ريال مدريد.. من استقطاب النجوم إلى صناعتها!

حسين الغافري

 

تحدَّثنا كثيراً عن آثار وتَبعات خُروج البرتغالي رونالدو من ريال مدريد الإسباني، والفجوة المتوقع أن تتواجد في كتيبة الملكي خلال الموسم الجاري على أقل تقدير. الحديث عن انتقاله ودوافعه ومعطياته تبدو كثيرة وعديدة انطلاقاً من الجانب المادي العالي الذي سيتحصل عليه مع يوفنتوس الإيطالي، والقيمة السوقية التي سيستفيد منها ريال مدريد كذلك، إضافة إلى العقد الجديد والمغري لأربعة مواسم وهو بسن الثالثة والثلاثين. مع كل ذلك رونالدو غادر كذلك بحثاً عن تحدٍّ جديد بأحد أعرق أندية أوروبا، بعدما صنع المجد وحقق الإشادة من كل جوانبها في صفوف فريق العاصمة الإسبانية، وقبله مع مانشستر يونايتد الإنجليزي.

مرحلة رونالدو مع ريال مدريد انتهت، وما قدمه للقميص الأبيض سيبقى خالداً في صفحات التاريخ. رونالدو استثناء لافت ونجم قلّ نظيره؛ قياساً بالأرقام التي سجلها في دفاتر الملكي والإنجازات التي صنعها. نقول بأن مرحلته انتهت ليس تقليلاً لكل ما تم ذكره، فلقد سبقته نجوم صنعت تاريخاً ولم يقف الفريق كثيراً عليها، وإنما واصل تربّعه على عرش المستديرة. الملكي الآن بمرحلة جديدة تبدو أنها تركز على بناء المجموعة بمواهب شابة بعد فترة المدرب الفرنسي زين الدين زيدان الذي رمم الصفوف وأعاد الوحدة للمجموعة التي كان يمتلكها.

المتابِع لنشاط ريال مدريد منذ مدة ليست ببسيطة يدرك تماماً أن نجاح الفريق جاء بعد تركه عادته المتبعة في استقطاب نجوم المستديرة في مختلف الأندية. الريال لم يعد كذلك من ناحية الأفكار، بل بات فريقًا بأسلوب ونمط انتداب مختلف، وشاهدناه في تعاقداته التي تمت مؤخراً؛ سواء الموسم المنصرم أو حتى هذا الموسم، وما جَلْب مدربه لوبتيجي إلا تعزيزاً لهذا السبب؛ لما يحبذه في صناعة المواهب وتطبيق نظام الكرة الجماعية. أيضاً انتداب الموهوب البرازيلي فينسوس يصب في نفس المسار. النادي يعمل كثيراً على تطوير مواهبه وأكاديميته التي تُعنى بصناعة هؤلاء. الملكي نجح في مواسمه المنصرمة بعدما أسهم زيدان في خفض أهمية جلب أجود الأسماء، وصبّ تركيزه على بناء مجموعة متماسكة من مواهب شابة في السن، أضاف إليها أصحاب الخبرة أمثال رونالدو.

وحتى يستمر الملكي بنفس نجاحه، لابد -من وجهة نظري- أن يدفع المال لأحد النجوم في خط المقدمة الذي يعاني كثيراً من عدم تسجيل الأهداف. الفريق يحتاج انتداب لاعب سوبر يكون واجهة أساسية لحضور الريال، ولعل الأنسب في الوقت الراهن هو البرازيلي نيمار، أو النجم الصاعد الفرنسي كيليان مبابي. ويمكن القول إنَّ من الأهمية تواجد نجم يحمل الفريق على كتفيه في خط المقدمة الذي يعاني كثيراً كما ذكرت من عدم وجود خيارات متنوعة في إنهاء الهجمات، خصوصاً عندما لا يكون الفرنسي كريم بنزيما في يومه أو حتى عند إصابته.

إجمالاً.. تُعجبني سياسة الفريق التي باتت تتسم بكثير من الهدوء والعقلانية والتوازن. وأرى أن خيار لوبتيجي موفق في استمرار نهج الفريق في ذات التوجه، وحضور الريال محليًّا صار مهمًّا وضمان منافسته على لقب الدوري المحلي وهو ما سيواجه من خلالها متاعب جمَّة بوجود الغريم التقليدي برشلونة الذي دخل سوق الانتقالات بعد خروج نجمه نيمار إلى باريس سان جيرمان الفرنسي بشراسة غير معتادة، جلب -وبمبالغ كبيرة- الفرنسي ديمبلي، والبرازيلي كوتينهو، وأسماء أخرى في مختلف الخطوط. ناهيك عن نشاط فريق العاصمة الآخر أتلتيكو مدريد وقوة شخصيته مع مدربه الأرجنتيني سيميوني. أما ريال مدريد، فلا يزال هادئاً حتى اللحظة، وكما ذكرت حاجته لنجم من طراز كبير أمر ضروري يقود المجموعة هجوميًّا، وإلا فإن متاعبه ستكون كبيرة، وهو ما لا نتمنَّى حصوله لتكتمل المنافسة على أشدّها في الليجا، وبطولته المحببة دوري أبطال أوروبا

HussainGhafri@gmail.com.