سعيد حميد الهطالي
كان من المفترض أن يكون شهر يوليو كغيره من شهور الصيف، موسما للفرح يحمل نسائم الراحة بعد عناء عام دراسي طويل، وفرحة الأهالي بنجاح أبنائهم، وظهور نتائج الامتحانات، وبهجة العائلات بانطلاق إجازة الصيف وما يصحبها من رحلات سفر، ولقاءات عائلية، ومناسبات زواج، وصناعة ذكريات جميلة.
لكن يوليو هذا العام جاء ثقيلا كغمامة سوداء لا تمطر إلا دمعا، ففي أيامه الأولى بدأت الأخبار تتوالى عن حوادث سير مأساوية، حوادث أخذت معها أرواحا ندية ودفنت في لحظة من الزمن أحلام شباب وفتيات في عمر الزهور، لم يتخيلوا أن تكون رحلتهم الأخيرة.
تحول يوليو هذا العام إلى موسم حزن لدى بعض العائلات تشاركت فيه الأسر آهات الفقد، وتحولت فيه وسائل التواصل الاجتماعي إلى صفحات رثاء وتبادل فيه الناس التعازي والمواساة.
ولا أحد ينكر أن الأقدار ماضية، وأن الموت حق، ولكننا نملك كبشر جزءا من المسؤولية في تقليل الخطر، فالحذر لا يمنع القدر لكنه واجب أخلاقي وإنساني.
فالالتزام بقوانين السير، وربط حزام الأمان، وتجنب السرعة المتهورة ليست فقط إجراءات رسمية إنما احترام للروح وتقدير للحياة، فكم من حادث كان يمكن تجنبه، وكم من روح كان يمكن أن تظل بيننا لو أننا أدركنا أن الخروج من البيت يجب أن يسبقه وعي بأن الطريق ليس مكانا آمنا لكنه ساحة اختبار دائم للانتباه والانضباط.
إن ما يحدث يتطلب وقفة صادقة، جلسات توعية حقيقية، حملات إعلامية هادفة، ودروسا في المدارس حول ثقافة الطريق والقيادة الآمنة، فكل شخص مسؤول، وكل مركبة أمانة، وكل لحظة تهور قد تكون كافية لخسارة لا تعوض.
رحم الله كل من فقدناهم في هذا الشهر، وجبر الله قلوب أهلهم ومحبيهم وذويهم، وألهمهم جميعا الصبر والسلوان.