المسؤول والإعلام

راشد البلوشي

تُعدُّ وَسَائل التواصل الاجتماعي نقلةً نوعيةً في عالم الإعلام الإلكتروني في إيصال المعلومة والخبر إلى القارئ أو المتابع؛ فتصريحُ المسؤول لم يعُد حِكْرًا على الإعلام الرَّسمي، ولم يقتصر إجراء الحوارات والمقابلات في وسائل الإعلام -المقروءة والمرئية والمسموعة- على التليفزيون الرسمي أو الإذاعة أو بقية القنوات.

فهذه الوسائل لم تعُد أكثر مُتابعة من قِبَل الجمهور، بمقدار ما هو مُتابع للمقاطع الصوتية والفيديوهات التي تُبث عبر قنوات التواصل الاجتماعي، أو ما يُطلق عليه المجموعات الواتسابية، فأصبح هؤلاء يتربَّصون بالمسؤول الحكومي خلال حُضوره المؤتمرات والندوات التي تقام على أرض السلطنة، أو في مناسبات وطنية.. وبالتالي على المسؤول الاستعداد لمواجهة جمهور التواصل الاجتماعي، أو إعلام التواصل الاجتماعي، كما يستعد للإعلام الرسمي.

ومن هذا المنطلق، قامتْ الحكومة بإعداد دورات تدريبية للقيادات العليا في كيفية التعامل مع الإعلام بشتى أنواعه، في أيِّ لحظة يجد نفسه محاطًا بهم وفي أي مناسبة.

لقد ظَهَر في الآونة الأخيرة ناشطون في السوشيال ميديا، لهم بَصْمَة لدى الجميع بمهاراتهم الإعلامية، إضافة إلى وُجُوْد كوادر شابة مُتخصِّصة في هذا الجانب، استطاعتْ أنْ تُوْصِل كلمة المسؤول إلى المواطن؛ من خلال المقابلات الشخصية عبر مقاطع الفيديو؛ نظرا لما يمتلكه من جرأة في الطرح وأسلوب إعلامي متخصص، أوْجَد له قاعدة جماهيرية عبر قناته أو مجموعة التواصل الاجتماعي.

اليوم.. نحن أمام طَفْرَة إعلامية مُختلفة عمَّا كانتْ عليه وسائل الإعلام من قبل، كُنَّا لا نرى ظهورَ المسؤول إلا في المناسبات الرسمية، وقد يغِيْب عن الظهور نظرًا لعدم استعداده مُسبقا، لكن اليوم، أصبح عليه مواجهة الواقع لمعايشة ومسايرة كل ما هو جديد للتواصل مع المجتمع؛ فالمرحلة المقبلة لا نستبعد أن يكون المواطن صحفيًّا يحمل كاميرته عبر هاتفه، ويرصد كل قضايا المجتمع، يَطْرَح رؤيته أمام الرأي العام، ويحمل قضية مجتمعية أمام الحكومة في أقل جزء من الثانية؛ فمادته لا تحتاج إلى مراجعة لغوية، ولا مقص الرقيب، كما لا تنتظر موافقة المسؤول على نشر المادة.. المواطن هو المسؤول عن كل ما ينشره وما يغرِّد به، ويتحمل تبعاته.

ومن خلال هذا، تبادرت إلى ذهني مجموعة تساؤلات؛ منها: هل استعدَّت وزارة الإعلام لمواجهة مثل هذه النقلة الإعلامية، وإضافة بعض المواد في قانون المطبوعات والنشر الجديد، الذي لم يرَ النور بَعْد؟ وهل ستُعيد مراجعة تلك المواد المعنيَّة بما يتناسب مع ما يُنشر عبر التواصل الاجتماعي؟ وهل ستُلزم "الواتسابيون" بحَمْل بطاقة إعلامية أو تصريح لممارسة الأعمال الصحفية أو الإعلامية؟ كيف ستستطيع أنْ تتحكَّم في الملايين مِمَّن يُمارسون هذه المهنة؟

فما نُشَاهده هذه الأيام من مُؤتمرات وندوات وأحداث تجري هنا وهناك على أرض بلادنا الحبيبة، وتصل إلينا عبر التواصل الاجتماعي، هو خير دليل على سرعة وصول الخبر والمعلومة عبر وسائل التقنية الحديثة أكثر من القنوات الرسمية.. لذا فهي ظاهرة تستحق الانتباه والدراسة.

almeen2009@hotmail.com