"الصفقة" التي أعادت حياة الكالتشيو

 

حسين بن علي الغافري

أيام قليلة تفصلنا عن عودة الدوريات الكبرى في القارة العجوز. ويًمكن القول بأن جُلّ الأندية ستعيش فترة تسابق مع الزمن خلال الأيام المقبلة قبل إغلاق سوق انتقالات اللاعبين من أجل استكمال ترميم صفوفها بالاحتياجات المطلوبة. أكثر ما ميّز السوق الكروية حتى اللحظة بأنه لم يُحّدِث صخباً كبيراً مثلما حدث العام الماضي بالصفقة المدوية التي ربطت البرازيلي نيمار بباريس سان جيرمان وطريقة خروجه من برشلونة، أو العام الذي سبقه بصفقة الفرنسي بوجبا إلى مانشستر يونايتد قادماً من يوفنتوس. الأمور هذا العام تبدو مختلفة، فالهدوء والتروي ولربما قانون اللعب النظيف كلها أسباب خففت جنون الإنفاق والبذخ في عمليات شراء اللاعبين تأتي صفقة رحيل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى يوفنتوس الإيطالي كأبرز الصفقات التي شغلت الصحافة والمشجعين حتى الآن. فمن المستفيد منها؟!. شخصياً أعتقد أن خسارة ريال مدريد ستكون واضحة مع مرور الوقت، رغم أننا لا ننكر أنّ الفريق الملكي أعاد بيعه بقيمة أعلى من تلك التي أنتدبه بها من مانشستر يونايتد عام 2009، ولكم طبيعة الإنفاق السابق وما نشاهده اليوم اختلفت. رونالدو وقتها حضر كأغلى صفقة وبينما اليوم تبدو 100 مليون ليست بالمبلغ الصعب على كبار القارة العجوز. الملكي خسر ضلعا رئيسيا وهاما كان يرتكز عليه وإن لم يعوضه خلال الفترة المقبلة ستظهر أهميته خلال الموسم. نجم قيادي وحاسم وصاحب حضور دائم في المواعيد الكبرى ويخلق مشاكل للمنافس وقتما حضر. رونالدو لم يكن مجرد نجم في الملعب فحسب، وإنما كان وجهة رئيسية للدعاية والإعلان ومن هو مطّلع في هذا الجانب يدرك تماماً الأهمية التسويقية التي يضاعف النادي مكانة اسمه ويفتتح أسواق جديدة للتسويق عبر العالم.

في الجانب الآخر لا ننسى أن يوفنتوس الإيطالي كان مسيروه على وعي تمام باسم البرتغالي، من الناحية التسويقية والفنية. لذلك الهالة الإعلامية التي صاحبت التعاقد في تورينو وتطلع الجماهير إلى رؤية نجمها الأول يلعب يقودنا إلى أن النادي استثمر في سوقه الحالي أحد أبرز النجوم عبر تاريخه العريق. بينما في الجانب الفني فإن تواجد رونالدو ذي الإنجازات الجماعية والفردية يمنح المجموعة خبرة إضافية في الملعب

بينما رونالدو نفسه كان ذكياً في اتخاذ قرار المغادرة من ريال مدريد. قدّم كُل شيء وغادر وهو في أوج عطائه وبألقاب كبيرة. ذكي من ناحية الخروج وذكي كونه تجاوز الثانية والثلاثين من عمره وسيحصل على عقد خرافي يصل إلى 30 مليون دولار سنوياً لمدة أربع سنوات وبحافز جديد وأجواء جديدة وتحدٍ يعشقه في دوري يتطلع إلى إثبات نفسه فيه مثلما حقق المجد في إنجلترا وإسبانيا..

ختاماً، الصفقة التي عقدها يوفنتوس هامة جداً ليس فقط لبطل إيطاليا، وإنما أهميتها أوسع من ذلك. اسم رونالدو سيحيي البطولة الإيطالية التي مرّت بقرابة عشرة أعوام وهي تترنح إزاء الأزمة الاقتصادية. سيمنح بقية المنافسين سقف طموحات أكبر في انتداب أسماء كبيرة، ويضيف حضوره وسيلة جاذبة لبقية النجوم لتحذو حذوه مثلما نسمع من أخبار لأسماء عملاقة يتابعها انتر وميلان روما. كلها عوامل ساهمت بشكل مُباشر أو غير مباشر من صفقة "الدون".