عبيدلي العبيدلي
من التعابير التي باتت تسيطر على أسواق الخدمات الإلكترونية هي "الحوسبة السحابية"، التي باتت تستحوذ على اهتمامات مؤسسات الإعلام، بالإضافة إلى الاستثمارات الناشئة. وهذا يعكس استجابة طبيعية للنمو المطرد الذي باتت تشهده أسواقها خلال السنوات الخمس الماضية. فوفقا لتوقعات شركة الأبحاث التقنية "فروست آند سوليڤان" المنشورة على الإنترنت فإنّ "حجم سوق الحوسبة السحابية في دول مجلس التعاون الخليجي عرفت نموا من 91.7 مليون دولار في العام 2013 إلى 118.5 مليون دولار بحلول نهاية العام 2014، أي بنسبة نمو قدرها 29 بالمائة، وذلك في ظلّ توقعات تقول إن حجم سوق الحوسبة السحابية العالمية سيصل حينها إلى أكثر من 125 مليار دولار بحلول نهاية العام 2014."
في الاتجاه ذاته، وبشكل مستقل، وعلى نحو مواز أيضا، وحول نفس الفترة تقريبا، توقعت شركة "فروست آند سوليڤان" وفقا لدراسات ميدانية "أن تسجّل سوق الحوسبة السحابية في منطقة الخليج نمواً قدره سبعة أضعاف، بنمو سنوي مركب نسبته 32.8 بالمائة لتصل إلى 668.5 مليون دولار بحلول العام 2020، مع تحرّك الشركات الإقليمية الكبيرة والصغيرة على السواء باتجاه نقل أنظمة التخزين المادي والنسخ الاحتياطي وشبكات الأمن والإدارة إلى السحابة".
وتحاول دراسة أجرتها الشركة العالمية المتخصصة في مجال استشارات الأعمال "بين آند كومباني" مؤخرا أنّ تلفت إلى "نمو عائدات مبيعات منتجات وخدمات الحوسبة السحابية من 20 مليار دولار في العام 2013، إلى 150 مليارا دولار بحلول العام 2020، وهو ما يمثل نحو 8% من حجم الإنفاق الكلي على تكنولوجيا المعلومات، وذلك بفضل اعتماد الشركات ذات معدلات النمو العالية على هذه التكنولوجيا وظهور جيل جديد من مديري تكنولوجيا المعلومات المهتمين بتطوير الأعمال".
وقبل ذلك وفي العام 2012، توقعت غارتنر "أن سوق الخدمات السحابية العامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شهدت نموًا بنسبة 15.3 بالمائة خلال العام 2012، لتصل قيمتها إلى 378.5 مليون دولار مقارنة مع 111 مليار دولار أمريكي على الصعيد العالمي".
لكن إحصاءات أخرى موثوقة كشفت أنّ حجم هذه السوق قد "تجاوز 1.9 تريليون دولار في العام 2013، متوقعة أن مجال الحوسبة السحابية تنمو سوقها للضعف بحلول 2014 لتصل نحو 3.8 تريليون دولا".
وتؤكد معظم التوقعات، ومن بينها تقرير صدر حديثاً عن شركة "ماركتس آند ماركتس"، أن "تحقق سوق خدمات البنية التحتية السحابية في الشرق الأوسط نمواً بأكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى 7.5 مليارات دولار بحلول العام 2021".
في اختصار شديد، ودون الحاجة إلى مطابقة الأرقام، هناك شبه إجماع على نمو ملحوظ في صناعة وسوق الحوسبة السحابية على المستوى الدولي، وإن انعكاسا مشابها سوف تشهده السوق الخليجية.
في السياق ذاته توقّع، رئيس وحدة قطاع الحوسبة السحابية لدى "مايكروسوفت" حيدر سلوم، "أن يتراوح حجم الإنفاق على خدمات الحوسبة السحابية، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من 3 إلى 4 مليارات دولار بحلول 2020."
تؤكد مثل هذ الاتجاه على صعيد النمو تقرير صادر عن مؤسسة "غارتنر للأبحاث"، إذ تتوقع غارتنر "ارتفاع إجمالي الإنفاق على خدمات الحوسبة السحابية العامّة خلال عام 2018 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 1.5 مليار دولار مقارنة بـ 727 مليون دولار المقدّرة في عام 2014."
وكما يشير الكثير من الدراسات، فمن المتوقع أن تستحوذ الحوسبة السحابية على الأولوية في اهتمامات نسبة عالية من الرؤساء التنفيذيين في العديد من دول مجلس التعاون، من بينها المملكة العربية السعودية. وقد كشفت "نتائج مسح قامت به شركة IDC حول سلوك الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات 2014 أنّ 34% من الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات في المملكة يرون أنّ الحوسبة السحابية الخاصة، إلى غيرها من تقنيات المعلومات الناشئة، سيكون لها أكبر تأثير على استراتيجية الاتصالات وتقنية المعلومات. "
يلخص المدير التنفيذي لشركة "ايفولف" فهد واقع ومستقبل الحوسبة السحابية في منطقة الشرق الأوسط بالمقارنة مع المناطق الأخرى، بالقول "أن سوق الخدمات السحابية في الشرق الأوسط لاتزال غير ناضجة، (مضيفا)، رغم ذلك، لكن مع تحول قطاع تقنيات الاتصال من المنشآت التقليدية إلى التقنيات السحابية، باتت هناك تطلعات كبيرة تجاه مستقبل حجم سوق الحوسبة السحابية وسرعة نموها في المنطقة."
ويرجع البعض هذا النمو الذي شهدته الحوسبة السحابية، والمتوقع لها أن تعرفه خلال السنوات الخمس المقبلة إلى شركة أمازون الأمريكية، التي انطقت في مطلع حياتها كمخزن إلكتروني لترويج وبيع الكتب، ثم طورت ذلك في نقلة نوعية عندما شرعت في توفير " خدمات الحوسبة السحابية حين أطلقت في العام 2006 خوادم الويب الخاصة بـ(أمازون)، (Amazon Web Services)". ثم تبعتها شركة "غوغل في العام 2007، عندما "ظهرت تطبيقات غوغل السحابية عبر بريد غوغل وتقويمه ومستنداته وبقية حزمة التطبيقات". وشكل العام 2008 عالمة فارقة في تاريخ الحوسبة السحابة عندما "ظهر برنامج نيبولا (OpenNebula) الذي كان أول برنامج مجاني يسمح للشركات الراغبة بتقديم خدمات السحب الخاصة والهجينة عبر الحوسبة السحابية، وكان له أثر كبير في مسيرة وتطور خدمات السحب الإلكترونية".
وشأنها شأن الخدمات الأخرى التي ولدتها صناعة الإنترنت، "هناك اختلافات ونقاشات كثيرة حول مفهوم الحوسبة السحابية، فكثير من الناس يعتقدون أن "الحوسبة السحابية هي مجموعة من التقنيات الشائعة التي تشكل البيئة السحابية". لكن هذه التقنيات عند الحديث عن جوهر السحابة تتمحور حول آليات وحزم وقنوات نقل الخدمات الإلكترونية من سطح المكتب المحدود جغرافيا وزمنيا، إلى الفضاء الافتراضي الذي شيدته الإنترنت. ومن ثم فهي، إي الحوسبة السحابية، "عبارة عن مجموعة من الخدمات التي تقدم من مزود الخدمة إلى عميل أو عدة عملاء أو لجمهور من العملاء عبر الإنترنت بهدف استغلال قدرات وإمكانيات مزود الخدمة الفائقة دون الحاجة إلى شراء أجهزة باهظة الثمن في الشركة للقيام بنفس المهام".