؤية زميلي في العمل قاسم البرعمي ضمن تلك الكوكبة فقد ذكرت له قبل عدة سنوات بأن صوتك يذكرني بكبار مذيعين هيئة الإذاعة البريطانية، وغير بعيد تحدث علي فاضل عن الروبوتات والذكاء الاصطناعي وعلمنا للمرة الأولى بأنّ لدينا مركز للابتكار في محافظتنا، أمّا أثير تبوك فمنحتنا محاضرة شدت الجميع لأنّها تحدثت عن اللبان وكيف استطاعت بناء مشروعها من الفكرة وحتى التصنيع، وأعتقد أنّ الكثير من الحضور سيصبحون زبائن أثير قريباً.

إنّ فن التخاطب مع الشباب واستخلاص طاقاتهم في هذا العصر ليس بالأمر السهل؛ لكنّ المجتمع العُماني بطيفه الجميل منحنا اختلافاً نادراً في كل شيء، ولذلك فالحديقة العُمانية غناء بالثراء الثقافي والعلمي والمعرفي، وعندما ننظر إليها نراها زاهية بجميع الألوان الزاهية فالشباب العُماني يعمل بكل فخر في جميع المنافذ الممكنة، ولم يستكن لتجليات البذخ التي انتجت في عدد من البلدان نسخا من الناس المستهلكين غير المؤثرين في الحراك البشري.

إننا اليوم بمثل هذه المبادرات الخيرة نحاكي نواخذة صور العفية الذين غامروا ولم ترهبهم ظلمات البحار، وننصت لترانيم الذكر وكتاتيب الأطفال وصرير أقلام علماء نزوى، ونحضر مفاوضات التجار في سوق صحار الشهير الذي كان أحد أسواق العرب العريقة، ونتذكر قوافل اللبان التي اخترقت عالم الصحراء المجهولة لتهدي للعالم عبق الحياة وسر الخلود (اللبان).

أيّها الشباب أمنحوا أنفسكم فسحة من التفكير الإيجابي بعيدًا عن عالم التحريض والأخبار المغلوطة فالفرص موجودة لكنّها لن تطرق أبواب بيوتكم، لا تشغلوا أنفسكم بالحديث السلبي على الطرقات ونواصي المطاعم، الحياة لا تنقطع إلا بانقطاع الأمل؛ فكلٌ يفتش في دواخله عمّا يتقن، وماذا يحب، ويتخذ القرار بالبدء دون تردد؛ فمعظم أغنياء العالم بدأوا بأفكار صغيرة وكبرت معهم، إنّ النجاح يكمن في داخل كل واحد منا لكن من يستطيع إخراج ذلك الجزء المشرق من حياته؟ جائزة الرؤية لمبادرات الشباب هي إحدى نوافذ النجاح فبادر باغتنام الفرصة، وسوف تلقى الدعم والاهتمام والرعاية من القائمين على الجائزة فكل الفائزين خلال الأعوام الماضية أصبحوا رواد أعمال وشخصيّات عامة ومؤثرة في المجتمع.