نقطة نظام حول الاحتكار

حمود الطوقي

منذ أن بدأت العمل في بلاط صاحبة الجلالة "الصحافة" وأنا أتابع توسع الشركات ونمو السوق المحلية من تماثل الشركات واستحواذ الشركات بعينها على نصيب الأسد من التعاملات؛ لتصبح شركات كبيرة محتكرة لكافة الأنشطة والوكالات التجارية.

هذه الشركات رغم أننا لا ننكر مساهمتها في رفد الاقتصاد ولكنها تنظر إلى محيطها الضيق؛ لتضع في استراتيجياتها القصيرة والمتوسطة والطويلة المدى حجم استفادتها من السوق، ولا يعنيها تشجيع شركات جديدة أو تلك التي نطلق عليها الصغيرة والمتوسطة، والتي تحاول أن تلتمس طريق النجاح، ولكنّها تصطدم بوجود شركات كبرى تنافسها في عملها، وتعمل هذه الشركات الكبيرة وللأسف على إزاحتها من السوق لتتربع على عرش الريادة والاستحواذ والاحتكار؛ مستفيدة من إمكانيّاتها المالية الضخمة وعلاقتها القوية بالوكالات التجارية، واستحواذها على هذه الوكالات؛ لتصبح الشركة تحت مظلتها عشرات الوكالات التجارية التي تنمو يومًا بعد يوم ولتغلق الباب على كل من يفكر في استقطاب وكالة تجارية جديدة.

رسميا صدر في عام 2014 قانون للاحتكار تحت رقم 67/2014 وعندما صدر هذا القانون صفقنا وقلنا إنّ الأبواب سوف تفتح لدخول شركات جديدة السوق؛ ولكن حتى الآن لم تصدر اللائحة المنظمة لقانون الاحتكار، ولا ندري ما هي الأسباب التي أدت إلى تأخير صدور اللائحة حتى الآن.

أتحدث عن موضوع الاحتكار وما تبعه من مناقشات وردود وملاحظات نوقشت على مدار الأعوام الماضية، وما زالت هناك أطروحات بين الفينة والأخرى تتناول هذا الملف.

بالأمس وأثناء متابعتي للمحاضرة التي القاها رجل الأعمال السعودي والأكاديمي الدكتور عبدالله دحلان رئيس مجلس الأمناء جامعة الأعمال والتكنولوجيا بجامعة مسقط كان يتحدث عن أهميّة تمكين الشباب الخليجي من التعليم التقني وغيرها من التخصصات المهمة التي يحتاجها سوق العمل، وأثناء النقاشات تحدّث عن احتكار الشركات ورؤيتها الضيّقة، ضاربا أمثلة بالشركات العالمية التي تفتح المجال للشركات الصغيرة؛ بحيث تعمل وتحصل على فرصة العمل في التصنيع لصالحها، فمثلا والحديث للدكتور عبدالله دحلان أنّ شركة تويوتا اليابانية المعروفة وهي شركة عملاقة كمسمى تجاري ولكن تعمل تحتها المئات من الشركات الصغيرة والمتوسطة، فهي تعطي لهذه الشركات حصة في تصنيع وتقديم خدمات لوجيستية؛ وبهذه الطريقة الكل استفاد وحقق النجاح، ودارت عجلة العمل بشكل سريع، وتوفرت فرص العمل لمئات من الأسر والشباب الطموح؛ لأنّ وكالة تويوتا لم ترغب في الاستحواذ على كل شيء لنفسها بل أعطت ووزعت الحصة من احتياجاتها للسوق وطلب من الشركات الصغيرة أن تتنافس وبهذه الطريقة أصبح الجميع مستفيدا.

الأمر عندنا يختلف فالشركات والوكالات تسعى لاستحواذ السوق وتجد مثلا أنّ وكيل السيّارات يملك الوكالة الحصرية، ويملك قسما لبيع قطاع الغيار، ويملك قسما للمبيعات، وقسما للتسويق وقسما للتأجير وقسما لبيع السيارات المستعملة، وبهذه الطريقة والأسلوب العقيم استحوذت الشركة على كل مفاصل الوكالة، وسدت الطريق لأي شركة تقترب من خدماتها، وأصبحت اللاعب الأوحد والحصري على هذا المنتج أو هذه الوكالة.

يتطلب التفكير بتوسيع رقعة المشاركة وتشجيع الشركات خاصة الصغيرة والمتوسطة على النمو والتطور، ما يحصل في السوق المحلية أنّه لا يوجد احتكار. بدليل أن قانون الوكالات التجارية ألغى ما يعرف بالوكيل الحصري.

لكن يجب علينا أن نفكر بطريقة أكثر جاذبيّة لتشجيع الشباب فمع إنشاء مركز المنافسة يجب أن تشجع الحكومة على تطبيق المادة التاسعة من قانون الوكالات التجارية، والتي تطلب أن يكون للوكيل موزّعين في المحافظات والولايات ولا يقوم الوكيل بفتح منافذ جديدة بل يمنح ويُعطي شركات صغيرة تعمل تحت مظلتها بعد أن تحصل هذه الشركات على التدريب والتشجيع؛ وبهذا الأسلوب تساهم الشركات في فتح الأبواب وتنمية الشركات الصغيرة وتساعدها في إيجاد فرص العمل للعمانيين.

أتمنى أن نفكر بإيجابيّة حول قانون الاحتكار؛ لأنّ الوضع لم يتغير كثيرًا، ويجب على القطاع الخاص المستحوذ على نصيب الأسد التفكير بايجابية أنّ السوق كلما فتح ودخل لاعب جديد تزداد فرص المنافسة وتقديم خدمات تتميز بالجودة..

علينا أن نحمل رسالة التشجيع للشركات الصغيرة حتى نحقق معادلة "الكل مستفيد"؛ وهنا سنرى التغيير إلى الأفضل.