المُستهلِك .. خط الدفاع الأول

 

سيف بن سالم المعمري

تابعت باهتمام بالغ حالات الانزعاج الشديدة من قبل المُستهلكين في السلطنة مطلع الأسبوع الماضي بسبب شح بعض المنتجات في سوق الموالح المركزي من أصناف مُتعددة من الخضار والفاكهة وارتفاع أسعارها إلى أرقام قياسية مع زيادة الطلب عليها وقلة المعروض منها والتي تزامنت مع دخول شهر رمضان المُبارك، رغم  تأكيد إدارة السوق باستعدادها لتوفير أكثر من 28 ألف طن لمُختلف الأصناف التي يتزايد الإقبال عليها في الشهر الفضيل، مع تنسيق إدارة السوق مع مختلف الشركات العاملة لمُضاعفة وتكثيف الاستيراد المُباشر عبر موانئ السلطنة ومطار مسقط الدولي من بلدان المنشأ مثل الأردن، لبنان، إيران، جنوب أفريقيا، مصر، وزيادة أعداد الشحنات الواردة إلى السوق بما يُلبي احتياجات المستهلك المحلي مع التأكيد على جودة البضائع القادمة وسلامتها، وسرعة إنجاز الإجراءات اللازمة بكل سهولة ويسر، مع الحرص الدائم على سلامة الأغذية والمنتجات وخلوها من مُتبقيات المبيدات.

ورغم أنَّ الإقبال على الخضار والفاكهة يتزايد في كل عام مع دخول الشهر الفضيل وأن الأسعار تشهد ارتفاعات طفيفة عن بقية أيام العام، ورغم أن شحنات الخضار والفاكهة تتدفق على جميع الأسواق في سائر محافظات السلطنة عن طريق سوق الموالح المركزي، وعن طريق أسواق دول الجوار، إلا أن الإجراءات الأخيرة تطلبت التشديد على وجود شهادات صحية موثقة بخلو مختلف الأصناف الزراعية من مُتبقيات المبيدات ضماناً لسلامة المستهلك المحلي، ومطالبات المستهلكين في السلطنة للجهات المختصة بتشديد الرقابة والإجراءات ضد موردي المنتجات الزراعية، والذي كثر الحديث عنه والسخط غير المسبوق من قبل المستهلكين في السلطنة مع قيام عدد من دول الجوار بوقف استيراد بعض المنتجات الزراعية العمانية؛ لعدم مطابقاتها للاشتراطات الصحية وارتفاع نسبة متبقيات المبيدات عن النسب المسموح بها في تلك الدولة، رغم نفي السلطنة القطعي لذلك، مما دفع التجار المحليين للاعتماد الكلي على الشحنات المباشرة الموثقة بالشهادات الصحية وخلوها من مُتبقيات المبيدات التي تصل إلى السلطنة عبر موانئنا ومطار مسقط الدولي.

إنَّ حالات تشديد الرقابة على المنتجات الزراعية القادمة إلى أسواق السلطنة، كانت بحاجة إلى جهود من قبل عدد من الجهات المختصة لتهيئة الموردين والتجار والمستهلكين قبل وقت كاف من بداية التطبيق، وإن كانت ليست بالجديدة كلياً ولكنها خطوة نوعية تطلبت وجود تهيئة مسبقة، فضلاً عن ذلك فإنَّ حالات الشح غير المسبوقة في عدد من الأصناف في سوق الموالح المركزي والذي حدث بالفعل خلال الأسبوع الماضي، وكان يتطلب تشديد الرقابة من قبل إدارة السوق والهيئة العامة لحماية المستهلك والجهات ذات العلاقة لضمان استقرار الأسعار وعدم استغلال حاجة المستهلكين مع بداية الشهر الفضيل لعددٍ من أصناف الخضار والفاكهة والتي تجاوزت حد الزيادة فيها بنسبة تزيد عن 70% في معظم الأصناف، مما يعني أن حالة الاحتكار ورفع الأسعار حدثت بالفعل على مرأى ومسمع المعنيين في إدارة السوق والجهات المختصة وتبرير التجار لارتفاع الأسعار بزيادة الطلب وقلة المعروض.

فتوقيت تطبيق تزويد جميع أسواقنا المحلية عن طريق الاستيراد المباشر  من دول المنشأ غير ملائم، وكان يتطلب حماية المستهلكين من جشع بعض التجار وتشديد الرقابة عليهم وضبط مخالفاتهم، فضلاً عن ذلك كشفت تلك الإجراءات وجود ضعف في البيانات الإحصائية لحجم الاستهلاك المحلي من الخضار والفاكهة، مما ساهم في ربكة في استيراد تلك الأصناف من بلد المنشأ إلى سوق الموالح المركزي بالكميات التي تتلاءم مع حجم الطلب والاستهلاك المحلي منها.

لذا أصبح من الأهمية البالغة أن تقوم الجهات المختصة في السلطنة ببناء قاعدة بيانات نوعية عن حجم الاستهلاك المحلي من مختلف المواد الغذائية وحتى الكمالية، وتنظيم الاستيراد من الدول الشقيقة والصديقة، ووجود بدائل في حال حدوث أي معوقات في إجراءات الاستيراد من كل تلك الدول، والسلطنة لديها علاقات صداقة متميزة يمكن أن تستفيد منها في عقد اتفاقيات للاستيراد من خلال رفد السوق المحلي بخيارات متعددة وبأسعار منافسة، وكذلك حظوتها بإعادة التصدير إلى أسواق دول الجوار.

وفي الجانب الآخر فإنَّ أي إجراءات تقوم بها الجهات المختصة في السلطنة لكبح وتنظيم استقرار الأسعار في أسواقنا المحلية، فإن ذلك لن يتحقق بما يرضي المستهلك إلا إذا تعاون الجميع وتفهم المصلحة العامة سواء أكانوا موردين أو تجاراً وحتى المستهلكين، بل إن المستهلك يعول عليه الدور الأكبر في التعاون مع الهيئة العامة لحماية المستهلك وغيرها من الجهات، من خلال الإبلاغ الفوري عن ما يلمسه من مبالغات غير موضوعية في الأسعار، وردع النهم الذاتي لشراء ما لمس فيه المستهلك زيادة مبالغ فيها بالأسعار، والتي قد يستغلها بعض التجار لكثرة الإقبال على صنف معين من قبل المستهلكين، والذين اعتاد الكثير منهم إيهام المستهلكين بوجود مسببات موضوعية لرفع الأسعار، لذا فالمستهلك هو خط الدفاع الأول لحماية نفسه من استغلال بعض التجار له برفع الأسعار.       

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت ،،،

 

Saif5900@gmail.com