إلى متى مأساة حافلات المدارس؟!

خالد الميمني

تداولتْ وسائل الإعلام الرسمية ووسائل التواصل الاجتماعي، يوم الخميس الماضي، أخباراً عن حادثة وفاة طالب يبلغ من العمر 8 سنوات، في ولاية مطرح، بعد أن نُسي في الحافلة المدرسية مما تسبَّب في وفاته.

بداية، أتقدم بأحر التعازي والمواساة لأسرة الطالب المتوفَّى، وأدعو الله تعالى أن يتغمَّده بواسع رحمته، وأن يُلهم أهله الصبر والسلون.

بعد الحادثة تباينتْ رُدود فعل الرأي العام بين مُنتقد وواضع للحلول، ومقترح بفرض أحكام وعقوبات على من لهم علاقة مباشرة بالحادث، وعدم التساهل معهم.

كما يعلم الجميع، هذه ليست أول حادثة تقع، وما هي إلا امتداد لحوادث مماثلة حصدت فيها أرواح فلذات الأكباد الأبرياء نسمع عنها هنا وهناك. وللأسف تتكرَّر نفس الأخطاء؛ سواء في المدارس العامة أو الخاصة حقيقة، وبعد فترة تكون في طيِّ النسيان؛ فهي تثور وتخمد، لكن تظل آثارها باقية وملازمة للوالدين المكلومين.

لماذا التحرُّك بعد الحادثة؟ وأين الخطط الوقائية والاحترازية؟ خصوصاً وأن الحادث ليس وليدَ الساعة فهو متكرر ويحصل مع بداية الأعوام الدراسية عادة. أعتقد أن هذه هي أمانة ومسؤولية إنسانية قبل أن تكون وظيفية لكل من له صلة مباشرة أو غير مباشرة.

الموضوع بحاجة لاتخاذ إجراءات فورية حازمة من قبل جهات الاختصاص للحيلولة دون تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة.

لا يُوجد قانون موحد وملزم للمدارس بخصوص الحافلات، وأعتقد أن هذه النقطة مهمة ويجب توحيد القوانين واشتراطات السلامة في الحافلات مع تطبيقها على جميع المدارس العامة والخاصة فوراً. فوجود قوانين جزائية وإبرام عقود واضحة بين ملاك الحافلات ووزارة التربية والتعليم، لابد أن تشمل الشروط والبنود التي تحدد فيها المهام والأدوار والمسؤوليات مع معاقبة المتهاونين قانونيًّا. هذا الأمر قد يحد من تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة مستقبلاً، على أن ينطبق الأمر ذاته في عقود المدارس الخاصة.

ونَنْصَح بإجراء فحص شامل للحافلات، والتأكد من أنها مزوَّدة بأنظمة متطورة معتمدة تُعنى بالسلامة من قبل جهات الاختصاص لتجنب مثل هذه الحوادث. وطبعاً لا ينبغي التغافل عن الأمور المالية التي سيتكبدها ملاك الحافلات الخاصة هنا. ولكن وكما نعلم أن الوقاية خير من العلاج دائماً.

كلُّ جهة لها رؤية ورسالة واضحة من اختصاصها، وجزء من رسالة وزارة التربية والتعليم يكمُن في توفير الموارد البشرية من مدرسين ومشرفين أكفاء، ومبانٍ مدرسية وأدوات تقويم ذات جودة... إلخ. لكن لم نجد أيَّ إشارة تخص السلامة رغم وجود عدد هائل من الأرواح بمختلف الأعمار تنضوي تحت مظلتها. وهؤلاء بحاجة ماسة لمعرفة أساسيات السلامة وإجراءاتها.

وعليه، أنصح بإنشاء دائرة تُعنَى بالسلامة المدرسية على غرار الدوائر الموجودة في بعض المؤسسات المهنية الأخرى. على أنْ تُناط بهذه الدائرة مسؤوليات سن القوانين المدرسية الخاصة بالسلامة مع تنفيذها ومتابعتها، وكذلك القيام بورش عمل توعوية مستمرة في كل المدارس خلال العام الدراسي.

ولا يُمنع من تخصيص أيام توعوية بالاتفاق مع جهات الاختصاص العامة والخاصة لتنفيذ برامج توعوية للطلاب، يُشارك فيها قائدو الحافلات جنباً إلى جنب مع الطاقم التدريسي عن كيفية تجنب المخاطر والتعامل معها... إلخ.

وننوِّه أخيراً، إلى أنه غالباً ما تقع هذه الحوادث على الطلاب الصغار. والتقارير تشير إلى النوم والنسيان والحرارة والاختناق العوامل المشتركة المسببة لكل حالات الوفاة. ونركز قليلاً على النوم؛ فعدم أخذ النوم الكافي سيؤدي حتماً إلى النعاس. كما أن طول فترة الجهد والتركيز سيؤدي للتعب والإرهاق، وكلاهما عامل مشترك يؤدي للنوم العميق. لذا؛ يُنصح بدراسة تقليل عدد الساعات الدراسية للطلاب الصغار إن وُجِد فيها مصلحة وسلامة إضافية لهم.

تعليق عبر الفيس بوك