معاق بلا مواقف!!

 

حيدر اللواتي

أخواني وأحبتي أسعد الله أوقاتكم بكل خير، اليوم أرغب أن أناقش معكم موضوعاً مهماً جداً، وللأسف الشديد كثير منِّا لم يلتفت إلى هذا الموضوع بشيء ألا وهو المواقف المُخصصة لذوي الإعاقة.

رغم وضوح لوحة "موقف خاص للمعاقين" والأهداف التي وضعت لأجلها، إلا أنّها لم تعد تعني للبعض شيئاً يُذكر، فما أن يرى موقفاً شاغرا حتى يسارع لإيقاف مركبته، مع علمه بعدم قانونية تصرفه؛ مما يُدل على إهمال مرتكب هذا التصرف غير الإنساني، أو غياب الوعي حول أهمية الالتزام بقوانين وأنظمة المرور، وقد يكون غياب الصرامة من قبل الجهة المخوّلة لمُعاقبة هؤلاء سبباً رئيساً لتعديهم على المواقف المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة.

ارتياح تام يسري داخل الفرد من ذوي الاحتياجات الخاصة تجاه إنسانيته الكاملة حينما يرى احترام الأصحاء له، حيث يشعر بمعنى اندماج المعوقين مع غيرهم بتنسيق متساوٍ وحر، دون تمييز؛ مما يُحقق في ذاته التكافؤ مع بقية المُجتمع، وهذا الشعور مطلبٌ يحتاج إليه كل مُعاق والعكس من ذلك سيشعر بأضرارٍ عدّة أولها الألم النفسي الذي ينتابه، والإحساس بالتهميش ورفض قبوله من المجتمع، إضافة إلى الأضرار الجسدية التي قد تُصيبه جراء عدم تجهيز الأماكن بما يتناسب مع وضعه الصحي.

يجب أن تكون هناك غرامات صارمة إلى جانب عدم تهاون رجال المرور مع المُخالفين الذين يركنون مركباتهم في المواقف المخصصة للمعاقين، وادعو إلى تطبيق غرامات صارمة كما هو معمول به في الكثير من الدول؛ حيث نرى ظاهرةّ وقوف الأصحاء في مواقف مخصصة للمعاقين سواء في المجمعات التجارية أو الجهات الحكومية زاد عن حده؛ مما يدل على غياب ثقافة البعض وتساهله أو اللامبالاة وعدم احترام المُعاق.

وقد زرت كثيراً من دول العالم، ورأيت بعيني أنّ ثمة مخاطر يتعرض لها المُعاق في حال لم يجد موقفاً خاصاً به قريباً من المكان الذي يُريد الذهاب إليه ، إذ كادت أن تدهسه سيارة مسرعة، والسبب أنّه اضطر لإيقاف سيارته بعيداً لأنّ أحدهم استولى على المواقف المخصصة لأمثاله.

من الضروري أن تحمل سيارة ذوي الاحتياجات الخاصة ملصقاً يدل على كون صاحبها من هذه الفئة، وذلك حتى يسهل على رجال المرور سحب أو رصد المخالفات لكل من تسول له نفسه إيقاف سيارته في الأماكن المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة.

ومن الضرورة أن تكون هناك حملات توعوية لكافة شرائح المجتمع، تهدف إلى رفع مستوى الوعي حول حقوق المعاق وأهمية احترامها، مبيناً أنّ من لا يحترم مواقف المعوقين يضاعف الجهد الذي يبذلونه أثناء نقل ما يحملونه، وربما يتعرضون لمخاطر أثناء عبور الطريق أو المشي بين مسارات مواقف السيارات، إذ قد يصطدم بهم من لم يستطع رؤية الكرسي المتحرك.

والحق يقال إنك إذا أخذت مكانه خذ إعاقته.. يفترض أن نقف مع المعاق لا أن نكون عقبة في طريقه.

فمن حقوق المعوق الأساسية توفير المناخ الذي يساعده على تذليل المصاعب، وتسهيل المواصلات وتبني مشروعات تمكنهم من المرور إلى الأماكن المراد الوصول إليها، والجهة التي لا توفر مواقف لهذه الفئة هي تبني حاجزًا ليعيق ذوي الاحتياجات الخاصة من الوصول إليها، وبما أنّ ذوي الإعاقة الجسدية أكبر أقلِّية في العالم فهم بحاجة إلى إزالة الحواجز التي تُقابلهم أثناء مراجعة الدوائر الحكومية، والقطاعات الخاصة، والتسوق، والتنزه، والسياحة، حتى يشعروا أنّهم ضمن أفراد المجتمع.

ومن المهم أن تحث الإدارة العامة للمرور منسوبيها على التَّشدد في تسجيل المخالفات على من يقف في المواقف الخاصة للمعوقين، تجاه بعض الأصحاء في المواقف المخصصة للمعوقين والناجم عن قلّة وعي وانعدام للثقافة، وذلك ما دفعهم إلى هذا السلوك، بالإضافة إلى عدم وجود عقوبة تحد من تصرفهم، حيث ينظر بعض الأصحاء إلى هذه المواقف أنّها متاحة للجميع وقريبة من الجهة المقصودة.

وأتمنى أن يكون هناك تعاوناً من جميع أفراد المجتمع في حفظ حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ويؤدي الجميع واجبه في العمل للوصول إلى المجتمع برمته، دون حواجز؛ حيث نمد يد العون لإخوة لنا ابتلاهم الله -عزّ وجلّ- بإعاقة، منعتهم من تأدية بعض الأعمال بالطريقة التي يؤديها غيرهم، وأن نساهم في تحطيم القيود، وإزالة الحواجز التي تقف عقبةً أمام كل معاق يتطلع إلى العيش مع مجتمعه، ليستشعر بمعنى المساواة مع غيره من الأصحاء.