تعرف على أعنف غارة جوية في تاريخ الحروب

 

 

شهدت الحرب العالمية الثانية ارتفاعا مذهلا لعدد الضحايا، فبناءً على عدد من التقارير، تجاوز عدد القتلى خلال هذا النزاع العالمي 60 مليون قتيل، وهو رقم تخطى بكثير عدد القتلى المسجل خلال بقية الحروب التي شهدتها البشرية. و

لعبت الطائرات الحربية دوراً هاماً في ارتفاع عدد القتلى حيث كانت الحرب العالمية الثانية مسرحا للعديد من عمليات القصف الجوي الدامية، فبالإضافة إلى عمليات قصف كل من روتردام ولندن ودرسدن وهامبورغ وبرلين والتي خلفت دمارا هائلا، تبرز عملية قصف العاصمة اليابانية طوكيو خلال شهر مارس سنة 1945 بسبب عدد القتلى وحجم الخراب الذي خلفته لتصنف كأعنف غارة جوية على مر التاريخ.

خلال ربيع سنة 1945 كانت الحرب على الساحة الأوروبية شبه محسومة حيث باتت قوات الحلفاء على مقربة من العاصمة الألمانية برلين. في هذه الأثناء، كان الأمر مختلفا على الساحة الآسيوية حيث رفضت اليابان فكرة الاستسلام مفضلةً مواصلة القتال مما أنذر بحرب طويلة الأمد ومكلفة من حيث الأرواح بالنسبة للأميركيين.

في غضون ذلك ومنذ حصولها على الطائرات قاذفة القنابل الثقيلة بي – 29 سوبر فورتريس (Boeing B-29 Superfortress) سنة 1944، تمكنت القوات الأميركية من شن غارات جوية مدمرة وبعيدة المدى على الأهداف اليابانية وخاصة تلك الموجودة بالصين وجزر ماريانا. لكن هذه الطائرات الأميركية عانت من مشكلة عويصة فبسبب الضباب والسحب لم تكن قادرة على إصابة هدفها بدقة. وخلال شهر يناير/كانون الثاني 1945 اتجه الجنرال كورتيس لوماي نحو اقتراح فكرة جديدة راقت للإدارة الأميركية بعد تأييدها من قبل نائب الرئيس الأميركي حينها هاري ترومان حيث دعا لوماي إلى استخدام القنابل الحارقة خلال عمليات قصف المدن لتخطي عامل الدقة، فضلاً عن ذلك أكد الأخير على ضرورة توجيه ضربات مدمرة للمدن اليابانية خاصة العاصمة طوكيو من أجل التعجيل بعملية استسلام اليابان.

خلال شهر مارس 1945 لم يتردد الأميركيون في تنفيذ مقترح الجنرال كورتيس لوماي، فمن خلال عملية القصف الجوي التي حملت اسم meetinghouse استهدفت قاذفات القنابل الأميركية العاصمة طوكيو متسببة في مقتل عدد هائل من سكانها وخراب أجزاء واسعة منها.

 

 

مع حلول الساعة الخامسة والنصف مساءً يوم 9 مارس 1945، غادرت 334 قاذفة قنابل أميركية من نوع بي – 29 سوبر فورتريس قواعدها بجزر تينيان وسيبان متجهةً صوب هدفها، وفي حدود منتصف الليل وخمس عشرة دقيقة من اليوم التالي حلّقت الطائرات الأميركية فوق العاصمة اليابانية طوكيو ليشهد العالم على إثر ذلك بداية أعنف غارة جوية عرفها التاريخ.

بناءً على مصادر القوات الأميركية، تمكنت 282 قاذفة قنابل من بلوغ هدفها وإصابته بشكل مباشر حيث حلقت الطائرات الأميركية على علو منخفض تراوح بين 500 و700 متر ملقيةً ما يعادل 1800 طن من القنابل الحارقة على العاصمة طوكيو وضواحيها، وقد سهّلت منازل اليابانيين المصنوعة من الخشب والرياح القوية من عملية انتشار الحرائق وتوسعها.

خلفت عملية استهداف العاصمة اليابانية طوكيو بالقنابل الحارقة ما بين يومي التاسع والعاشر من شهر مارس سنة 1945 دماراً هائلاً حيث التهمت ألسنة اللهب مساحة قدرت بنحو 16 ميلاً مربعا مدمرةً أكثر من 500 ألف منزل ومتسببة في تشريد ما يزيد عن مليون شخص. وبحسب أغلب المؤرخين أسفر هذا القصف الأميركي عن مقتل ما يزيد عن 100 ألف ياباني، قضى جلّهم حرقا أو اختناقاً، بالإضافة لإصابة أكثر من مليون آخرين، وبسبب هذه الإحصائيات المرتفعة تحول هذا القصف إلى أعنف غارة جوية عرفها التاريخ.

تعليق عبر الفيس بوك