مدينة للصناعات الحرفية

 

 

راشد البلوشي

 

حُوار أجريته مع إحدى الحرفيات العُمانيات من خلال عملي في مجال الصحافة؛ من أجل إبراز هذه الشريحة من المجتمع، عبر جريدتي الغرَّاء التي منحتي مساحة من صفحاتها، رأيتُ فيها شعلةً من الطموح والعزيمة والإرادة، وكيف أحبَّت صنعتها.. حدَّثتني عن طفولتها، ومراحل حياتها التعليمية، عن عشقها لمادة التربية الفنية في المدرسة، عن أنامل يدها حين تنقش على القطع الفضية، وفضاءات نجاحاتها، تركتُ لها الوقتَ لتعبر عمَّا بداخلها، مستمعا إلى حديثها: "أعشق مادة التربية الفنية، وأسعى إلى أنْ أكون موجودة في كل عمل فني أو ورشة عمل في المدرسة؛ للاستفادة من مُعلماتي والطلاب المتميزين في التربية الفنية. حصلتُ على الدبلوم العام، كان أُمنيتي أن أحقِّق حُلم والدي العزيز لتكملة دراستي الجامعية (دكتورة)، لكن للأسف لم يُحالفني الحظ في ذلك، بسبب نظام التعليم الذي تغيَّر لنظام القبول الموحد الإلكتروني، لم تكن عندي الدراية والمعرفة بآلية إدخال البيانات في النظام".

رُبما كان ذلك مُنعطفا إلى عالم الصناعات الحرفية الذي نَجَحت فيه بامتياز؛ فالطموح والعزيمة أوصلاها لتصبح ضمن قائمة المبدعين في فن النقش على الفضيات في السلطنة تفوز بعدد من الجوائز المحلية والدولية.

استلهمتُ من حديثها القدرة والرغبة والإصرار على مواصلة العمل للوصول لهرم النجاح، لديها أفكار يمكن الاستفادة منها إذا ما أخذ بها وتم تفعيلها، تحلم بأنْ تكون معيدة في كلية الأجيال لتعطي الجيل القادم ما اكتسبته من مهنتها، لِمَ لا، وقد شقَّت طريقها إلى النجاح.

هناك عددٌ كبيرٌ من أصحاب الصناعات الحرفية المنتشرين على أرض بلادنا العزيزة، وقد فُتِحت لهم مراكز تدريبية وتأهيلية، فأصبحت لهذه الصناعات أيادٍ عمانية استطاعت أن تُعيد الماضي التليد إلى الحاضر، وتقدِّمه إلى العالم الخارجي من خلال المعارض والفعاليات.

الإحصائيات تؤكد أنَّ عدد الحرفيين العمانيين في السلطنة بلغ 19576 من الذكور والإناث، وفق إحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، الذين شقوا طريقهم إلى عالم الصناعات الحرفية، وبما أنَّ هناك يومًا من كل عام للحرفي العُماني تحتفل به السلطنة، فلماذا لا تكون هناك مدينة صناعية تُعْنَى بصناعات الحرفية، ويكون مقرها محافظة مسقط، تضم جميع الحرفيين، يُديرها القطاع الخاص ليتمكن الحرفي العمُاني من ممارسة حرفته من خلال هذه المدينة، ويتم الترويج لها وفق برامج وخطط، وتكون شراكة مجتمعية بين القطاع الخاص والحرفيين العُمانيين. وبهذا؛ نكون قد حافظنا على الصناعات الحرفية العمانية على مدار السنين... حفظ الله عُمان وقائدها المفدى.

Almeen2009@hotmail.com