طالب المقبالي
قبل ثلاث سنوات وتحديداً عام 2015م، كنت أحد الصحفيين الذين تمت دعوتهم للمشاركة ضمن القافلة السياحية التي نظمتها وزارة السياحة ممثلة في إدارة السياحة بمحافظة شمال الباطنة لاكتشاف كنوز الطبيعة في هذه المحافظة الجميلة.
وكنت حينئذ ممثلاً لجريدة وجهات السياحية التي أوجه التحية لمؤسسها ورئيس تحريرها الأستاذ يوسف بن أحمد البلوشي الذي اختارني من بين جميع الصحفيين لتمثيل الجريدة في هذه الرحلة السياحية الجميلة.
تلك القافلة ضمت بعض الشركات السياحية والفنادق وبعض الصحف المتخصصة في المجال السياحي والتجاري والاقتصادي والتي هدفت من خلالها وزارة السياحة إلى قيام هذه الشركات والمؤسسات بالدور الفاعل لنقل الرسالة السياحية لمؤسساتهم.
فتضمنت الرحلة آنذاك زيارة عدد من المرافق السياحية في المحافظة، من بينها رحلة بحرية شملت زيارة عدد من الجزر كجزيرة تليجراف والجزر المجاورة، كذلك زيارة بعض الشواطئ وإقامة عدد من الفعاليات والأنشطة البحرية، وكذلك زيارة حصن بخا الأثري.
واليوم وبعد مضي ثلاث سنوات تفاجئنا جمعية الصحفيين العمانية التي عودتنا في كل عام على تنظيم ملتقى المراسل الصحفي في واحدة من المحافظات باختيار محافظة مسندم لتنفيذ ملتقى المراسل الصحفي الخامس لهذا العام.
فمع الدقائق الأولى من الإعلان عن هذا الملتقى بدأت أضع الأحرف الأولى من هذا المقال لمشاركتي الافتتاحية في هذه الرحلة مستنبطاً عبق ذكرى رحلتي الأولى لهذه المحافظة الجميلة التي ما زالت ذكراها عالقة في ذاكرتي.
فمسندم وجهة سياحية رائعة، حيث توجد بها مقومات سياحية جميلة وتنوع في السياحة البحرية والجيولوجية، وتتمتع بتضاريس جميلة في تشكيلة رائعة من الجزر التي تتيح للسائح الاستمتاع والاستجمام فيها وقضاء أوقات رائعة بعيداً عن صخب الحياة اليومية والضوضاء، مما يتيح للنفس تجديد الحيوية والنشاط استعداداً لبدء يوم عمل جديد بعد قضاء إجازة رائعة تتخللها مشاهدة الدلافين وهي تطفو على السطح تارة وتمخر عباب البحر تارة أخرى، إضافة إلى الأسماك التي تحوم حول السفن السياحية، إلى جانب مشاهدة مختلف أنواع الطيور المهاجرة منها والمقيمة.
إنها لحظات تبقى في الذاكرة وتحفز للعودة مرات ومرات للاستمتاع بهذه المقومات الجميلة.
وتتميز المحافظة بمقومات تاريخية جميلة تتمثل في حصني خصب وبخاء وغيرها من المواقع الأثرية والسياحية.
فمن تتاح له الفرصة لزيارتهما والاستمتاع بمشاهدتها في تجسيد لحياة الماضي بكل تفاصيلها، فإنه سيشاهد الأدوات المستخدمة من قبل الإنسان في الماضي والتي أصبحنا لا نعرف عنها أي شيء في عالمنا المعاصر.
ومن الممتع جداً أن يستقل السائح إحدى السفن السياحية المرابطة في ميناء خصب لنقل أفواج السياح في رحلة بحرية ممتعة.
وهذه السفن مجهزة بجلسات عربية جميلة مفتوحة في الهواء الطلق، وتتكون من طابقين.
الطابق الأول يحتوي على الجلسات العربية وهناك ربان السفينة، وتوفر في السفينة الوجبات الرئيسية والمشروبات والوجبات الخفيفة بين الوجبات الرئيسية، إضافة إلى الشاي والتمر والقهوة والفواكه والعصائر والمياه، كما تتوفر في السفينة دورات مياه، وفي الطابق العلوي توجد جلسة عربية مكشوفة للاستمتاع برؤية السماء والنجوم في الليل.
وتصاحب مثل هذه الرحلات جلسات سمر وفنون شعبية وغيرها من وسائل الترفيه، كما تتاح فرصة السباحة والغوص لعشاق هذا النوع من الرياضات.
ومن معالم محافظة مسندم التاريخية حصن بخا الذي يتميز بالفن المعماري الذي يجمع بين القوة وفن العمارة وتعدد الخدمات، حيث يعتبر الحصن سكناً وحصناً للدفاع ومقراً للحكم في البلاد.
وينقسم إلى عدة أقسام، منها للإدارة وغرفة للسجن، كما يحتوي الحصن على برج دائري كبير، كما يمتاز البناء بفن النقوش العمانية القديمة على الجدران وعلى الأبواب والنوافذ الخشبية التي تعتبر فناً من الفنون الإبداعية الجميلة.
كذلك هو الحال في حصن خصب الذي يعتبر من الحصون القديمة الضاربة في القدم، حيث ثم بناؤه في القرن السابع عشر الميلادي.
وقد قامت الحكومة الرشيدة بترميمه على النمط المعماري العماني القديم على فترتين، الأول عام 1989م والثاني عام 2007م، حيث تم تجهيز الحصن وتأهيله ليكون متحفا ومعرضا دائما يشمل جميع المقتنيات العمانية والأدوات وتجسيد الحياة العمانية القديمة في مسندم.
كذلك توجد بالحصن جوانب من حياة القرية العمانية كالفرن الطيني والمطحنة اليدوية والبيت الصيفي، كما يتضمن الحصن مجلساً للنساء وغرفة تعليم القرآن الكريم، والطب التقليدي، وعروض للزي العماني التقليدي، وغرفة العروس.
وهذا جزء يسير من مكنونات محافظة مسندم التي تعتبر جوهرة السياحة العمانية.
muqbali@gmail.com